أكد الكاتب والمحلل السياسي المحامي ​جوزيف أبو فاضل​ أنّ المجلس النيابي الحالي ليس امتداداً للزمن السوري في لبنان، مشيراً إلى أنّ الرئيس السوري بشار الأسد والقيادة السورية لديها همومها ومشاكلها وحربها، مشدّداً على أنه لا يوجد أحد في لبنان يتصرّف كما كان يتصرّف غازي كنعان أو رستم غزالي إبان الزمن السوري.

وفي حديث إلى تلفزيون "LBCI" ضمن برنامج "نهاركم سعيد" أدارته الإعلامية ديما صادق، لفت أبو فاضل إلى أنّ العلاقات اللبنانية السورية عادية باعتبار أنّ هناك سفيراً لبنانياً في سوريا وسفيراً سورياً في لبنان، وهناك تواصل بين قيادتي البلدين، مشيراً إلى أنّ قانون الانتخاب النسبي هو الذي أنتج هذه المجموعات من الشخصيات القريبة من سوريا.

تحالف الأقوياء

واعتبر أبو فاضل، رداً على سؤال، أننا اليوم أمام مشهد جديد، لافتاً في هذا السياق إلى الرسائل الإيجابية بين رئيس المجلس النيابي نبيه بري ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، وفي المقابل حصول اللقاء بين رئيس الحكومة سعد الحريري ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع بعد انقطاع تسعة أشهر.

وتحدث أبو فاضل عن تحالف للأقوياء يتبلور اليوم، مشدّداً على أن القوات اللبنانية يجب أن تترجم انتصارها في الحياة السياسية في البلد وليس القول أنّ هناك من يريدون عزلهم، ولفت إلى أن تحالف الأقوياء يضمّ حزب الله وهو الأقوى في البلد، بالإضافة إلى الرئيس ميشال عون والوزير جبران باسيل والرئيس نبيه بري والرئيس سعد الحريري.

ورأى أبو فاضل رداً على سؤال آخر، أن "14 آذار" لا تزال موجودة في تركيبة المجلس النيابي الحال، ولكنّها مفتّتة، ملاحظاً أنّ أياً من مكوّناتها لا يتحدّث مع المكوّن الآخر.

انهيار سريع

واعتبر أبو فاضل أنّه عندما يعلن حزب الله أنّ الرئيس نبيه بري هو الذي يمثله بالمفاوضات في كل ما له علاقة بالدولة، فهو يفهِم كلّ العالم أنّ الذي يمثل هذا الخط هو الرئيس بري، مشيراً إلى أنّ من يفكّر بأنّ دور بري انتهى لا يفقه شيئاً من السياسة.

ولفت أبو فاضل إلى أنّ هناك استحقاقات داهمة اليوم، منبّهاً إلى خطورة الوضع الاقتصادي، متحدّثاً عن انهيار سريع إذا لم يتدارك المسؤولون في الدولة الوضع ويسرعوا بتشكيل الحكومة، وشدّد على أنّه لا يمكن مجابهة أحد، لا الرئيس بري ولا الرئيس عون ولا غيرها، موضحاً أن أحداً لا يمكن إلغاء أحد في البلد.

لتجاوز مرحلة الانتخابات

وأشار أبو فاضل إلى أن الانتصار الذي تحقق بزيارة الرئيس بري للرئيس عون في القصر الجمهوري يدلّ على أن هناك اتفاقاً جديداً، وعلى أن السياسة لا يمكن أن تكون جامدة وثابتة كالقانون، مؤكداً أنّ الرئيس عون يصرّ على تجاوز مرحلة الانتخابات، وكذلك الأمر الرئيس بري، الذي أعطي الغطاء المسيحي من قبل كتلة التيار الوطني الحر، بعدما قرّرت كتلة القوات اللبنانية التصويت بأوراق بيضاء.

ولفت أبو فاضل رداً على سؤال إلى أنّ أحداً من التيار الوطني الحر لم يدخل منذ العام 2005 إلى هيئة مكتب المجلس النيابي، وأشار إلى أنّ الرئيس نبيه بري ناخب أساسي على هذا الصعيد أيضاً، ورأى أنّ التيار الوطني الحر ينظر اليوم إلى القوات اللبنانية بمرارة، لأنه لا يفهم لماذا تتصرف بهذا الشكل بما يوقع الضرر عليها، وقال: "هناك تحالف للأقوياء، وإذا لم يرغب القواتيون بالدخول إلى هذه الجنة، سيكونون خارج السلطة"، وأضاف: "القوات من الأقوياء، لكنهم يقصون أنفسهم".

دعسة ناقصة

واعتبر أبو فاضل أنّ القوات اللبنانية ارتكب دعسة ناقصة في الحياة البرلمانية بعدم انتخابها الرئيس نبيه بري رئيساً للمجلس النيابي، مشيراً إلى أنّهم يقصون نفسهم بذلك، فهم لم ينتخبوا بري، فجاءهم الرد من خلال انتخابات هيئة مكتب المجلس. وفيما لفت إلى أن القوات هي من الأقوياء، أشار إلى أنها تحظى بالدعم من الخارج أيضاً وتحديداً من المملكة العربية السعودية، في حين أنّ التيار الوطني الحر لا ولاءات خارجية له على الإطلاق، مذكّراً بما حصل خلال مرحلة احتجاز الرئيس سعد الحريري في السعودية، وكيف تحرّك الرئيس ميشال عون.

وذكّر أبو فاضل أيضاً بأنّ الرئيس نبيه بري هو الذي وقف مع القوات ورفض محاولة عزلها عبر إخراجها من الحكومة بعد أزمة استقالة الرئيس الحريري وعودته عنها، مستغرباً أن تردّ القوات هذا الجميل لبري من خلال حجبها أصواتها عنه، متسائلاً عن الفائدة من الورقة البيضاء في هذا المجال.

لا شعبية للسلطة

ولفت أبو فاضل، رداً على سؤال، إلى أنّه لم يُسمَح للتيار الوطني الحر بالتحالف مع تيار المستقبل في المناطق ذات الثقل السني من بيروت الثاني إلى عكار وصيدا وطرابلس والمنية الضنية والبقاع الغربية، موضحاً أنّ السعودية هي التي لم تسمح لتيار المستقبل بالتحالف مع التيار الوطني الحر في المناطق ذات الأكثرية السنية.

وأعرب أبو فاضل عن اعتقاده بأن لا شعبية للسلطة بشكل عام، مشيراً إلى أنّ القوات هي التي ستحدد مسارها المقبل، ولفت إلى أنّ رئيس الجمهورية حريص على أن يتمثل الجميع في الحكومة، وعلى ضرورة مكافحة الفساد، وهو ما استشفه منه خلال اللقاء الذي جمعه به في قصر بعبدا قبل أيام.

معركة الرئاسة لم تبدأ

وشدّد أبو فاضل على أنّ القوات إذا دخلت إلى الحكومة يجب أن تقارب الأمور بطريقة مختلفة عمّا كان سائداً في المرحلة الماضية، من حيث المناوشات مع التيار الوطني الحر وعرقلة مشاريعه، لافتاً إلى أن رئيس الحزب سمير جعجع يجب أن يعلم أنّ معركة رئاسة الجمهورية لم تبدأ بعد، والمطلوب تسيير شؤون البلد اليوم.

وذكّر أبو فاضل بأنّ المجلس النيابي الحالي ليس هو الذي سينتخب رئيس الجمهورية المقبل، إذ إنّ ولايته تنتهي قبل أن تنتهي ولاية رئيس الجمهورية ميشال عون، وشدّد على أنّ القوات يجب أن تحسم أمرها، ولا يمكنها الدخول إلى السلطة ومعارضة السلطة في الوقت عينه كما كانت تفعل في السابق، وإلا يمكن الذهاب إلى حكومة أكثرية تحكم وأقلية تعارض كما يحصل في معظم دول العالم.

ورداً على سؤال، لفت أبو فاضل إلى أنّ رئيس الحكومة لا يقرّر وحده تركيبة مجلس الوزراء، مشيراً إلى أنّ توقيع رئيس الجمهورية على مرسوم تشكيل الحكومة ضروري، وبالتالي فإنّ موافقته على شكل الحكومة وتركيبتها شرط لتبصر الحكومة المقبلة النور.

الحزب الأقوى

وأكد أبو فاضل رداً على سؤال آخر أن حزب الله هو الحزب الأقوى اليوم، مشيداً بقوته القتالية ضدّ العدو الإسرائيلي والتكفيريين، لافتاً إلى أنه زعيم للمقاومة في كل الكرة الأرضية اليوم، وأوضح أنّه يقاتل الموساد الإسرائيلي ويملك قوة معنوية كبيرة، فضلاً عن كونه يبحث عن التكفيريين لإنهائه.

وأعرب أبو فاضل عن اعتقاده بأنّ الحكومة لا يمكن أن تؤلَّف إذا لم يكن حزب الله يريد أن تؤلّف، وأشار إلى أنّ الحزب يسعى اليوم لتنفيس الاحتقان، وهو لعب دوراً في التهدئة بين الرئيس نبيه بري والوزير جبران باسيل، وهو يسعى كذلك لترطيب الأجواء بين الأخير ورئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية.

وأشار أبو فاضل إلى أنّ التسوية الرئاسية توسّعت مع انتخاب الرئيس نبيه بري رئيساً للمجلس النيابي، وباتت تسوية على مستوى البلد، معتبراً أنّ القوات اللبنانية يجب أن تسعى إلى وقف التشنّج انطلاقاً من ذلك لحجز مقعد في التسوية، مجدّداً انتقاده لاستخدام الورقة البيضاء ما يمكن أن ينقلب ضدّهم.

السعودية تعود إلى لبنان

ولفت أبو فاضل رداً على سؤال، إلى أنّ السعودية بعد الانتخابات العراقية والدخول السيد مقتدى الصدر والسيد عمار الحكيم بقوة على الخط في العراق وهما شخصيتان شيعيتان بارزتان، تتجه للدخول إلى الحلبة اللبنانية بقوة لكن من دون مشاكل، مشيراً إلى أنّ السعودية لا تريد مشاكل في هذه المرحلة.

ولفت أبو فاضل إلى أنّ المطلب السعودي كان أن لا يكون نادر الحريري موجوداً الآن، مؤكداً أنّ الأخير لم يغدره، مشيراً إلى أنّ وجود نادر الحريري برفقة الرئيس الحريري خلال الإفطار الرئاسي الذي جرى في قصر بعبدا دليل على أن رئيس الحكومة لن يستغني عنه، موضحاً أنّه إذا كان هناك خلافات بين نادر الحريري والسعودية، فإنّ الرئيس الحريري يستطيع من خلال علاقته بالمملكة حمايته وترتيب وضعه، وهو ما لن يستطيع فعله لو كان على خلاف مع السعودية.

تشنج بين الحريري والمشنوق

من جهة ثانية، تحدّث أبو فاضل عن بوادر تشنّج بين الرئيس الحريري ووزير الداخلية نهاد المشنوق، جازماً أنّ الأخير لن يعود إلى وزارة الداخلية نتيجة هذا التشنّج، ولكنه استبعد أن يخرج المشنوق من كتلة المستقبل، وأن يستقلّ، كما تشير بعض المعطيات، معرباً عن ثقته بأنّ المشنوق لا يترك تيار المستقبل والرئيس الحريري.

ولفت أبو فاضل إلى أنّ الرئيس الحريري يتصرف في مكان ما كولي العهد السعودي الأمير محمد بن سليمان من حيث الإطاحة بالكثير من الشخصيات، رافضاً القول إنّه اليوم يذهب إلى تكليف الحكومة وهو أضعف من وضعه في السابق، وقال إن الحريري يسعى إلى تسلم زمام السلطة وهو يريدها، ولكن لم يعد لديه القوة التي كانت لديه سابقاً، ولذلك ارتدّ على جماعته، ظناً منه أنهم السبب في خسارته، علماً أنّ عامل المال لعب دوره أيضاً.

العلاقة بين الحريري وباسيل مستمرة

وأكد أبو فاضل رداً على سؤال أنّ العلاقة بين الرئيس سعد الحريري والوزير جبران باسيل باقية رغم استبعاد مدير مكتب الحريري نادر الحريري الذي يقال إنه كان عرّاب هذه العلاقة، وأشار إلى أنّ السعودية لم تكن صادقة مع الرئيس الحريري، مذكّراً بما حصل معه في قضية شركة سعودي أوجيه، وتحدّث عن مشاكل داخلية في السعودية على هذا الصعيد، إلا أنه رأى أننا أمام مشهد جديد في التعاطي السعودي مع الرئيس الحريري.

ولفت رداً على سؤال إلى أن أبرز العقد التي قد يواجهها الحريري في الحكومة الجديدة قد تتمثل في الحقائب إلا أنها ستتذلل، وكذلك بالنسبة لثلاثية الجيش والشعب والمقاومة التي يمكن حلّها كالعادة بالاعتماد على اللغة العربية الإنشائية لإيجاد صيغة لا تحرج الرئيس الحريري، وهناك كذلك قضية النازحين السوريين التي يطالب الرئيس ميشال عون بأن تكون ضمن البيان الوزاري.