بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد، وعلى آله الطاهرين، وصحبه المنتجبين، وسلم تسليما، وبعد:

إنَّ العلويين الذين جئتُ لأتكلم معكم عنهم، في موضوع يتعلق بهم وهو (مفهومُ الزواج والعائلة عند العلويين)، هم مسلمون إماميون إثنا عَشَرَيون، اختلفوا عن إخوانهم ​الشيعة​ الإمامية ببعضِ المفاصل الولائية الأساسية التي جرى عليها الطعن والتوثيق من كلا الطرفين، أما في الإطار التشريعي العام فلا خلاف ذا اعتبارٍ بينهما أكثر من كونه وجهةُ نظرٍ تغني الفكر وتفتح آفاقاً جديدة للبحث الملائم للتطور المتسارع حولنا .

وبما أنَّ موضوعنا اليوم هو موضوع فقهي، لذلك لا يخرج عند العلويين عن الإطار الشيعي العام إلاَّ قليلاً.

لنوضح أولاً هذه الفتوى التي أطلقها علامة العلويين الشيخ سُليمان الأحمد(قدسه الله)(1864_1942) عضو ​المجمع العلمي​ للغة بدمشق، ووالد الشاعر الكبير بدوي الجبل(1903-1981):

ليس لَدَى العلويين مذهب مستقل للعبادات والأحكام المبنية على معرفة الحلال والحرام, والمعاملات كالمواريث وغيرها, وذلك اعتمادا منهم على المذهب الإمامي الجعفري, الذي هو الأصل, وهم فَرْعٌ منه, فرجوعهم إليه في أصول الفقه وفروعه هو الواجب الحق الذي لا مندوحة عنه, وهو لم يترك شاردة ولا واردة إلا ذكرها".

" وهذه الصلة, وإن تكن انقطعت (بواسطة السياسة) من مئات السنين حتى انتُبِهَ إليها في عصرنا هذا, فقد بقيت من هذه الفروع مسائل يتوارثها الخلف عن السلف تقليداً لاجتهاد سابق, وقد أدركت في عصري من المشايخ الأجلاء من جمع البنت وعمتها والبنت وخالتها أيضا" .

" أما الإخوان الذين ينكرون ذلك فلا يرجعون فيه إلى أصل يعتمدون عليه, إلا ما حكمت عليهم به التقية, إذ أخذوا الإرث وآداب الشريعة (أخيرا) عن أهل السنة , بحكم الوقت و الأحوال والرخصة المعطاة لهم من أئمتهم حسبما يسمح به التأويل".

"وبما أننا نعتقد أن أئمتنا هم هداتنا وقادتنا وسبلنا إلى الله, وهم لا يفارقون الكتاب ولا يفترقون عنه, فيجب علينا الأخذ بحجزهم وترك أقوال من خالفهم من الفقهاء, كائنا من كان, هذا ما أراه و أقول به وأعتقده, والسلام على من عرف الحق وأهله و كان لله قوله وفعله, وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم " .

إذاً، هذا الزواج بأحكامه العامَّةِ عند العلويين يندرجُ في إطاره العام في الفقه الشيعي، ولكن:

يجبُ التنبيه بداية إلى أنَّ الزواجَ الذي نتكلمُ عنه هنا هو الزواجُ الدائم، وأمَّا المنقطع (المتعةـ المؤقت ـ المؤجل) فلنا فيه كلامٌ آخرَ.

ولنتفق بداية من أجل استثمار الوقت لضيقه في الحديث عن المفهوم بشكلٍ عامٍّ وليس عن التفصيلِ لأنه سوف يأخذ منا وقتاً طويلاً ولا أعرفُ إنْ كنَّا سنصل إلى إجابةٍ شافيةٍ.

وسأضع أمامكم مسلماتٍ مباشرة لندخل في صلب موضوعنا بشكل سريعٍ:

1ـ حالياً:

لا يوجد عند العلويين إلاَّ زواجٌ واحدٌ فقط: هو الزواج الدائم، يصحُّ فيه التعدد على (كراهةٍ مجتمعية وليست نصية) لا يخرج في أحكامه العامة عن الإطار الشيعي الفقهي، أما المتعة فلنا فيه كلامٌ آخرٌ مخلصه:

إنَّ إستغناء العلويين عن هذا الزواج لا يعني تحريمه: لكنه من باب التعفف والاكتفاء عنه بالزواج الدائم.

2ـ هناك فترة تعارفٍ ثم خُطوبة ثم زواج ، ثم هناك طلاقٌ في حالِ فشل الزوجان في الوصول إلى صيغةٍ مشتركة أو لعارِضٍ صحيٍّ أو أخلاقيٍّ ما.

ـ فترة التعارف( خاصة):

ونقول خاصة: لأنها بالغالب تكون بعيدة عن معرفة الناس بها، كالتعارف في الجامعة أو المدرسة ، تبقى بين الشخصين حتى الوصول إلى الخِطْبة.

شرعياً:لم يحرّم الشرع الحنيفُ أبواب التعارف بين الذكور والإناث، فما بالكم إذا كانت هناك رغبة في الزواج؟؟

ولم يقمِ الإسلام ـ حسب تقديري ـ أسواراً فاصلة، تمنع من التلاقي أو التحادث أو التعارف بين ​الجنس​ين..

نعم هنالك ضوابط أخلاقية وأحكام شرعية للحفاظ على أجواء العفة والطهارة، وللوقاية من أخطار الانزلاق والانحراف، وتجنب الذهاب بالهدف المرجو من التلاقي (وهو التعارف الصحيح) نحو إنحاطٍ وانحدارٍ شهواني يؤذي سمعة الشخصين أولاً، ثم العائلة ثانياً، فالمجتمع ثالثاً.

ثمَّ أن ليس أي اختلاطٍ وتلاقٍ بين الجنسين ممنوعاً، ففي مناسك الحج هناك اختلاط واضح بين الرجل والمرأة ، وفي عهد رسول الله ، والخلفاء والأئمة (عليهم السلام)، كان هناك اختلاط وتلاق في المساجد والأسواق والطرقات وغير ذلك، لكن هناك ضابطتين أساسيتين:

• الأولى: الحجاب والاحتشام.

• والثانية: منع الخلوة والانفراد بين الرجل والمرأة الأجنبية، بأن يكونا في مكان مغلق وحدهما. فقد روي عن رسول الله : « لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلَّا كَانَ ثَالِثَهُمَا شَيْطَانٌ.

أما تلاقي الرجل وجلوسه مع امرأة في مكان عام، أو مكان مفتوح، أو مع وجود شخص ثالث فلا مانع منه شرعاً.

وبناء عليه فيمكن للرجل أن يجلس مع مخطوبته، بوجود أحد معهما، أو في مكان مفتوح، مع رعاية سائر الضوابط والأحكام الشرعية .

ونحن نقول:

لا شك أنَّ المجتمع العلوي بكونه مجتمعاً إسلامياً قد تطور أكثر من غيره من المجتمعات الإسلامية المحيطة به، والتي كانت وما زالت تنظر إليه نظرة تخرجه عن رِبْقَة الإسلام للأسف، متذرعة بنصوصٍ قد أحاطت فكرها بأسوارٍ حصينة تمنع النور من النفاذ إليها.

وهذا التطور جاءَ نتيجة جنوح معظم أبنائه إلى الأحزاب العلمانية أو المدنية أو القومية، فجعلته يبتعد عن الجو الديني المغلقِ إلى آفاق المدنية الواسعة.

هذا التطور الذي أخذى مداه بسهولةٍ في غياب مرجعياتٍ دينية منظمة لها سطوة الوقوف في وجهه أو ربما مقاومته ..

لذلك وصل إلى مداه دون إنحراف أخلاقيٍّ والحمد لله .

وهذا التطور نلحظه في نظرته للمرأة بسماحه باختلاطِ الجنسين، فعندنا أن الشارع أتاح لكل من الرجل والفتاة أن يتعرفا على بعضهما من أجل الزواج، عبر النظر، والتحادث والمكالمة، وبأن يلتقيا شريطة أن لا يكونا وحدهما في مكان لا يدخل عليهما أحد.

ثم بقبوله بالمصافحة بالأيدي بينهما(مع الإشارة إلى أن النصوص ما زالت مقيدة بالتحريمِ السائد عند غيره من المجتمعات الاسلامية).

والسؤال المطروح هنا: هل هذا التطور سلبيٌّ أم إيجابيٌّ؟

بمعنى هل هذا الانفتاح الذي يتمتع به المجتمع العلوي نأى به عن الشذوذ الجنسي والجرائم الأخلاقية كالإغتصاب وسفاح القربى والسحاق واللواط ووو.. غيرها والتي باتت تسبب أمراضاً جنسية مزمنة كنقص المناعة المكتسبة وسواها..

عافانا الله وإياكم منها؟؟

الجواب:بكل شفافيةٍ وبساطةٍ ودقةٍ:

يمكنكم مراجعة سجلات المحاكم ومحاضر المخافر عن أسماء العلويين المتورطين في مثل هذه الأفعال الشاذة.. ستجدون أنَّها شبه خاليةٍ منهم ؟

وإذا وجدتم، فلن تجدوا سوى حالاتِ زنىً بين ذكرٍ وأنثى، رُبما ..

وهي نادرة جداً، وطبيعية في أيِّ مجتمعٍ .. فما بالكم بمجتمعٍ مغلقٍ سياسياً لكنه منفتحٌ عقلياً وذهنياً أكثر مما تتصورونه ، وأبعد مما يقالُ عنه بمسافاتٍ هائلة؟؟

من هنا، كانت هناك فترة تعارف كافية بين الشاب والفتاة (بعيداً طبعاً عن إشاعتها بين الناس)، قد تكون برضى الأهل وبعلمهما، وقد لا تكون، حسب الطباع الموجودة والعقلية السائدة في هذه الجزئية، ولكن حسب علمي لا يوجد مانع موصوف من التعارف شرط أن يكون كلٌّ من الشاب والفتاة من ذوي الأخلاقِ الحسنة وإلاَّ تسبب الأمر بمشكلةٍ كبيرةٍ.

وهنا يجب أن نضع بحسباننا أن وجود الحجابِ أو المَحْرَمِ يغيبُ دورهُ وتضيعُ فائدتهُ في وجود وسائل الاتصالات الخفية والعلنية الهائلة السرعة: فيسبوك ـ وتساب ..الخ.

إلاَّ إذا أردنا أن نحبسَ المرأة في زجاجةٍ ونغلقها عليها ..

حتى هذا الشيءُ لم يعد متاحاً في عصرنا هذا لو أراد بعضنا تطبيقه .

إذاً، ما هو الحل في غياب ضابط حقيقيٍّ نافعٍ في هذا العصر يُعيدُ للتعارف واللقاء بين الجنسين جدواه الحقيقيِّ في معرفة طباعِ بعضهما دون الدخول في المعاصي كما يقولون؟

فالخلوة موجودة موجودة، لا يستطيع الأهل مهما جهدوا أن يقفوا بوجهها إلاَّ عناداً وإصراراً على مخالفة الواقع..

تعتبر الشاعرة العلوية فاطمة سُليمان الأحمد(1908-1985) المُلقَبة بِـ(فتاة غسان)وهي ابنة علامة العلويين وشقيقة بدوي الجبل ـ أن التربية الحسنة للفتاة وتزويدها بالمعرفة وهديها للأخلاق الكريمة خير وسيلة لصونها وحماية عفتها:

عودوا عليها بالثقافة تكْشُفُوا عَنْ أَيِّ مَكْرُمَةٍ وَعَنْ صَوَابِ

وَتَعَهَّدُوا بالعلومِ نضيرةً... فالعلم أكـــبر حارس غـــلاب

إن الفضيلة إن جَلَتْ أزْهارُها مَتَّــتْ إليهِ بِـأمتنِ الأَسْـَـبابِ

فترة الخطبة :

عبارة ٌ عن قراءة الفاتحةِ على نية الزواج دون إجراء عقد شرعي، وبالتالي يُحرَّم على الخاطب ما يحلُّ للزوج .

وهي استمرارٌ لمرحلة التعارفِ الغير علنية وصولاً إلى مرحلة إعلان هذا الحب الذي تولد نتيجة تعارفٍ سابقٍ، وربَّما جاء صدفةٍ دون تعارفٍ...

في هذه الخِطبة تتداخل العائلتان مع بعضهما، ويتطور التعارفُ من الخطيبين إلى أهليهما وأصدقائهما، فيقومان بتبادل الزيارات وإقامة العلاقات العائلية والاجتماعية سوياً، ويخططان لبناء مستقبل زواجهما بشكل علني، وتجهيز بيت الزوجية، والاستعداد للعرسِ المنتظر ..

ويجوز للخاطب كما لخطيبته العدول ساعة شاءَ أحدهما عن فكرة الزواج قبل إبرام عقد الزواج، دون إجراء أي مقتضى شرعي أو قانوني .

وهنا يجب التنبيه إلى نقطة مهمةٍ عند العلويين:

صحيح أن النصوص تحلل نِكاح البنت بمجرد بلوغها(بعد إكمال تسع سنين هلالية) والذكر ببلوغه ( بخروج المني ، أو نمو الشعر الخشن على العانة أو الوجه ، أو إكمال ١٥ سنة هلالية) إلاَّ أنَّ المجتمع العلوي يرفضُ ذلك جملةً وتفصيلاً، ومن يفعله يُعتبرُ شاذَّاً ومخالفاً للأعرافِ والتقاليد التي لاستطالتها الزمانية صار لها قوة قانون التشريع.

وهذا تطورٌ إيجابي يجب الإشادة به عند العلويين، إذ أنَّ معظمهم لا يرضون قبل أن تحصل الفتاة على الشهادة الثانوية بأدنى تقديرٍ..

الزواج:

هو عقدٌ محكمٌ يُحلُّ كلاً من طرفيه للآخرِ استمتاعاً وحقوقاً وواجباتٍ.

له شروط وصيغةٍ معروفةٍ وأحكامٍ لن ندخل بها هنا لأنها تطول ولا يتسع الوقت لها.

ونشيرُ إلى جنوح كثيرٍ من العلويين إلى الابتعاد قدر المستطاع عن الزواج من أقاربهم لما شاع عن أمراض من جرَّاءِ هذا الزواج، وفضَّلَ أكثرهم الارتباط بالأبعدين.

ونختصر أن لدى العلويين آدابٌ للزواج (والجماع) تصلُ إلى التحريم عندهم والاشئمزاز والقرف من بعضها.

مثلاً: نكاح المرأة في دبرها: محرمٌ قطعاً. الجنس الفموي: مستكره ومستقبح.

يكره الجماع: في يوم تنكسف فيه الشمس وفي ليلة ينخسف فيها القمر، وفي يوم أو ليلة تحدث فيها الزلزلة أو الريح السوداء، أو الريح الحمراء أو الصفراء، أو تحدث فيها أية آية سماوية أو أرضية أخرى توجب الخوف. وما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، ومن مغيب الشمس إلى أن يذهب الشفق... ويكره وهو مستقبل القبلة ومستدبرها .

ومتروكٌ الدخول في هذه التفاصيل لذوق ووعي كلا الزوجين.

فمن سيكون حسيباً ورقيباً عليهما سوى الله .

تعدد الزوجات:

بالرغم من تحليله الواضح، إلاَّ أنه صارَ منبوذا ومرفوضاً في المجتمع العلوي، ولا يقبلُ إلاَّ على مضضٍ شديدٍ.

وهنا تدخل المدنية لتنافس المفهوم الديني السائد فتهزمه في كثيرٍ من الجولاتِ.

المهر( المصداق):

وهو مالٌ تستحقهُ المرأة بعقد النكاح، وله شروط يعرفه أهلها، ما نود ذكره هنا:

أن المُقَّدم : هو أثاثُ البيت.

المؤخر: يُتَّفقُ عليه.

وفي المجتمع العلوي صار متفقا بالعادات والتقاليد تسهيل أمر العروسين دون تكليفٍ، حتى أنَّ الكثير منهم يقول: هذا حِبرٌ على ورق، لعلمهم المسبق أنَّ هذا الزواج مقدسٌ وما يجمع بين العروسين أكبر بكثير من مبلغٍ يزيدُ أو ينقصُ، لتأكيد أن الأُسرة التي سيؤسسونها أهم بكثير من كل مالٍ لن يقبضُ مقدماً، ومن هو الكفيلُ بأن يعيشَ ليقبضه مؤخراً؟؟

الطلاقُ:

هو أبغضُ الحلالِ عند اللهِ، ويتخذُ في المجتمع العلوي حالةَ رفضٍ ومقاومةٍ فظيعةٍ، فمن أرادَ أن يُطلِّقَ عليه أن يجتازَ عقباتٍ نفسية ومساءلاتٍ عائلية ومجتمعية خطيرةٍ.

ويتم عندنا بصيغةٍ واحدة فقط: أنتِ طالق.

ولو قالها أكثر من مرةٍ أنت طالق، دون أن يتخلل بينهما رجعة ، تعتبر طلقة واحدة.

له شروطه المعروفة عندنا، ما أودُّ إيضاحه أن الطلاقُ الثالثُ والذي: تُحْرَمُ المُطلَّقة على زوجها الأول حتى مع العقد الجديد، ولا تُحُلُّ له إلاَّ إذا نكحتْ زوجاً غيرهُ، يُسَمَّى المُحَلِّلُ، فإذا فارقها هذا المُحلِّلُ بموتٍ أو طلاقٍ جازَ للأولِ العقد عليها بعد العُدَّة.

نقولُ: بالرغم من حِلِّيَّةِ هذا المُحَلِّل وشرعيتهِ إلاَّ أنَّهُ مرفوضٌ أَيضاً عندنا ولا يُلْجَأُ إِليهِ مهما كلَّفَ الأمر وكانَ ضرورياً بالنسبة لأحدهما أو كليهما.

وليسَ رفضُ الرجوع للزوجة الأولى بعد دخول محُلِّلٍ بها بعلم الزوج الأول هو رَفْضٌ للشرعِ، وإنَّما النفوس عندنا لم تعد تقبله ولا ترتضيه أَنَفَتهم ولا رُجوليتهم، من بابِ ليس كلُّ مُحَلَّلٍ يوجب فعله..

عدة الطلاق:

وهي العُدَّةُ المعروفة في المصادرِ الشيعية الفقهية بلا خلافٍ، نختصرُ منها موضع الحاجة:

ـ تبدأ العُدَّةُ للمُطَلَّقة التي دُخِلَ بها( بعد إكمالها التِّسع وقبل بلوغها سن اليأس) من تاريخ وقوع الطلاق لا تاريخ علمها به.

ـ وعُدّة الطلاق لغير الحامل ثلاثة أطهار، تنتهي بعد رؤيتها الدّم الثالث(ويحسب الطهر الفاصل بين الطلاق وحيضها طهراً واحداً مهما كان قليلاً).

ـ وعدّة المطلّقة الحامل مدّة حملها، وهي تنقضي بوضع الحمل، تامّاً كان ذلك الحمل أو سقطاً.

العائلة عند العلويين:

هي قُطْب الرَّحى الذي يسعى كل علوي إلى امتلاكهِ، وهنا أيضاً نقطة مهمة مميزة عند العلويين، وهي خروجهم من الفكر العشائري الضيق والعائلي الأشبه بالبدوي بالتزواج والارتباط إلى الكون الطائفي الأوسع..

قال شاعرهم الكبير المكزون السنجاري في تائيته:

وَباعَدتُ فيها الأَقرَبينَ مَقارِباً عَلى حُبِّها أَهلَ الشُعوبِ البَعيدَةِ

وفي هذه العائلة يتكامل الزوجان معاً:

فالمرأة إلى جانب الرجل في عمله وإنفاقه على أُسرته، والتربية ترتكزُ في معظمها إلى التربية الذكية المعاصرة أكثر من كونها تربية دينية، ونيل المراتب العلمية وتحصيل الشهادات والوظيفة هي شاغل الآباء تجاه أبنائهم..

وأكادُ أجزمُ أنَّه لا يوجدُ أمِّيٌّ أو أمِيَّةٌ عند العلويين بشكلٍ قاطعٍ.

ونسبة الشهاداتِ العالية بين أبنائها جديرةٌ بالاحترامِ بكل صدقٍ.

وفي النهاية :

قد لعبتِ القوانين الوضعية الحديثة دورها في تشكيل المجتمع العلوي أكثر من القوانين التشريعية ( الدينية) وذلك يعود لعدة أسبابٍ سياسيةٍ واجتماعية وديموغرافيةٍ، وغياب المرجعيات الدينية الضابطة.

ولعل هذه القوانين لم تسيء كثيراً إلى هذا المجتمع بقدر ما أفادته من تلك النظرة المتسامحة الذي يحملها فكره اللامتطرف، فلا توجدُ فتوىً تكفيريةً واحدةً، بل بالعكس كل لسانه نُطقٌ بالمحبة والدعوة إلى وحدة الأديان..

قالَ شاعرهم المنتجب العاني( قدسه الله) :

وموسويٍ مسيحيٍّ أنا، وإلى محمدٍ رُحْتُ عَنْ قَصْدٍ بِبُرْهَانِ

فَسَمِّنِي وَادْعُنِي فِي كُلِّ مَنْزِلَةٍ: بِمُسْلِمٍ وَيَهُوْدِيٍّ وَنَصْرَانِي

وَخَلِّن وَيَقِيْني فِي أَبِي حَسَنٍ فليس شأنك في الهوى شاني

وأصلُ لأختمُ بهذه الإشكالية :

هل فعلاً وصلنا إلى مرحلة تلعب فيه القوانين الوضعية دوراً أكثرَ إيجابية من القوانين السماوية؟

وهل المشكلة في هذه القوانين أم في الصور النمطية التي يولدها أصحابُها في نصوصِ ونفوس الملايين؟.

والحمد لله ربِّ العالمين