تعاظمت أهمية زيارة وزير الخارجية الأميركي ​ريكس تيلرسون​ الى ​لبنان​ بسبب تزامنها مع ارتفاع نسبة التوتر في المنطقة بين ​اسرائيل​ ولبنان على أكثر من صعيد، فمن جهة تأتي خطة بناء ​الجدار الفاصل​ والذي كان للبنان موقفه الواضح منه، والتعدّي "الكلامي" على حقوق لبنان النفطية في البلوك رقم 9 من جهة ثانية، فما هي أسباب ونتائج زيارة تيلرسون.

جاء وزير الخارجيّة الاميركي إلى لبنان لبحث عنوانين أساسيين بحسب المحلل السياسي الزميل ​ماهر الخطيب​، الأول أزمة الحدود البرية والبحرية مع الجانب الإسرائيلي، خصوصاً ما يتعلق بإستخراج ​النفط والغاز​ من البلوك رقم 9 البحري، والثاني ملف سلاح "​حزب الله​" ضمن سعي واشنطن إلى إستمرار عملية محاصرته مالياً وسياسياً.

ويضيف الخطيب في حديث لـ"النشرة": "من خلال ما طرحه تيلرسون خلال هذه الزيارة وقبل ذلك في ​الأردن​ ضمن جولته على المنطقة، يظهر أن الهدف الأساس هو العنوان الأول، فهو دعا من عمان إلى الاعتراف بأن "حزب الله"، الذي تعتبره الولايات المتحدة تنظيما إرهابيا، كجزء من العملية السياسية في لبنان، على عكس ما قاله في بيروت حين أصرّ على وصم حزب الله ب​الإرهاب​، وعلى أن بلاده لا تفرق بين الجناحين العسكري والسياسي، مشيرا الى انه إنطلاقاً من ذلك، تطرح الكثير من علامات الإستفهام حول قدرة واشنطن على أن تكون وسيطاً محايداً، بالنسبة إلى الأزمة مع تل أبيب حول الحدود البرية والبحرية، فيما يتعلق بالجدار الفاصل وإستخراج النفط والغاز من البلوك 9، خصوصاً أن هذه الأزمة قد تؤدي إلى نشوب حرب بين الجانبين. ويشير الخطيب الى أن ما تبين من أجواء الزيارة أن الموقف اللبناني كان حاسماً لناحية رفض الرضوخ إلى المطالب الأميركية غير المنطقية، التي تتمثل بالقبول بخط هوف، الذي يحرم لبنان من جزء مهم من مياهه الإقليمية.

بالإضافة إلى ذلك، يشير الخطيب الى أن الجانب اللبناني بحث خلال اللقاءات التي عقدت مع تيلرسون أزمة النازحين السوريين الضاغطة على مختلف المستويات، عبر المطالبة بوضع برنامج لتأمين عودة هؤلاء إلى بلادهم، لافتا النظر الى أن الرد الأميركي لا يبشّر بالخير، لناحية الدعوة إلى التنسيق مع ​الأمم المتحدة​ والبلدان المانحة كي يصار إلى تأمين عودتهم بشكل تدريجي على المدى المتوسط.

من جهته يرى المحلل السياسي ​نبيل بو منصف​ أن أسباب الزيارة واضحة فهي تأتي ضمن جولة أميركية على المنطقة لتصويب الوجود الأميركي وشرح التوجهات الاميركية الجديدة، مشيرا الى أنه من الخطأ التفكير بأن لبنان عاد أولوية أميركيّة. ويضيف بو منصف في حديث لـ"النشرة": "لا يريد الأميركي تدهور الوضع في لبنان كي لا يؤثر الأمر على سياستهم في المنطقة الا أننا لن نكون أقرب لأميركا من اسرائيل".

ويقول بو منصف: "تبلّغ تيلرسون بالموقف اللبناني بما يتعلق بملفي الجدار والنفط قبل زيارته الى لبنان، ونحن لا نشتكي من مسألة الحزم بالقرار اللبناني الذي يجب ان يكون حازما، ولكن الأهم هو كيف نوظّف حقّنا الطبيعي بإقناع اميركا بالضغط على اسرائيل كي لا تعتدي على حقوقنا".

بالمقابل، يتوقف بو منصف عند الطريقة التي تمّ بها استقبال تيلرسون، مشددا على أنه لا يمكن توجيه الإهانة الدبلوماسية للضيف ومن ثم القول أن شيئا لم يحدث. ويقول: "رئيس جمهوريتنا لا ينتظر ضيفه وهذا أمر محسوم، وإن وصل الضيف مبكرا فيجب أن ينتظر رئيس الجمهورية، ولكن من غير المقبول أن يتذرّع وزير خارجيتنا بأزمة السير وألاّ يكون باستقبال وزير الخارجية الاميركي في القصر"، سائلا: "هل أصبحنا بغنى عن ​الولايات المتحدة الأميركية​"؟.

ويلفت بو منصف الى أن أميركا المنحازة الى اسرائيل لن تصبح منحازة الى لبنان ولكن هذا لا يعني اهانتها بهذه الطريقة، فالدبلوماسيّة الذكية تكون بعدم معاداة أحد، مؤكدا أن "ما حصل كان مقصودا".

تبلّغ وزير خارجية أميركا الموقف اللبناني الحازم بما يتعلق بحقوقه في الأرض والبحر والنفط، ولكن هل تساهم أميركا في منع توتير أوضاع المنطقة، ام أن المظلة الدولية لحماية لبنان انتهت؟.