الوسواس والخوف شعاران واضحان يسيطران على كل من اقترب منه مرض ​السرطان​. وبات شائعا في المجتع ال​لبنان​ي عبارة الله ينجينا، منهم من يسيطر عليهم البُكم ومنهم من ويحاول اختيار عبارات تنجيهم من مرض السرطان مثل ذاك المرض، تلك الحالة المشؤومة، يسمح الله أو ذلك المرض الخبيث. عبارات وعبارات يخلقها الخوف لدى الافراد من أفواه حائرة يصعب عليها تحمل واقع لم يتفهمه الجميع. في حين أن مرض السرطان من الامراض التي يتساهل حلها من قبل الاطباء، فالموت لم يعد يقتصر على الامراض الخبيثة بل اسباب مرضية أخرى ممكن أن تؤدي إلى الوفاة في حال تأخر أو أخطأ التشخيص.

فالانواع والاعراض تختلف وفق كل شخص منها ما يتشابه ومنها ما يكون جديد. فالحديث عن سرطان الجلد عادة ما يكون خجولا وخاصة أنه من الامراض الاقل إنتشارا في لبنان.

سرطان الجلد هو كناية عن نمو غير طبيعي لخلايا الجلد المتضررة من أشعة الشمس في أغلب الاحيان. إلى جانب أسباب أخرى تطال الانسان مثل الاشعة ما فوق البنفسجية الموجودة في ضوء الشمس أو الناتجة عن المصابيح التجارية المنتشرة في كل مكان.

ثانيا، فمع التقدم بالعمر تزداد خطورة الإصابة بسرطان الجلد. كذلك فالعامل الوراثي ممكن أن يلعب دوار مهما في حال إنتقل عبر أجنة الانسان. كما أن للون البشرة تأثير على الاصابة، فكلما تميل نحو اللون الفاتح كلما تزداد الخطورة لان بشرة الفرد قابلة للتعرض لحروق الشمس أكثر من غيرها. ففي حال تعرض المرء ولا سيما في عمر الطفولة لحروق الشمس أو أيّ حرق آخر يساعدعلى تلف خلايا الجلد، تتحول بالتالي من خلايا سليمة إلى خلايا مسرطنة .

ثالثا، من هم هوات التجميل و يميلون في حياتهم إلى الجمال والسمر، فالتطور التكنولوجي سمح لهؤلاء بتسمير البشرة عن طريق سرير التسمير، لكنهم يزرعون في جسدهم خلايا نائمة ممكن ان تتحول إلى مرض خبيث. فهي تعرضهم للاشعة ما فوق البنفسجية المفرطة للوصول إلى النتيجة المبتغاة وتنتهي في بعض الحالات بسرطان الجلد.

بما أن المناخ المتوسطي المعتدل يسيطر على لبنان ففترات التي تشرق فيها الشمس تكون مناسبة للبشرة كي تبعد نسب الاصابة ولكن هذا لا يعني أن الشمس الحارقة التي تزور الشواطئ اللبنانية لا تدمر الخلايا الجلدية لدى الفرد. غالبا ما يعمل الاطباء على نشر التوعية في صفوف هواة السباحة لحسن إختيار الوقت المناسب لمزاولة هوايتهم التي يجب أن تكون بعد الساعة الثانية من بعد الظهر. مقابل ذلك، فمن اراد تمضية يوما طويلا على البحر عليه وضع كريمات تحمي البشرة من إشعاعات الشمس ما فوق البنفسجية، ضرورة وضعها كل ساعتين إلى جانب وضع النظارات الشمسية.

رغم أهمية اشعة الشمس في تأمين معدلات كافية من "الفيتامين د" لجسم الانسان، إلاّن في حال تعرض الانسان بشكل غير مسؤول للاشعاعات الذهبية تتحول إلى إشعاعات بنفسجية مدمرة وتكون قاتل في بعض الحالات. من جهة أخرى، العداؤن والرايضيون يكونون عرضة أكثر من غيرهم للاصابة بسبب التمارين المطولة التي يقدونها تحت أشعة الشمس إلى جانب الزي الذي يرتدونه حيث يكون الجزء الاكبر من أكتافهم غير محمي.

ففي هذا الاطار، المبدأ الاصح والاكثر تداولا هو الوقاية غير من ألف علاج. فكلما ازداد الوعي لدى الافراد واهتموا بطريقة تمضية حياتهم اليومية كلما تحصنوا بدرع الصحة السليمة. فغياب الوعي لدى الافراد وغفل البعض الاخر عن التدابير الوقائية التي تحمي بشرتهم بشكل خاص وجسدهم بشكل عام أدى إلى رفع مستوى سرطان الجلد في لبنان. في حديث مع طبيب الجلد روي مطران للوكالة الوطنية أكد أن العشق الزائد لحب التسمير لدى اللبنانين أدى إلى تعرض الانسان للمزيد من الاشعة مافوق البنفسجية والوصول إلى نتيجة درامتكية.

الشامة بين الجمال و الخلية النائمة

الشامة هي واحدة من عناصر الجمال التي تتباهى بها النساء ولا سيما تلك الموجودة في الوجه. يعرفها البعض بتسمية أخرى وهي حبة الخال أو ما يعرف بالفرنسية بـ grain de beauté . عادة ما تظهر عند الانسان منذ طفولته ويزداد عددها في فترة المراهقة. في حال قلّ عددها تعمل النساء على إضافتها باللون الاسود أو إظهارها. أما السبب وراء وجودها يعود إلى الخلايا التي تنتج الميلانين المسؤول عن لون البشرة. يلاحظ أن للشامة شكل دائري مسطح أم نافر حيث تعرف أنها ورم حميد، فمتى تتحول إلى ورم خبيث؟

للكشف عما إذا الشامة سليمة أم لا يعتمد العلم على قاعدة ABCDE. شرح طبيب الجلد شارل وديع الطرق التي تسمح بكشف هوية حبة الخال الخبيثة، ففي حال كبر حجم الشامية ولم يعد حجمها متناسق في مختلف الاطرف وتصبح متعرجة، ممكن ان يتحول لونها من الاسود إلى الاحمر. كما حذر الطبيب من خطر جرح الشامية وأوصى بضرورة استئصالها لدى الطبيب كي لا يسمح لها بالتحول إلى بؤرة مسرطنة. ليس من الضروري ان تكون الشامية موجودة في جسم الانسان منذ ​الولادة​ ممكن ان تظهر فيفترة لاحقة. أكد وديع أن دور طبيب الجلد يكون عن طريق الكشف المستمر على الشامات ولاسيما المشتبه بها أقله مرة واحدة في السنة. أشار إلى أن العلاج يكون إما بإستئصال الشامية في حال كانت في مراحلها الاولى مع دراسة الانسجة biopsies وإما إعتماد العلاج الكيميائي في حال تأخر اكتشاف المرض تتراوح فتراته وفق الحالة، ممكن أن يكون العلاج لمدة ستة أسابيع وتعاودة الجرعة بعد ستة أشهر.

شدد الطبيب على ضرورة الكشف المبكر عن كل انواع السرطان بما فيها سرطان الجلد مطمئنا أن نسبة الشفاء تكون عالية في حال تلقى المريض العلاج المناسب في الوقت المناسب. لفت من جديد إلى أن ممكن ان يصل الانسان الى الوفاة في حال تفشىت الخلايا السرطانية في كافة أنحاء الجسم بسبب التأخر في التشخيص. فيما خصّ الارقام، قال وديع أن ليس من دراسات حول سرطان الجلد في لبنان ولكن من المتعارف عليه أن نسبه قليلة.

كي يبقى الجمال سرّ كل إنسان ليس فقط النساء وكي تنجح كل محاولات الشفاء، على المريض في المرحلة الاولى إتباع سكة العلاج كي لايفوته القطار. على الانسان الابتعاد عن الاستهتار في العوارض والتحولات الجسدية التي يلحظها، فالكشف المنزلي يكون المرحلة الاولى في الاستقصاء عن السرطان يليها التحري المختص لدى الطبيب المعني. من هنا، الامل في غد أفضل لا يعني التخوف والعيش في قوقعة خاصة بل الانفتاح على الجميع من أجل تخطي المرض.