تحت عنوان "الصوت التفصيلي"، تخاض المعارك الإنتخابية الطاحنة بين المرشحين المتنافسين على المقاعد الـ١٢٨ التي يتألف منها ​مجلس النواب​. وبسبب هذا الصوت التفصيلي الذي فرضه القانون الإنتخابي الجديد القائم على النسبية في ١٥ دائرة، تبدلت صورة المعركة الإنتخابية على الشكل التالي: في الدورات السابقة كانت المنافسة تدور بين لائحة تمثل خطاً سياسياً معيناً وأخرى تنتمي الى فريق سياسي خصم، أما اليوم، وفي دورة العام ٢٠١٨ فأصبحت المنافسة بين المرشحين المتحالفين ضمن لائحة واحدة، كل ذلك لحصول المرشح على أعلى نسبة من الأصوات التفضيلية بهدف حجز مقعده ولو جاء ذلك على حساب حليفه أو رفيقه الحزبي حتى.

لكل ما تقدم، تسجل في بعض الدوائر سجالات وخلافات بين المرشحين المتحالفين، ويحكى عن دفع أموال طائلة من قبل المرشحين الميسورين بهدف شراء العدد الأكبر من الأصوات التفصيلية. ما يحصل في بعض الدوائر على هذا الصعيد شيء، وما هو واقع الحال على لائحة تحالف ​التيار الوطني الحر​ مع حركة الإستقلال في دائرة الشمال الثالثة، شيء آخر تماماً، وتحديداً فيما خصّ المقعدين المارونيين المخصصين ل​قضاء البترون​. فهل تصدقون مثلاً أن مرشحاً الى ​الإنتخابات النيابية​، لن يعطي نفسه صوته التفضيلي؟ وهل تصدقون أن هذا المرشح قد لا يحصل على صوت تفضيلي واحد؟ إنه الناشط في التيار الوطني الحر نعمه أبراهيم أبراهيم، المرشح عن المقعد الماروني في البترون الى جانب رئيس التيار الوطني الحر الوزير ​جبران باسيل​. وفي هذا السياق، تشير المعلومات الى أن ترشيح أبراهيم من قبل التيار الوطني الحر، لم يكن الهدف منه المنافسة والحصول على أصوات تفضيلية، بل الحصول على مندوبين ثابتين ومتجولين على إسمه، لذلك كانت التعليمات منذ البداية للمناصرين والمحازبين والمؤيدين، بإعطاء الصوت التفضيلي للوزير باسيل حصراً، أولاً لضمان فوزه بالمقعد النيابي وعدم تشتيت الأصوات التفضيلية التي ستعطي التيار، وثانياً لأن قيادة التيار تعرف تماماً أن فوزها بالمقعدين المارونين في البترون هو أمر من سابع المستحيلات ولا يمكن أن يتحقق.

‎ففي لغة الأرقام، يملك التيار الوطني الحر في البترون الكتلة الناخبة الأكبر بين الأحزاب والتيارات والمرشحين وتصل الى حوالى ١٤٠٠٠ صوت، بينما تتراوح الكتلة الناخبة القواتية بين ٨٠٠٠ و ٩٠٠٠ صوت، مقابل حوالى ٦٠٠٠ صوت للنائب ​بطرس حرب​، وحوالي ٣٠٠٠ صوت للكتائب وما يقارب الـ١٥٠٠ صوت ل​تيار المردة​. لذلك، وبمجرد أن يحصل باسيل على كل الأصوات التفضيلية، فهذا يعني أن فوزه أصبح بحكم المؤكد، وأن المعركة الحقيقية في البترون ستكون على مقعد واحد لا إثنين، وتحديداً بين مرشح ​القوات اللبنانية​ ​فادي سعد​ والنائب بطرس حرب إضافة الى حليف سعد النائب ​الكتائب​ي سامر سعاده.

إذاً ما يقوم به المرشح نعمة أبراهيم في البترون، ليس إلا تضحية حزبيّة، ومن ضمن الخطط والتكتيكات الإنتخابية التي تلجأ اليها الأحزاب والماكينات، لأهداف تكون تارةً واضحة وتبقى تارةً أخرى غامضة، الى حين إنتهاء عمليات فرز الأصوات.