"خَلَقَ اللهُ الإِنْسَانَ عَلَى صُورَتِهِ. عَلَى صُورَةِ اللهِ خَلَقَهُ. ذَكَرًا وَأُنْثَى خَلَقَهُمْ"(تكوين ٢٧:١).

هذا كان أوّل زواج كلّله الله بيده: "بارَكَهُمُ اللهُ وَقَالَ لَهُمْ: "أَثْمِرُوا وَاكْثُرُوا وَامْلأُوا الأَرْضَ" (تكوين ٢٨:١) ولا حياة دون بركة الله.

المرأة​ هي معين الرجل ونظيره(تكوين ١٨:٢)، وكلاهما عندهما الكرامة الإلهيّة نفسها، ويصيران جسدًا واحدًا في ​المسيح​. (تكوين ٢٤:٢).

الدعوة منذ البدء هي دعوة قداسة. هذا هو مشروع الله في الإنسان:

"إنِّي أَنَا الرَّبُّ إِلهُكُمْ فَتَتَقَدَّسُونَ وَتَكُونُونَ قِدِّيسِينَ، لأَنِّي أَنَا قُدُّوسٌ"(لاويين ٤٤:١١).

أدرك الشيطان جيّدًا أهميّة المرأة في التدبير الخلاصي، من هنا توجّه إليها أوّلًا ليخدعها ويسقطها(تكوين ٣)، فيسقط آدم معها وتسقط العائلة.

ولكن الله لم يتخلَّ عن مشروع القداسة في الإنسان، فأتى "وعد الفداء" لمولود من امرأة: "وَأَضَعُ عَدَاوَةً بَيْنَكِ وَبَيْنَ الْمَرْأَةِ، وَبَيْنَ نَسْلِكِ وَنَسْلِهَا. هُوَ يَسْحَقُ رَأْسَكِ، وَأَنْتِ تَسْحَقِينَ عَقِبَهُ"(تكوين ١٥:٣).

وقد فسّر بولس الرسول هذه الآية: "وَأَمَّا الْمَوَاعِيدُ فَقِيلَتْ فِي إِبْرَاهِيمَ وَفِي نَسْلِهِ. لاَ يَقُولُ: «وَفِي الأَنْسَالِ» كَأَنَّهُ عَنْ كَثِيرِينَ، بَلْ كَأَنَّهُ عَنْ وَاحِدٍ: «وَفِي نَسْلِكَ» الَّذِي هُوَ الْمَسِيحُ".(غلاطية ١٦:٣).

"هُوَ يَسْحَقُ رَأْسَكِ“، أي أنّ المسيح سيحطّم مملكة الشيطان بقيامته، والحيّة "تَسْحَقُ عَقِبَهُ" تشير إلى الآلام والصلب.

دور المرأة الخلاصيّ ظاهر في الكتاب المقدّس من أولى صفحاته إلى آخرها، أي من الخلق، مرورًا بنبوءات أشعياء عن المولود المخلّص والبشارة و​عرس قانا​ الجليل (يوحنا٤:٢) والصليب (يوحنا ٢٦:١٩-٢٧) وصولًا إلى سفر الرؤيا (رؤ١٢).

ختامًا، لا يمكن أن نتكلّم عن المرأة دون أن نضع والدة الإله نصب أعيننا. هي التي أعادت للمرأة مكانتها العظمى، والتي وجد فيها الله مشروعه الخلاصي. فما قاله الرب لوالدته "ما لي لك يا امرأة" كان تفخيم ونبوءة. اِمْرَأَةٌ فَاضِلَةٌ مَنْ يَجِدُهَا؟ لأَنَّ ثَمَنَهَا يَفُوقُ اللآلِئَ. (أمثال ١٠:٣١).

"القداسة تبتدئ من العائلة التي هي الكنيسة الصغيرة"(البطريرك الأرثوذزكسي ​يوحنا العاشر​).

*رئيس قسم الإنتاج في المركز الأرثوذكسي الأنطاكي للإعلام