يرفض ​حزب الله​ الرد على المواقف الأخيرة لوزير الخارجية ​جبران باسيل​ وبالتحديد تلك التي تحدث فيها عن أن الحزب "يتخذ في الموضوع الداخلي قرارات لا تخدم الدولة ويجعل ​لبنان​ يدفع الثمن". فهو اصلا لم يرد على المواقف التي صدرت عنه بخصوص ​اسرائيل​، ولم يجد نفسه معنيا باصدار بيان الا للتضامن مع رئيس المجلس النيابي ​نبيه بري​ بعد تسريب الفيديو الأخير لرئيس "​التيار الوطني الحر​" الذي وصفه فيه بـ"البلطجي". فكما بات معلوما يضع حزب الله علاقته مع حركة "أمل" ووحدة الصف الشيعي أولوية أولوياته الى جانب حرصه على استقرار الوضع الأمني الداخلي، أما التعاطي مع ما تبقى من ملفات فيتم بمعظم الأحيان بعيدا عن الأضواء من خلال التزام سياسة الصمت المطبق التي جدد مؤخرا تعميمها على نوابه وقيادييه.

الا أن مصادر مقربة من الحزب لا تتردد بالحديث عن "علامات استفهام كثيرة ترتسم لدى حزب الله" نتيجة المواقف المتتالية لوزير الخارجية والتي بدأت بالقول ان لا خلاف ايديولوجي مع اسرائيل ومرت بالسجال على خلفية فيلم the post ووصلت الأسبوع الماضي الى فتح مواجهة مباشرة مع بري لتختتم قبل أيام بحديثه الذي ينتقد فيه آداء حزب الله الداخلي، لافتة الى ان "تسلسل المواقف وصدورها في فترة زمنية لا تتعدى الشهر أدّت لجراح متعددة أصابت تفاهم التيار والحزب خاصة بعدما انزلق قسم كبير من جمهوري الطرفين الى سجالات أخذت أبعادا غير مسبوقة على وسائل التواصل الاجتماعي". واضافت: "لكنها برأينا جراح غير بليغة ويمكن معالجتها خاصة وان لا نية أقله من طرف الحزب بالسماح بأن يكون لهذه المواقف تداعياتها على العلاقة الاستراتيجية مع التيار الوطني الحر".

وتكشف المصادر عن "توجه حزب الله للتواصل مع الوزير باسيل للاستفسار عن خلفية المواقف الأخيرة التي أطلقها وخاصة تلك المتعلقة بانتقاد آدائه الداخلي، خاصة واننا نعلم تماما ان لدى التيار وجهة نظر مختلفة للكثير من الأمور والملفات الداخلية، لكن ما فاجأنا قوله ان قرارات الحزب تجعل لبنان يدفع الثمن، وهذا كلام غير مسبوق لم نسمعه لا بالاجتماعات الداخلية وبالتأكيد ليس بالعلن".

وان كان البعض بدأ يتحدث عن سياسة جديدة ينتهجها رئيس "الوطني الحر" تمهيدا للاصطفافات المقبلة بعد الانتخابات النيابية والتي يرجح ان يكون التيار فيها الى جانب "المستقبل" بحلف استراتيجي ما يدفعه للابتعاد ولو لمسافة محدودة عن حزب الله، ترفض المصادر المقربة من الحزب التعامل مع فرضيات مماثلة، جازمة بأنّها "لن تتخذ اي موقف من الوزير باسيل قبل الاستفسار منه عن خلفيات كلامه وحركته". وتضيف: "نحن لا شك نستغرب كل ما حصل في الآونة الأخيرة ونستبعد ان تكون مواقفه بخلفية انتخابية لجهة السعي لضمان فوزه بمقعد نيابي في البترون، لأن الفوز بهذا المقعد معتمدا على سياسة مماثلة من شأنه أن يهدد مقاعد نيابية كثيرة للتيار في مناطق مختلفة".

ولا يزال الحزب يتعاطى مع رئيس الجمهورية العماد ​ميشال عون​ كمرجعية حين يتعلق الأمر بالعلاقة مع "التيار الوطني الحر" وان كان يعي تماما ان بات لديه مسؤوليات كبيرة تفوق كثيرا المسؤوليات الحزبية ما دفعه لتسليم موقع رئاسة الحزب مسبقا لصهره. اذ تؤكد المصادر ان "حزب الله مطمئن تماما لثبات ومتانة تفاهم مار مخايل طالما الرئيس عون هو بالنهاية المرجعية الاساس، وان كان لا يريد أن يظلم الوزير باسيل أو يحكم على أقواله مسبقا خاصة وأنّه لم ينس بعد مواقفه الكبيرة التي أعلنها من على المنابر العربية تضامنا مع ​فلسطين​ والمقاومة".

بالمحصلة، يبدو واضحا ان العلاقة بين حزب الله و"التيار الوطني الحر" تمر بمرحلة أكثر من دقيقة تستلزم الاستنفار من قبل الطرفين لمعالجة أسباب التدهور الحاصل، قبل أن تكبر كرة التراكمات فتطيح بكل ما حولها.