قد لا يكون مفاجئاً ان يجتمع قطبان كبيران كرئيس مجلس النواب ​نبيه بري​ والامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله من حيث الشكل والتوقيت والمضمون، اذ سبق ان التقى الرجلان قبل اشهر وعلى ابواب "طبخ الانتخابات" النيابية وفق مصدر بارز في تحالف امل وحزب الله. وقد يكون التوقيت امس الاول مثالياً للتأكيد على ان "طبخة الحكومة" نضجت وبدأ البحث في مرحلة ما بعد تشكيلها. كما كان التوقيت مثالياً قبل انطلاق صفارة التحضيرات للانتخابات النيابية قبل اشهر وخلال اللقاء المذكور اتفق الرئيس والسيد على كل عناوين الملف الانتخابي والتحالف بين الطرفين ونوقشت فيما بعد التفاصيل الصغيرة التي انجزت قبل ان يفكر اي طرف لبناني في تحالفاته. ويؤكد المصدر ان العلاقة بين حركة امل وحزب الله اكبر من تحالف انتخابي وعدد الاصوات التي نالها نواب الطرفين واكبر من تحاصص سياسي ووزاري وفي التعيينات فالتحالف بين الطرفين وجودي وضروري ووطني ويشكل مظلة امان لكل الاطراف الاخرى.

وبعيداً من الشعارات التي يتبجح بها البعض اليوم، يذكر المصدر ان حزب الله وحركة امل كانا اول من نادى بالشراكة والميثاقية ورفض الاستئثار بالسلطة وطالبا بإشراك كل مكونات لبنان في حكومة الوحدة الوطنية وطالبا بثلث ضامن منعاً لتفرد طرف على آخر فلبنان لا يحكم بمنطق الاكثرية والاقلية. ومن هذا المنطلق تفاهم بري ونصرالله ومعهما الرئيس ميشال عون والرئيس سعد الحريري والوزير جبران باسيل على ضرورة الواقعية السياسية وقراءة المتغيرات الانتخابية والاحجام والتحالفات وترجمتها في تأليف الحكومة العتيدة بما فيها إشراك القوات وسنة ومسيحي 8 آذار وعدم تهميش المكون الدرزي الذي يمثله النائب السابق وليد جنبلاط والوزير وئام وهاب والوزير طلال ارسلان.

في الملف الحكومي لا خلاف بين امل وحزب الله على الحقائب وستبقى المالية في عهدة الرئيس بري والذي سعيد تسمية الوزير علي حسن خليل "على الارجح" لرضى بري عن ادائه ونجاحه في الوزارة نفسها، في حين يريد السيد نصرالله ان تكون انطلاقة حزب الله في اول حكومة للعهد بعد الانتخابات قوية وفاعلة ويريد ان تكون مشاركة حزب الله بحزبيين وفي ثلاثة وزارات منها واحدة خدماتية واخرى اساسية كالاشغال والصحة (واحدة منها) والشؤون الاجتماعية او التربية.

وفي الملف الداخلي ايضاً كان لافتاً ان ملف مكافحة الفساد شغل حيزاً من اللقاء وفق المصدر الذي يؤكد ان إعلان السيد نصرالله عن النائب المسؤول عن متابعة الملف وهو حسن فضل الله يؤشر الى ان حزب الله شكل اللجنة الحزبية المعنية بالمتابعة والتي سيرأسها شخصياً الامين العام للحزب وسيتابعها بتفاصيلها للوصول الى نتائج. ويؤكد المصدر ان دائماً ما كان "يُعيّر"

الحزب بحليفه حركة امل على اساس انها جزء من حقبة الحكم منذ العام 1992 حيث كان التحالف واضحاً في ظل الوجود السوري بين الرئيسين بري ورفيق الحريري والنائب جنبلاط وكانت الامور تسير "بسلاسة" وبتوزيع الحصص والمغانم ولم تخل الامور من اشكالات وصراعات و"غسيل قلوب" وخصوصاً في وجود الرئيس اميل لحود الذي لم "ينسجم" معه الاطراف الثلاثة في إدارة البلد حيث كان لهذه "الترويكا" كل الصلاحية في تسيير او تعطيل اي امر.

ويقول المصدر ان حزب الله كثيراً ما كان يسمع هذا الكلام من التيار الوطني الحر ومن الرئيس عون خلال ترؤسه التكتل النيابي ومن الوزير جبران باسيل وان الحزب لا يلاقي عون والتيار في ملف مكافحة الفساد الذي يتهم به التيار بشكل اساسي تيار المستقبل وحركة امل ووليد جنبلاط.

ويقول المصدر بصراحة ان اليوم غير الامس فصفحة الماضي طويت وبدأنا صفحة جديدة فلا يمكنك المحاسبة اذا لم تبدأ من مكان ما فالبداية ستكون من هنا. فالكلام عن مكافحة الفساد الذي تناوله لقاء السيد نصرالله والوزير باسيل قبل الانتخابات ليس "نظرياً" لانه اخذ حيز التنفيذ كما كان ملف الفساد حاضراً في الغداء الرئاسي بين الرئيسين عون وبري وكان اتفاق على السير في الموضوع.

تأكيد حزب الله على لسان السيد نصرالله بدء وضع اسس العمل في مكافحة الفساد وملاقاة الرئيس بري للسيد نصرالله في هذا الملف وبالتوازي مع الشراكة مع الرئيس عون والتيار وباسيل يؤكد الجدية في هذا الملف والانطلاق في مشاورات ثلاثية لوضع اسس ومبادىء وآلية بدء العمل. فهل تطوى صفحة الماضي وتبدأ المحاسبة في عهد الحكومة الجديدة؟ وهل تستحدث وزارة جديدة تعنى حصراً بملف الفساد مع تشكيل هيئة قضائية مستقلة وبصلاحية عالية للبت بالاحكام وتسريع الاجراءات؟

وتسريع هذه الاجراءات بعد تفاهم بري وعون ونصرالله سيحتم على باقي الاطراف السير في هذه "الحرب" التي ان بدأت لن تنتهي ويجب ان تكون النتائج سريعة وواضحة لتأكيد الشفافية والجدية.

الملف الثالث وهو هام للطرفين وهو إعادة لملمة الاوضاع الداخلية وخصوصاً داخل "بيت الحلفاء" فبعد التهدئة والتفاهم بين عون وبري وباسيل يستكمل حزب الله جهوده لتهدئة الامور بين المردة والتيار وقد تكون البداية من إشراك تكتل المردة النيابي مع حلفائه في طرابلس وكسروان - جبيل بوزارة خدماتية هامة.