في 28 أيار الماضي حاول صاحب فكرة إنشاء معمل للنفايات في ​كفرشيما​ عرض المشروع على اهل البلدة. استعان بمختصين من شركة "mores" التي تعدّ دراسة تقييم الأثر البيئي الخاصة بالمعمل، ولكن النتيجة كانت أن وقع إشكالا ادى لتطيير اللقاء وبقاء الامور تائهة بين مؤيد لمعمل ​النفايات​ في كفرشيما ومعارض له.

يعلم سكان البلدة أن أي خطة بيئية فعّالة يجب أن تقضي بإنشاء مشروع ل​معالجة النفايات​، لكنهم بالوقت نفسه فقدوا ثقتهم بالدولة وبمثل تلك المشاريع التي أظهرت نتائج سلبية كثيرة في عدد من المناطق ال​لبنان​ية، ولا يملكون ما يضمن لهم "نقاوة" هذا المشروع الذي أُسقط عليهم بطريقة مريبة، فماذا عن التفاصيل؟.

في 27 كانون الأول من العام الماضي وصل الى ​وزارة البيئة​ تقرير تقييم الأثر البيئي الخاص بمشروع انشاء معمل لمعالجة النفايات عبر تقنية التفكّك الحراري في كفرشيما على العقار رقم 1008، وتم تسجيله تحت الرقم 14328ب. في تاريخ 11 كانون ثاني 2018 ردّت الوزارة على التقرير بكتاب حمل الكثير من الملاحظات والطلبات التي يتوجب على الشركة القيام بها قبل أن تعود مجددا الى الوزارة لنيل الموافقة. غابت الشركة ثلاثة أشهر قبل أن تقدم تقريرها الجديد في 16 آذار 2018، والذي اتضح أنه غير كاف أيضا ما استدعى الوزارة لأن تقدم ملاحظاتها مجددا على المشروع.

اذا يقول أصحاب المشروع أنه لمعالجة النفايات عبر تقنية التفكك الحراري، ولكن الحقيقة ليست كذلك، اذ تكشف مصادر بيئيّة عبر "النشرة" أن المشروع هو عبارة عن محرقة للنفايات، مشيرة الى أن المحرقة لا تختلف عن عملية التفكك أو التحلل الحراري لناحية ​التلوث​ الناتج عنهما الا أن الاختلاف الذي أراد أصحاب المشروع إظهاره يكمن بـ"الإسم" فقط اذ باتت "لفظ" المحرقة مكروها لدى اللبنانيين.

وتضيف المصادر، "إن الفارق بين التحلل الحراري والحرق هو أن الطريقة الاولى تؤدي لمعالجة كيميائية للمواد العضوية على درجة حرارة مرتفعة بغياب الاوكسيجين، بينما الثانية هي تفكك فيزيائي كيميائي على درجة حرارة مرتفعة أيضا بوجود الاوكسيجين". أما بالنسبة للتلوث فتشبّه المصادر الفارق بين الحرق والتحلل الحراري كالفارق بين المحرك الذي يعمل على مادة ​البنزين​ وذلك الذي يعمل على مادة ​المازوت​ اذ أن المحركين قد يحملان نفس التلوث ان كانا سيئين، مشيرة الى أن أصحاب المشروع لديهم محركا يعمل على المازوت ويريدون في وزارة البيئة تسجيله على أنه يعمل على البنزين.

يدرك المسؤول في شركة "MORES" راجي معاصري صعوبة تسويق فكرة معامل النفايات في لبنان، خصوصا وأن العديد من التجارب السابقة فشلت على هذا الصعيد. ويشير في حديث لـ"النشرة" الى أن المعمل المطروح ليس محرقة، وهو متطور جدا ومكلف جدا اذ تصل كلفته الى نحو 10 ملايين دولار لانه يهتم بكافة التفاصيل التقنية المتوجب توفرها لضمان عمله ونتائجه الايجابية التي أهم ما فيها هو كبح الملوثّات المسرطنة.

ويضيف معاصري، "الجيل الجديد من ​المحارق​ يعتمد على تقنية التفكّك الحراري التي تؤدي بنهاية المطاف لجعل النفايات وقودا تساهم بتأمين المواد الاوليّة للصناعة، والتخفيف من انتاج الكربون والانبعاثات المسرطنة، والاستفادة من الرماد السفلي بالباطون"، كاشفا أن دراسة تقييم الاثر البيئي التي يقوم بها لمعمل كفرشيما تأخذ وقتا لأن الشركة مصمّمة على نجاح المشروع المعدّ خصيصا لثلاث قرى. ويقول: "لا شك أن الاستعمال السليم لهذه المعامل سيحافظ على الهواء والماء".

لا يقف أي عاقل بوجه التكنولوجيا لحل المشاكل اليومية للمجتمعات ولكن تعوّد اللبناني على المشاريع الوهمية أو تلك التي لا تفيد الا أصحابها، فهل يأتي اليوم الذي تتغير فيه الحقيقة المرة؟.