أكد وزير العدل ​سليم جريصاتي​ في كلمة له خلال مؤتمر "الحق في العلاج في قضايا ​المخدرات​ في المحاكم اللبنانية" نظمه مركز "سكون" بالتعاون مع المؤسسة الاميركية للتنمية الدولية usaid وجمعية "عدل ورحمة" في فندق "لو غراي" في ​وسط بيروت​ "أنني أود أن أتوجه بالشكر الى القيمين على تنظيم هذا اللقاء العلمي الذي يتناول موضوعا من أهم الموضوعات الإجتماعية التي يعانيها المجتمع اللبناني، والتي تتفاقم وتزداد خطورتها يوما بعد يوم، وهي مشكلة إدمان المخدرات، لا سيما أنها من المشكلات التي تعصف ب​الشباب اللبناني​ وتدفعه نحو فقدان السيطرة على قواه العقلية والجسدية وتجعله أسيرا لمواد أو عقاقير تمنعه من متابعة مسيرته العلمية والمهنية".

وأشار جريصاتي الى أنه "دعوني بداية، وقبل أي بحث علمي قانوني تقني، أؤكد أن مدمن المخدرات هو إنسان مريض، خالف القانون مما لا شك فيه، ولكنه بحاجة الى الرعاية والمعالجة، و​الدولة اللبنانية​ مسؤولة عن تأمين هاتين الرعاية والمعالجة، لذلك لا يمكن مقاربة موضوع مدمني المخدرات إلا إنطلاقا من الاعتراف لهم بأنهم أصحاب حقوق! فهم لديهم حق على الدولة بتأمين العلاج الجسدي والنفسي لهم وضمان إعادة تأهيلهم وإعادة إندماجهم في المجتمع والعيش مجددا بصورة طبيعية من دون أن تلاحقهم هذه الآفة لا بل اللعنة في حياتهم العائلية والمهنية والإجتماعية".

ولفت الى "أنني أؤكد أيضا أن المسؤولية في ضمان هذا الحق هي مسؤولية مشتركة، فهي ليست مسؤولية ​الحكومة​ وحدها أو جهة وزارية واحدة، بل ان المسؤولية في ضمان الحق في العلاج من داء إدمان المخدرات، إنما هي أيضا مسؤولية وطنية مشتركة، تتشارك فيها وتتعاون جميع الجهات الفاعلة وصاحبة الصلاحية والإختصاص، حكومية كانت أم غير حكومية.

في هذا الإطار، يبرز دور ​وزارة العدل​ الأساسي، ولكن غير الكافي في ضمان الحق بالعلاج لمدمني المخدرات، لأن إنشاء لجنة الإدمان من المخدرات لا يكفي بذاته ولا يمكن أن يؤدي الى النتيجة المرجوة منه إلا من خلال تضافر جهود كل من الوزارات المعنية في إنشاء المصحات الطبية والنفسية المتخصصة وأعني هنا وزارتي الصحة العامة والشؤون الاجتماعية".

وأكد جريصاتي أن "وزارة العدل ملتزمة إلتزاما معنويا وقانونيا مطلقا بذل جميع الجهود اللازمة من أجل مكافحة آفة إدمان المخدرات والوقاية منها ومساعدة المدمنين على التخلص منها، لأن خضوع المدمن للعلاج وإلتزامه مراحله الثلاث من شأنه أن يؤدي الى مساعدته على الصعيد القانوني والتوصل بالنتيجة الى وقف الملاحقة أو منع المحاكمة أو إبطال التعقبات بحقه من جرم التعاطي وبالتالي حفظ سجله العدلي من اية إشارة الى هذا الجرم الذي اقترفه ويرغب بالتخلص منه (وهذا مع أكدت عليه محكمة التمييز اللبنانية في القرار الشهير الصادر عنها بتاريخ 2122007)".

وشدد على أنه "لا يقتصر دور وزارة العدل في ضمان هذا الحق من خلال العمل على تفعيل لجنة إدمان المخدرات، بل إنها تلعب من جهة ثانية، دورا هاما في الوقاية من خطر الإدمان على المخدرات من خلال التوعية التي تقوم بها في إطار عمل معهد الدروس القضائية وهو من الوحدات الإدارية التابعة لها. وإن تدريس مواد القانون رقم 67398 وهو قانون المخدرات والمؤثرات العقلية والسلائف الى القضاة المتدرجين في المعهد، ونقل المعلومة الى قضاة المستقبل المولجين بتطبيقه، من شأنه أن يشكل خطوة أساسية في إطار الوقاية وضمان الحق بالعلاج، لأنه من شأنه أن يؤدي الى توعية قضاة المستقبل الى مسألتين أساسيتين لدى قيامهم بالملاحقة أو الحكم في قضايا جرائم المخدرات:

1- وجوب التشدد في معاقبة الإتجار بالمخدرات.

2- وجوب تطبيق روحية القانون على مدمني المخدرات والتعامل معهم على أنهم أشخاص، يعانون من إرتهانٍ نفسي وجسماني، يستدعي من القاضي التدخل للمساعدة وليس المعاقبة فقط".

ولفت جريصاتي الى أنه "تلعب وزارة العدل دورا مهما في الوقاية من خلال المساهمة في التطور التشريعي والإداري التي تقوم به هيئة التشريع والإستشارات. وبالفعل، فقد أحالت الأمانة العامة لمجلس الوزراء على وزير العدل كتابا تطلب فيه منه تحديد الوسائل والسبل لوضع قانون المخدرات موضوع التنفيذ وتفعيل أحكامه. ونحن في صدد تحديد هذه الإجراءات، وأهمها العمل على تفعيل لجنة الإدمان على المخدرات والتعاون مع بقية الجهات الرسمية وغير الرسمية لتأمين وقاية أكبر وأكثر فعالية. كما تشارك وزارة العدل في جميع جلسات اللجان المختصة في مجلس النواب والتي تعمل على تعديل أحكام القانون رقم 67398 بما يتلاءم مع وجوب تطوير أحكامه في ضوء التجربة الفعلية له وفي ضوء المفاهيم الدولية المرعية الإجراء في هذا المجال".

ولفت الى أنه "تلعب وزارة العدل دورا مهما في التنسيق مع بقية الوزارات في مجال الوقاية. وقد شاركت في الإستراتيجية التي وضعتها وزارة الصحة العامة، وهي "إستراتيجية الصحة النفسية وإستخدام المواد للإدمان في لبنان- 2015-2020".

وتقوم وزارة العدل بالتنسيق المستمر مع كل من الوزارات المعنية، وأهمها وزارة الصحة العامة ووزارة الشؤون الاجتماعية ووزارة الداخلية والبلديات لتأمين الأطر المناسبة للوقاية من هذه الآفة الاجتماعية".