ارتفعت حدة الخطاب الانتخابي في دائرة صيدا–جزين الانتخابية بين القوى السياسية، مع اقتراب موعد اليوم الانتخابي في السادس من أيار المقبل، أعدت كل اللوائح أدوات المعركة، واطلقت هدير ماكيناتها التي لا تهدأ، يكسر ضجيجها رتابة الروتين اليومي الذي يعيشه ابناء صيدا كما جزين، على مدى سنوات، بين استحقاق نيابي وآخر بلدي، يشرع هؤلاء أبواب منازلهم على حملات لا تتوقف.

في مدينة صيدا هذه الأيام، حديث واحد: "الانتخابات، كيف استقرت التحالفات، ومن سيربح ومن سيخسر، كل يحسب عدد الذين يحق لهم الانتخاب وعدد الذين سيقترعون، يطرحهم على المقاعد الخمسة في دائرة صيدا جزين، يتبين له الحاصل الانتخابي، ثم يتوقع "الصوت التفضيلي"، الذي بات "أم المعركة" في معادلة أرقام اختفلت حساباتها بين ماكينة انتخابية وأخرى، هي حسابات تتجاوز الفوز والخسارة الى تحديد الاحجام والأوزان، لما بعد نتائج الانتخابات وخلط الاوراق واعادة نسج التحالفات وفي تشكيل القرار السياسي في المدينة، فيما الجدل "البيزنطي" لا يتوقف في "الصالونات السياسية" و"الديوانيات العائلية"، كل يحاول ان يقنع الآخر برأيه وموقفه وتوقعه.

وقد توقفت مصادر صيداوية بإهتمام بالغ أمام التراشق الخطابي الذي فرضته الوقائع على أرض الميدان وطبيعة التحالفات، فتيار "المستقبل" يعتبر نفسه محاصرا وتجري محاولة لالغائه، نتيجة الضغوط التي مورست من قبل "​التيار الوطني الحر​" على مرشحين مسيحيين للانسحاب قبل تسجيل اللوائح رسميا، فارتفع سقف موقفه الى حماية "المشروع السياسي" لرئيس الحكومة الشهيد رفيق الحريري، من خلال تأمين فوز ساحق عن المقعد السني الاول الذي تمثله النائب ​بهية الحريري​ ووصول المرشح السني الثاني المحامي ​حسن شمس الدين​ خلفا للنائب ​فؤاد السنيورة​. "التيار الوطني الحر" نفسه يخوض معركة شرسة على المقاعد المسيحيّة الثلاثة في جزين وتحديدا على المقعدين المارونيين، لقطع الطريق على فوز المرشح ​ابراهيم عازار​ المدعوم من القوتين الشيعيتين "​حزب الله​" وحركة "أمل"، وعلى خلفية ذلك نسج تحالفه الانتخابي مع "​الجماعة الاسلامية​" والدكتور ​عبد الرحمن البزري​ لتأمين "حاصلين انتخابيين" له.

بينما الأمين العام لـ"التنيظم الشعبي الناصري" الدكتور ​أسامة سعد​ يقود المعركة استمرارا للنهج السياسي والشعبي والمطلبي والوطني والنيابي من معروف سعد الى الراحل المهندس ​مصطفى سعد​ وكسرا للاحادية في تمثيل المدينة، فيما الدكتور عبد الرحمن البزري، امتدادا لنهج والده الراحل الدكتور نزيه البزري الوزير والنائب السابق و"طبيب الفقراء"، وسعيا لتثبيت قاعدته الشعبية للفوز بمقعد نيابي لفتح الطريق امام قدرته على خدمة ابناء المدينة أكثر، مستمدا التجربة من رئاسته السابقة لبلدية صيدا حين اعتمد سياسية الباب المفتوح.

الجماعة والرسائل

أما "الجماعة الاسلامية" عبر مرشحها الدكتور ​بسام حمود​، تخوض المعركة للتأكيد على انها كتلة وازنة وليست "بيضة القبان" فقط وانه من حقها كـ"تيار اسلامي سياسي" المنافسة على مقعد نيابي كغيرها، واللافت انها المرة الاولى، التي تخوض الانتخابات بدون التحالف مع تيار "المستقبل"، فالشراكة الانتخابية النيابية والبلدية بينهما بدأت منذ العام 1998، خلال تلك الفترة تقاسما المقاعد المجلس البلدي، بينما تولى "المستقبل" المقعدين النيابيين اللذين يمثلهما النائب الحريري والسنيورة منذ العام 2009، بعدما كانا بين الحريري نفسها وال سعد بدءًا بالراحل مصطفى منذ العام 1992 وصولا الى ​اسامة سعد​.

الفراق الانتخابي هذه المرة، لم يكن المفارقة الوحيدة بحد ذاتها، بل بنسج تحالفات جديدة مع التيار "البرتقالي" ومع الدكتور البزري، التساؤل المطروح في المدينة، هل جاء انسجاما مع الضغوط السياسية التي تحدث عنها تيار "المستقبل" لمحاصرته ومحاولة الغائه من حيث تعلم "الجماعة" أو لا تعلم، وهل هو تحالف "انتخابي موقت" ينتهي بعد 6 أيار، أم انه مقدمة لتغيير خارطة التحالفات.

يؤكد مصدر مسؤول في "الجماعة" لـ"النشرة"، ان التحالف مع التيار "البرتقالي" والبزري لم يكن يهدف الى محاصرة النائب الحريري لا من قريب او بعيد، الجميع يدرك ان الاخيرة تعتبر الأوفر حظا للفوز في هذا التنافس الديمقراطي، وبالتالي المعركة تدور رحاها على المقعد الثاني على الأرجح، وبالتالي فإن الهدف من هذا التحالف تأمين "حاصل انتخابي" أو "حاصلين انتخابيين"، كي يكون لنا الحظ بالفوز وفق "الصوت التفضيلي".

ويوضح المصدر، أن التحالف مع "البرتقالي" وخلافا لما يعتقد كثيرون، لن ينتهي مع 6 أيار، لاننا نريده أن يكون جسرا جديدا بين صيدا وجزين، نعالج الثغرات الموجودة وكقوى سياسية نعمل على كسر كل الحواجز، بينما المواطنون انفسهم كسروا حاجز الجفاء، المطلوب برأينا مصالحات جديدة تشبه "مصالحات الجبل" ونحن على إستعداد لاجرائها بحيث تشمل كل القوى المسيحيّة لنطوي صفحة الماضي الأليم ونتطلع الى الغد الأفضل، ما يجمع صيدا بجزين اكبر مما يفرقهما"، مؤكدا "اننا لا نريد الانتخابات مناسبة للتفرقة بل جسرا للتواصل، نحن نتوقع تغييرات في هذه الانتخابات وسنتقبل النتائج كيفما كانت لنبني على الشيء مقتضاه.

وحده مرشح "تجمع 11 اذار" سمير البزري، غرد خارج السرب ورفع شعار "مرشح جيل الشباب والتغيير وضد الاقطاعية السياسية"، أتى من خارج النادي التقليدي، مدعوما بشبكة علاقات خاله رئيس "تجمع 11 اذار" مرعي أبو مرعي الذي اراد توجيه رسالة متعددة الاتجاهات الى القوى المعنية في المدينة، تتجاوز المطالبة بالتغيير ودور "جيل الشباب"، لتصل الى عتب مزدوج: لانها لم تقف الى جانبه في محنته الأخيرة ولافشالها مشروعه في تطوير مرفأ صيدا وإنشاء حوض جاف للسفن.

خلاصة القول، أجواء صيدا، حلوها بتنافسها الديمقراطي ومرة بإرتفاع حدة خطابها الانتخابي لا السياسي، (الجميع متفق على توابثها الوطنية وحمايتها وحفظ أمنها واستقرارها)، فيما اللافت ان عشرات اللوحات الاعلانية جسدت التناقض الحاصل (لم يبق واحدة منها فارغة)، جمعت على طرفيها شعارات مرشحين متنافسين، تفاوتت في جملها وكلامها، لكنها تلاقت في التنافس على خدمة المدينة ومصلحة أبنائها، هنا "نحنا الخرزة الزرقا يلي بتحمي لبنان"، شعار المستقبل، وجنبها "لكل الناس" شعار التنظيم الشعبي الناصري، و"صيدا تستحق" شعار "الجماعة الاسلامية"، بينما تيار الدكتور عبد الرحمن البزري اختار "حد الكل" ومرشح "تجمع 11 اذار" سمير البزري رفع شعار "مرشح جيل الشباب.. ضد الاقطاعية السياسية".