قد يجد البعض بتصدر بند "​مكافحة الفساد​" البرنامج الانتخابي ل​حزب الله​ في المرحلة الماضية، أمر مبالغ فيه وينحصر بمحاولة الحزب استيعاب امتعاض جمهوره الذي يرزح كما كل اللبنانيين تحت أوضاع اقتصادية ومعيشية صعبة للغاية. الا ان ما رشح عن الجولة التي بدأها مسؤولون حزبيون على رؤساء ​الكتل النيابية​ كما عن اللقاء الذي جمع الأمين العام للحزب ​السيد حسن نصرالله​ بوزير الخارجية في حكومة ​تصريف الأعمال​ ​جبران باسيل​، يؤكد أن الحزب يضع حقيقة "مكافحة الفساد" بندا رئيسيا على أجندته الداخلية في الفترة المقبلة، وهو ما أكدته مصادر مقربة منه تحدثت حتى عن قرار اتخذ بأن يوازي الحزب بين أولوية "​المقاومة​" وأولوية بناء الدولة ومكافحة الفساد، ما يؤشر الى "تبدّل استراتيجي بالنسبة اليه ينقله من حالة الحزب الجهادي الى الحزب السياسي".

ولا يبدو أن قيادة حزب الله تتمسك بهذا الملف على اعتباره فقط عنوانا جذابا على المستوى الشعبي، بل لأنها وصلت الى "قناعة بأن الوضع الداخلي سواء الاقتصادي او الاجتماعي وصل الى درجة من الخطورة يهدد كل ما قام به الحزب خلال السنوات الماضية ان كان على مستوى تحرير لبنان او مواجهة ​الارهاب​". وفي هذا السياق تعتبر المصادر ان "مكافحة الفساد في هذه المرحلة تندرج باطار "المقاومة" التي باتت تتخذ أشكالا شتى"، لافتة الى ان الحزب "تفرغ في المرحلة الماضية للعمل الجهادي والعسكري وبرع فيه، لكن بالمقابل كان هناك من يراكم الفشل على مستوى ادارة شؤون البلد وهو ما أدى لتضخم ​الدين العام​، تردي الخدمات، ووصول كل القطاعات الى مرحلة أقرب الى الانهيار، ما بات يستلزم التفات حزب الله للتعاون مع باقي الفرقاء الجديين للنهوض بالبلد لأن سقوطه سيعني سقوط الانجازات التي تحققت على مستوى العمل المقاوم".

وقد وكّل السيد نصرالله في مرحلة ما قبل ​الانتخابات​ النائب ​حسن فضل الله​ بمتابعة ملف مكافحة الفساد عن كثب على ان يشرف شخصيا على متابعته. واشارت المصادر الى انه "وبما يؤكد وجود جدية كبيرة في التعامل مع الملف، تم انشاء فرق متخصصة لجمع المعطيات والمعلومات بالتوازي مع اعداد المركز الاستشاري للدراسات التابع للحزب 10 دراسات للنهوض بكل القطاعات ووضع حد للفساد الضارب في الأجهزة والمؤسسات".

ويحاول الحزب، وفق المعطيات، من خلال الجولة التي بدأها على رؤساء الكتل التمهيد لمرحلة ما بعد تشكيل ​الحكومة​، والتي يُفترض برأيه ان تلحظ اقرار خطط وبشكل سريع تؤمن اتخاذ اجراءات حقيقية في مجال مكافحة الفساد على أن تنطلق بشكل متزامن عملية اصلاح واسعة تطال كل القطاعات دون استثناء.

وبالرغم من تأكيد كل الفرقاء استعدادهم للتعاون في هذا الملف، علما ان معظمهم تبنّاه كبرنامج انتخابي ما جعل اللبناني يتساءل عن الفاسد الحقيقي الذي ستتم مكافحته، يعتبر معنيون ان البعض اضطر الى ركوب الموجة كي لا يذهب ضحيتها، لكنه لن يتوانى عن التصدّي لأي اجراءات من شأنها ان تقفل الباب على مصالحه مهما كانت الأثمان.