حدثُ إحياء لعازر من بين الأموات تمَّ في السبت السابق لدخول يسوع إلى أورشليم. هذا الحدث لَم يكن الأوّل من نوعِه، فقد سبق يسوع وأحيا من الموت ابنة رئيس المجمع(مر541-42)، وأيضاً وحيد الأرملة(لو711-16). إلاّ أنّ إحياء لَعازر من القبر، شكّل الشرارة التي أشعلت الحقد في قلوب رؤساء الشعب ​اليهود​ي فاجتمعوا وأصدروا الحكم عليه بالموت(يو1147-53).

أُنظروا كَم كان يُحبُّه

جمعت يسوع بعائلة لعازر صداقة خاصّة استطاع اليهود بدورهم أن يلاحظوها:" أنظروا كم كان يُحبّه"(آ36). ينقل إلينا ​الإنجيل​ كيف أنّ هذا البيت كان مكاناً للضيافة والخدمة واستقبال كلام الله. ففي هذا البيت كانت مريم تجلس عند قَدمي يسوع لتسمعُ كلامه(لو1039)، وفيه كانت مرتا تهتمّ بواجب الضيافة(لو1040).

وفي يومٍ من الأيام سمِع يسوع بمرض لعازر، وعندما وصل إلى ​بيت عنيا​ كان قد مات. الكلمة الكبيرة التي تعصف بالرجاء والثقة نسمعها من على لسان مرتا "يا سيد لو كنت ههنا لم يمت أخي، لكني الآن أيضًا أعلم أن كل ما تطلب من الله يعطيك الله إياه"(آ22).

ضمانةُ عدم الموت

يسوع هو الضمانة، هذا ما تقوله مرتا؛ ضمانة عدم الموت. والموت معه يُصبِحُ رُقاداً أي نوماً على أمل الإستيقاظ الدائم الذي لا يعرف موتاً. يُرَنّم المُرَنِّمُ في المزمور قائلاً:" إنّي ولو سلَكتُ في وادي ظلال الموت، لا أخاف سوءاً لأنّك معي"(مز234). وادي ظلال الموت الذي يجب على الإنسان أن يَمُرَّ به هو مكان كآبة، ومخاطر رهيبة، وخطر موت(البابا بندكتوس، تعليم الأربعاء، 6-1-2011). هو الحياة بِما فيها من ألَمٍ وشرور وخوفٍ ومخاطر وتحدّيات وصعوبات. ومَن يسير مع الرب في هذا الوادي يشعر أنه، وعلى الرغم من كل شيء، في أمان، يسير واثقًأ دون خوف، لأنه يعرف أن الرب معه، راعيه ومُنقذُه ومُقيمُه من الموت:"لعازر قُم"(يو1143)،"لأنّك معي".

يسوع هو ضمانة الحياة لأنّه معي. ولذلك يفقد وادي ظلال الموت كل طابعه الخطر، ويُفرغ من كل تهديد، وأستطيع أن أسير آمنًا واثقاً لأنّ عصاهُ وعُكّازُه هُما يعزيانني.

أيّها ​المسيح​يّ قُم

هذا ما اختبرته كُلٌّ من مرتا ومريم وهذا هو اختبار الكنيسة على مدى العصور. فالمسيحيُّ مغمورٌ ومَحوطٌ ومسنودٌ ومُتكىٌ على عُكّاز الربّ وعصاه ومدعوٌّ إلى القيامة بضمانةِ المسيح. فهل يحقُ له بعدَ الآن، أن يتخلّى عن قوّته هذه، ويبقى قابعاً في ظِلال الموت، أسير نَتَنِ القبر؟!.

يسوع وحده يُحرّرُ من النّتَن؛ نتن الموت الذي تنشرُه الخطيئة في عالمنا ويُفسِدُ قلب الإنسان وفكره. هو وحده ضمانة الطريق لأنّه "الطريق والحقّ والحياة"(يو146)، وضمانة الوصول لأنّه "الألف والياء، البداية والنهاية"(رؤ81)، منه كُلُّ شيء وإليه كُلُّ شيء، وهو يُوجِّه سير الإنسان ويقودُ خُطاه إلى كلّ الخير والحقّ والحبّ.

أيّها المسيحي، لكَ أَقول قُم!. قُم من بين الأموات ليُضيء لكَ نور المسيح.

صلاة

حرّرنا يا ربّ، من لفائف الموت التي تُعيقُ تقدّمنا إليك، فنخرُج من قبورنا إلى لقائك فرحين مُرَنّمين ترنيمة الظفر: "إنّي ولو سلكتُ في وادي ظلال الموت، لا أَخافُ سوءًا لأنّك معي". آمين