لفت عضو تكتل "التغيير والاصلاح" النائب ​نعمة الله أبي نصر​ في كلمة له خلال احتفال ​جامعة الروح القدس​ - ​الكسليك​ بالتعاون مع لجنة إحياء "يوم الأبجدية" بمناسبة "يوم الأبجدية" إلى أن "سبع سنوات مرت، فكرست "يوم الأبجدية" محطة للتفكير لا للاستراحة؛ يوم الأبجدية "ليس عيدا ولا عطلة، بل مناسبة للتأمل بإرثنا الحضاري، وللتخطيط لمستقبل أجيالنا الآتية. هذه السنة نحتفل بالأبجدية في بيتها، ونكرم الحرف في صرح الفلسفة والهندسة والتاريخ وسائر ​العلوم​ والآداب التي لنا فيها، كما كان لأجدادنا، باع طويل وإنجازات عظيمة. نحن الورثة الشرعيون لأم اللغات السامية. تاريخنا يحمل بالوراثة الجينات الكنعانية - الفينيقية والآرامية-السريانية، وطبعا العربية. هكذا تكامل تراثنا وتفاعل عبر التاريخ مع بقية الحضارات، فشكل مصدر غنى وتنوع لهويتنا الحضارية والوطنية. أجدادنا لم ينصبوا خيمة، بل حفروا الصخر وزرعوا الأرض وشيدوا الأبنية وأقاموا الملاعب الرياضية وبنوا ​السفن​، فلا هم رحل ولا هم عابرون".

وأضاف: "لكن الأرض في ​لبنان​، رغم خصوبتها، لم تكف يوما حاجات وطموحات زارعيها، فكان الانتشار اللبناني الكنعاني الفينيقي على كل شطآن بلدان البحر الأبيض المتوسط و​أفريقيا​ وغيرها، حاملا رسالة سلام إلى الشعوب، من خلال أبجدية التواصل والتخاطب لا التقوقع، من أجل التفاهم لا الصدام، فكان اللبنانيون الكنعانيون ​الفينيقيون​ رجال فكر وتجارة، ورسل حضارة لا تزال تأثيراتها فاعلة في حاضر البشرية جمعاء، فصنعوا أول عولمة لغوية في التاريخ. شكلت معابد الكنعانيين مساحة مشتركة لشعوب العالم القديم..."

وأردف قائلا: "التاريخ يعيد نفسه، ما أشبه اليوم بالأمس، ألا نراهم في كل سنة يأتون بعشرات الآلاف من كل دول العالم، للتبرك من ​سيدة لبنان​ في ​حريصا​، ومن ضريح ​القديس شربل​ في ​عنايا​ في إطار ​السياحة الدينية​ التي تشمل جميع الطوائف. فهل من دليل أعظم من ذلك على الانفتاح واحترام الآخر وقبوله والتفاعل معه. إنه أول مشروع إنساني لحوار الحضارات والثقافات والأديان. يوم الأبجدية هو مناسبة للإضاءة أمام الرأي العام المحلي والعالمي، على دور لبنان كبلد رسالة، وكأرض للتلاقي والحوار. وهو مناسبة أيضا لإظهار عطاءات لبنان الحضارية، المبنية على التواصل والتفاعل بين الشعوب في وجه أولئك الذين يروجون لصراع الحضارات وللحروب بين المجتمعات".

وأكد أن "الرئيس العماد ​ميشال عون​ قد أصاب حين دعا ​الأمم المتحدة​ إلى اعتماد لبنان مركزا لحوار الحضارات والثقافات والأديان"، لافتا إلى أن "​وزارة الخارجية والمغتربين​ تحاول اليوم بشخص وزيرها المهندس ​جبران باسيل​ مع ​مجلس النواب​ وبعض المؤسسات التي تهتم بالشأن الإغترابي إعادة بعض من هذه الحقوق لأصحابها كحقهم في الاقتراع، وفي الترشح، والتمثيل في ​المجلس النيابي​ من خلال نواب ينتخبون من قبلهم ومن بينهم وقد خصصت لهم مقاعد خاصة في المجلس النيابي. كما أقر المجلس مؤخرا القانون 41/2015 شروط استعادة الجنسية للمتحدرين من أصل لبناني وهي حق لهم وليست منة من أحد. تعرض هذا القانون للطعن من قبل عشرة نواب أمام ​المجلس الدستوري​ فرد الطعن. كما عمدت الوزارة مؤخرا إلى عقد عدة مؤتمرات في لبنان وخارجه من أجل جمع كلمة اللبنانيين المنتشرين وتشجيعهم للعودة إلى وطنهم وترغيبهم في استثمار طاقاتهم المادية والفكرية والعلمية والمهنية في مختلف قطاعات ​الاقتصاد اللبناني​. لأن إعادة بناء لبنان لا تتم إلا بسواعد أبنائه مقيمين ومغتربين. لكن ذلك على أهميته لا يلغي في الوقت الحاضر أسباب ​الهجرة​ التي ما تزال قائمة بفعل غلاء المعيشة، والنقص الكبير في فرص العمل، وارتفاع كلفة التعليم، والاستشفاء والسكن".

وفي الختام، أمل أن "تحدث هذه المناسبة، هذه السنة وفي كل سنة، هو صدمة إيجابية، تجمع أبناء هذا الوطن، مقيمين ومنتشرين، حول ما يجمعهم من قواسم تاريخية مشتركة، غير طائفية، وغير مذهبية، وغير عرقية، وغير مناطقية، لتعزز التلاحم، وتؤكد التواصل والحوار، وترسخ الانتماء والولاء، لأنه بدون الانتماء والولاء لا أوطان".