إنتظر اللبنانيون أن تُنتج زيارة رئيس الحكومة ​سعد الحريري​ الى ​السعودية​ تحوّلاً في المشهد السياسي اللبناني لتعيده الى ما كان عليه بين "​القوات اللبنانية​" و"المستقبل" قبل أزمة إحتجاز الحريري وتعيد خلط الأوراق الانتخابية من جديد وتساعد على فكّ "شبه العزلة" التي كانت تعيشها "القوات"... ولكن الترجمة على أرض الواقع أتت حتى الساعة مغايرة للتوقعات: "فلا لقاء بين رئيس حزب "القوات" ​سمير جعجع​ والحريري ولا تحالف بين "المستقبل والقوات"!.

"السعودية طلبت من الحريري أمرين". بحسب ما يشير الكاتب والمحلل السياسي ​جوني منير​، لافتا الى أن "الامر الأول يتركّز على توحيد "البيت السنّي" في الإنتخابات وألاّ تحصل خروقات كبيرة في هذا الشأن"، مشيرةً الى أن "الحريري لبّى جزءًا من الطلب بتقاربه من رئيس الحكومة السابق ​تمام سلام​"، ومضيفةً: "أما الأمر الثاني الذي طلبته السعودية فيقضي بفتح قنوات التواصل بين "القوات" و"المستقبل" والسبب ربما يعود لشعور لدى السعودية بأن مأزق "القوات" الحالي هي سببه". أما الكاتب والمحلّل السياسي ​خليل فليحان​ فيرى أن "الطريقة التي دعي فيها الحريري الى السعودية والاستقبال الملكي الذي حظي به يدلّ على أنه عاد الى مكانته بالسعودية وهو "يُملِي" ولا "يُملَى" عليه".

يشير منيّر الى أن "الحريري اتفق مع السعودية على الخطوط العريضة وتركوا له التفاصيل"، لافتا الى أن "الرجل تحرّك بإتجاه السنّة، كذلك بإتجاه اللواء ​أشرف ريفي​ بحيث عرض عليه مقعده ولكن الأخير رفض"، مضيفاً: "مع القوات فتح قنوات التفاوض أيضاً ولكن لدى الأخيرة الانطباع بأن الحريري يريد "التشاطر عليها" فيطرح العروض ويدرك أنها مرفوضة سلفاً". في حين أن فليحان يلفت الى أن "القوات تؤكد أن الاجتماع بين الحريري ورئيس حزب "القوات" سمير جعجع إذا حصل سيكون بعد التفاهم بين الاثنين على كلّ الامور التي تتعلّق بالانتخابات خصوصاً".

"هناك ثلاثة دوائر تتطلب "القوات" التحالف فيها مع "المستقبل": زحلة، صيدا-جزين وعكار". هنا يلفت منيّر الى أنه "وفي زحلة أخذ "المستقبل" قراره بالسير مع "​التيار الوطني الحر​" في صيدا-جزين وعكار لا يزال غير ممكن التحالف بين "القوات" والمستقبل"، مضيفاً: "المكان الوحيد الذي تحالف فيه "القوات" و"المستقبل" كان في الشوف-عاليه، والواقع أن التحالف تمّ بين القوات والاشتراكي والإشتراكي كان متحالفا مع الحريري من هنا حصل التحالف بين الثلاثة"، لافتاً الى أن "رئيس الحكومة يريد بالعروض التي قدمها ويدرك أنها مرفوضة أن يقول للسعودية أنه أعطى جعجع "هدايا" وهو رفضها، وبكلامه الاخير عن التحالف مع "القوات" عندما تحدّث عن "منجّم مغربي" كان يخاطب السعودية بأنني أعطيتهم وهم لا يرضون".

"بالمختصر، رغم الزيارة للسعودية ورغم كل محاولات تقريب وجهات النظر لا يزال الحريري "شرساً" بالتعامل مع "القوات". وبنظر فليحان فإن "الواضح أنه " لم يستطع أن ينسى ما حصل معه خصوصاً في فترة احتجازه ما يصعّب التقارب". في المقابل يؤكد منيّر أن "الأيام" المقبلة ستشهد "شدّ حبال" بين الرجلين ولن تسير الامور على قاعدة "صافي يا لبن"، مشيراً الى أنه "من المتوقع أن يطلق جعجع سهامه باتجاه العهد ويتحدث عن موضوع الفساد ويصيب الحريري فيه بالمقابل سيعيد فتح قنوات التواصل مع اللواء أشرف ريفي، فهل يستجيب الاخير؟!".

إذاً، على ما يبدو لم تنتج زيارة السعودية إلا أموراً شكلية، فهل دُفِع جعجع بإتجاه ريفي؟!