يتعاطى ​حزب الله​ مع الموقف الأخير لرئيس الجمهورية العماد ​ميشال عون​ الذي أعلن فيه ان ​الاستراتيجية الدفاعية​ ستكون موضع بحث بين القيادات اللبنانية بعد الانتخابات النيابية، كـ"دفعة مسبقة" يسددها الرئيس اللبناني للمجتمع الدولي قبيل انعقاد المؤتمرات الـ3 لدعم لبنان، سواء عسكريا وأمنيا في روما او اقتصاديا في باريس او بملف اللاجئين السوريين في ​بروكسل​.

ولا يبدو الحزب متحمسا أو حتى متجاوبا مع هذا الطرح الذي يرى أن ظروفه غير متوافرة، وان كان يتفهم اضطرار الرئيس عون لتوجيه "تطمينات معينة تطلبها الدول الغربية وبعض الدول العربية، على شكل مواقف معلنة من موضوع سلاح حزب الله بشكل خاص". وتقول مصادر في قوى 8 آذار مقربة من الحزب ان "المقاومة لم تنشأ أصلا نتيجة نصوص معينة، سواء دستورية او غير دستورية، وهي بالتالي لا تحتاج لاستمراريتها لأي نص من أي نوع كان"، مرجحة "في حال كان هناك اصرار على وضع ملف الاستراتيجية الدفاعية من جديد على ​طاولة الحوار​، ايا كان شكلها المستحدث، أن تكون النتيجة مشابهة للنتيجة التي خرجت بها الطاولات السابقة والتي استمرت طوال 8 سنوات من دون أن تحقق أي خرق يُذكر".

وترى المصادر ان "الظروف التي كانت متوافرة في الأعوام الماضية لم تعد كذلك اليوم، وباتت المسألة أكثر تعقيدا نتيجة المستجدات التي شهدتها المنطقة منذ العام 2011"، لافتة الى ان "المقاومة اليوم مستمرة في مهمتها في سوريا وستبقى هناك طالما استدعت الحاجة، كما ان الوضع سواء على المستوى الاقليمي او العالمي يتجه للتصعيد، وهو ما بدا جليا بقرار الرئيس الاميركي ​دونالد ترامب​ اقالة وزير الخارجية ​ريكس تيلرسون​ وتعيين بديل عنه بناء على موقفه من ملف السلاح النووي الايراني"، وتضيف: "في ظل كل هذه التعقيدات لن يكون مجديا بأي شكل من الأشكال طرح مصير سلاح الحزب على الطاولة، كما اننا نعي تماما ان الرئيس عون نفسه لن يُقدم على اي خطوة يعلم ان نتيجتها لن تكون على مستوى تطلعاته".

بالمقابل، وبالرغم من اعلان الرئيس عون نيته اعادة فتح ملف الاستراتيجية الدفاعية بعد الاستحقاق النيابي، وتزامن هذا الاعلان مع موقف لوزير الداخلية نهاد المشنوق يؤكد فيه على الأمر عينه في مؤتمر وزراء الداخلية العرب الذي انعقد مؤخرا، الا ان الموضوع ككل لا يزال بإطار النوايا. فلا آلية النقاش بالاستراتيجية بُحثت او أقرت، ولا التواصل مع حزب الله تمّ لتبيان مدى استعداده للخوض بهذه التجربة من جديد.

ويعوّل الرئيس عون، بحسب مصادر مطلعة، على الثقة التي يوليه اياها حزب الله ويبني عليها بسعيه لتحقيق انجاز بملف الحزب وسلاحه، وان كان على يقين ان الأمر قد يستلزم وقتا حتى اتضاح المشهد العام في الاقليم، مع خشيته من أن تنتهي السنوات الـ5 المتبقية من عهده والصراعات المحيطة تكبل يديه.

وبناء على كل ما سبق، يُرجح أن يكون الموقف الأخير للرئيس عون محصورا بموضوع التطمينات الدولية المطلوبة من لبنان لضمان نجاح المؤتمرات الاوروبية المتتالية، مع استبعاد أن يقترن مباشرة بعد الانتخابات بدعوة لاعادة فتح النقاش حول "الاستراتيجية الدفاعية"، خاصة وان الحجج والتبريرات ستكون متوافرة وبكثرة، انطلاقا من الصراعات المتوقعة حول استحقاقي تسمية رئيس للمجلس النيابي وتشكيل حكومة وصولا لتحديد اولويات المرحلة المقبلة والانشغال بملف التنقيب عن النفط والغاز، ما سيجعل سلاح حزب الله ملفا مؤجلا الى أجل غير مسمى.