قام رئيس ​كازاخستان​ نور سلطان نازارباييف بزيارة رسمية الى ​الولايات المتحدة​ في كانون الثاني الماضي، وعقد اجتماعاً مع الرئيس الاميركي ​دونالد ترامب​، كما القى خطاباً خلال اجتماع ل​مجلس الامن الدولي​ حول عدم انتشار اسلحة الدمار الشامل. الا ان اللافت للنظر في زيارة نزارباييف للولايات المتحدة انه اول رئيس من قادة آسيا الوسطى يقوم بزيارة ​البيت الأبيض​، وكازاخستان هي أول بلد في المنطقة يصبح رئيسا ل​مجلس الأمن الدولي​. كما ان كازاخستان وقعت مع الولايات المتحدة اتفاقا بشأن شراكة استراتيجية موسعة.

واكد ترامب ان كازاخستان شريك ثمين للغاية نظرا لمكانتها القيادية في المنطقة وحفظ السلام بشكل عام. وقال ان الولايات المتحدة تطمح الى اقامة شراكة قوية ومزدهرة مع من "يحترمون جيرانهم ويتحكمون في مصيرهم". وإنني أتطلع إلى رؤية هذا التقدم الهائل الذي حققه شعب كازاخستان. نريد أن يكون لكازاخستان مستقبل جيد وسيادي ومزدهر، ونتمنى نفس الشيء لجميع الشعوب المحبة للسلام في العالم، للجميع.

وقد تناول نازارباييف خلال الاجتماع الثنائي المسائل المتعلقة بالتدابير الرامية إلى حل الصراع في ​أفغانستان​ والوضع مع ​كوريا الشمالية​. واعتبر ان "مشكلة كوريا الشمالية لا يمكن حلها الا بالاشتراك مع الولايات المتحدة و​الصين​ و​روسيا​". ولذلك فاننا نحن جيران روسيا مهتمون بطبيعة الحال بالعلاقات السياسية بين الولايات المتحدة وروسيا التي "ذهبت نحو الصفر". وإذا أخذنا في الاعتبار الدور الواسع الذي تضطلع به كازاخستان في مجال الوساطة الذي لعبته منذ عامين في المصالحة بين روسيا وتركيا، والقول الاساسي للزعيم الكازاخستاني: "أولا الاقتصاد، ثم السياسة -"، تصبح هذه التصريحات مناسبة للتفكير بجدية.

وفي السياق، اعتبر العديد من المحللين ان زيارة الزعيم الكازاخي للولايات المتحدة كانت لها ايضا مهمة لحفظ السلام. ومن وجهة نظر اقتصادية، يمكن اعتبار زيارة نزارباييف ناجحة جدا. ونتيجة لذلك، أبرمت كازاخستان أكثر من 20 عقداً مع ممثلي الشركات الأميركية الكبرى بلغ مجموعه أكثر من 7 بلايين دولار. وتتناول الاتفاقيات مختلف القطاعات من الزراعة والطاقة إلى السكك الحديدية والطيران والفضاء. وقد حظيت زيارة الزعيم الكازاخستاني للولايات المتحدة بتقدير كبير من الخبراء الغربيين . لذلك قال مدير مركز السياسة الخارجية لمؤسسة "التراث" لوك كوفي أنه بعد الزيارة، ارتقت العلاقات بين كازاخستان والولايات المتحدة إلى مستوى جديد.

وقال كوفي "ان كازاخستان شريك هام للولايات المتحدة فى اسيا الوسطى"، لدينا العديد من التجارب المشتركة، فضلا عن فرص مشتركة كافية. وآمل أن تكون هذه الزيارة هي الخطوة الأولى في العلاقات الطويلة الأمد بين كازاخستان والولايات المتحدة، وقد طرحت كازاخستان مؤخرا العديد من المبادرات الدبلوماسية. وهذا صحيح جدا. على سبيل المثال، يمكننا أن نلاحظ المحادثات في ​أستانا​ حول ​سوريا​، التي تلبي توقعاتنا.

اما مدير مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية دانييل روند شدد على انه واثق من أن الولايات المتحدة تطمح أن تعمق علاقاتها التجارية والاقتصادية مع كازاخستان وزيادة الاستثمار. وقال "اننا نعرف ان السلطات الكازاخستانية تعتبر ذلك اولوية"، وألاحظ أنه قد تشكل في كازاخستان مجتمع حديث. بل إنني أقول إن هذه واحدة من أكثر دول العالم تعليما وصحة وثراء.

ومن على منصة مجلس الأمن الدولي، قدم نزارباييف تقرير عن: "عدم انتشار أسلحة الدمار الشامل: تدابير بناء الثقة". وكازاخستان، في الواقع، تجسد المثال الابرز على نزع السلاح الطوعي الممكن. وقال نازارباييف "منذ ربع قرن قطعت بلادي شوطا سريعا في منظومة الأمم المتحدة من صاحب اكبر رابع ترسانة نووية في العالم إلى بلد رائد في مجال حظر انتشار أسلحة الدمار الشامل على الصعيد العالمي، أغلقنا أكبر موقع للتجارب النووية في العالم في سيميبالاتينسك. واليوم، فإن كازاخستان شريك في جميع المعاهدات الدولية الأساسية في ميدان الأمن النووي، وقد عززت حقوقيا مركزها غير النووي". اضاف "لقد أنشأنا وعززنا بلدنا المستقل وحققنا سلطته الدولية العالية ونبذ الأسلحة النووية وتلقى ضمانات بعدم الاعتداء من القوى النووية. ندعو جميع البلدان الأخرى إلى أن تحذوا حذونا. لقد دعونا إيران، والآن ندعو كوريا الشمالية".

واعتبر نزارباييف ان "الدفاع الرئيسي عن البلاد هو ثقة المجتمع الدولي. ونمو إنتاج أسلحة الدمار الشامل يزيد فقط من خطر الأسلحة النووية والكيميائية والبيولوجية والإشعاعية التي تقع في أيدي القوات المدمرة، واليوم لا يمكن للقاعدة القانونية ضمان الامن النووي ومنع توسع النادي النووي للسلطات في نهاية القرن العشرين، وأعتقد أن تعزيز نظام عدم الانتشار الذي تشتد الحاجة إليه استنادا إلى معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية يتطلب تغييرات ذهنية عميقة، وقرارات سياسية جديدة و متعددة الأطراف". وتحقيقا لهذه الغاية، اقترح "تعقيد اجراءات الانسحاب من معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية؛ وضع قرار خاص لمجلس الأمن الدولي يحدد عواقب واضحة على البلدان التي تنتهك المعاهدة، بما في ذلك العقوبات القسرية". كما اقترح، كتدبير رئيسي، وضع نظام ملزم قانونا يضمن للدول النووية أن تتخلى طوعا عن حيازة الأسلحة النووية، فضلا عن تلك التي لها مركز غير نووي. ورأى انه من الضروري أيضا التخلي عن توحيد البلدان الشعبية في القرن الماضي في الكتل العسكرية. وقال: "إن المجتمع العالمي هو كائن وحيد قوي في تنوعه وتعدد انتاجيته، يمكنه البقاء على قيد الحياة والتطور عبر التوازن والانسجام بين الأمم والشعوب التي تعيش على كوكبنا. ولهذا يجب أن نعمل معا لتحقيق عالم أكثر أمنا ونظاما عالميا أكثر إنصافا يقوم على سيادة القانون. اؤمن أن الثقة والإرادة وحكمة المجتمع الدولي وضاعفة طاقة العمل الجماعي لن تسمح لكوكبنا بالانحدار إلى هاوية الكارثة العالمية".