حتى الساعة لا تزال المشاورات الحكومية على حالها، بالرغم من أن التوقعات كانت تتحدث عن احتمال أن تكون "الولادة" قبل ​عيد الفطر​، إلا أن حسابات الحقل، على ما يبدو، لم توافق حسابات البيدر، وبات شبه محسوماً أن رئيس ​الحكومة​ المكلف ​سعد الحريري​ لن يتمكن من إنجاز مهمته في الأيام الأخيرة من ​شهر رمضان​، لا سيما مع دخول بعض الملفات الإقليمية على الخط.

في هذا السياق، تؤكد مصادر مطلعة على مشاورات التأليف، عبر "​النشرة​"، أنه حتى الساعة لم تبرز أي عقدة داخلية لا يمكن حلها، نظراً إلى أن جميع الأفرقاء المعنيين على اتفاق للاستمرار في ​سياسة​ "ربط النزاع" في ما بينهم، في حين أن العراقيل التي يُحكى عنها، سواء كانت تلك المتعلقة بالتمثيل المسيحي أو الدرزي أو السني، من الممكن معالجتها، مع العلم أن الأولى قد تكون هي الأصعب في ظل الصراع بين "​التيار الوطني الحر​" وحزب "القوات اللبنانية"، بالإضافة إلى الإشارات ​السعودية​ بضرورة عدم تجاوز مطالب الحزب، الأمر الذي يدركه الحريري جيداً، لا سيما بعد أن ذهب إلى تنفيذ ما كان يطلب منه على مستوى تيار "المستقبل"، إلا أنها تشدد على أن لا جديد يذكر في الوقت الراهن.

وتلفت هذه المصادر إلى أن الواقع نفسه ينطبق على البيان الوزاري، الذي كان يتطلب إنجازه في الحكومات السابقة، العديد من الأيام، بسبب الخلاف حول معادلة ​الجيش​ والشعب و​المقاومة​، نظراً إلى أن التوجه هو نحو اعتماد البيان الوزاري لحكومة ​تصريف الأعمال​ الحالية، وبالتالي ليس هناك من أزمة حقيقيّة على المستوى الداخلي، والمطلوب البحث عن العقد في مكان آخر ربما يكون خارج الحدود.

من وجهة نظر المصادر نفسها، لا ينبغي تجاهل ما يحصل على مستوى المنطقة من تطورات، لا سيما مع ارتفاع مستوى التهديدات الأميركية تجاه ​إيران​ بعد انسحاب ​واشنطن​ من ​الاتفاق النووي​، بالإضافة إلى التحولات القائمة على الأرض السوريّة، التي بدورها لا تنفصل عن موجة العقوبات التي فرضت على قيادات من "​حزب الله​"، مباشرة بعد بروز نتائج ​الانتخابات النيابية​، التي أظهرت تقدم قوى الثامن من آذار على قوى الرابع عشر من آذار، وتضيف: "ربما تكون هنا العقدة الأساس، أي التوازن الذي يريد بعض اللاعبين الإقليميين والدوليين عدم تجاوزه بأي شكل من الأشكال".

من جهة ثانية، تؤكد مصادر نيابية في قوى الثامن من آذار، عبر "النشرة"، عدم وجود أي عراقيل من جانبها، لا بل تستغرب التأخير الحاصل على مستوى المشاورات، بالرغم من أن الظروف المالية والاقتصادية الداخلية، بالإضافة إلى الظروف الإقليمية المحيطة، من المفترض أن تدفع مختلف الأفرقاء إلى الإسراع في إنجاز التشكيلة الحكومية، لا سيما أن الانتخابات النيابية أظهرت نتائج واضحة من المفترض التعامل معها، لكنها تحذر من إمكانية أن يكون البعض عاد إلى الرهان على حصول تحولات ما على مستوى المنطقة.

وتشدد هذه المصادر على أن هذا الأمر لن يصب في مصلحة رئيس الحكومة المكلف، الذي لا يزال يحظى بدعم مختلف الأفرقاء المحليين، وبالتالي المطلوب تجاوز كل العقد، لأن في الانتهاء من هذا الاستحقاق، بأسرع وقت ممكن، مصلحة وطنية، وليس هناك ما يجب انتظاره من الخارج، خصوصاً أنه في حال كانت هناك تحولات على مستوى المنطقة، المطلوب حماية الاستقرار المحلّي عبر الذهاب إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية تضمّ مختلف القوى والشخصيات الفاعلة، وتضيف: "الجميع يعلم لعبة التوازنات المحليّة وليس هناك من يريد الانقلاب عليها، على عكس ما يروج له البعض".

في المحصّلة، لا عقبات داخلية تحول دون تشكيل الحكومة في وقت قريب، لكن على ما يبدو هناك من يريد تأخير ولادتها بعض الوقت، على أمل أن تعيد التطورات الإقليمية رسم المعادلة المحليّة بشكل "أفضل".