حسم كلام رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد "الجدل" اللبناني حول كلام قائد فيلق القدس اللواء ​قاسم سليماني​ فعبر منذ ايام بكلام مقتضب عن حقيقة ما يفكر به ​حزب الله​ وكيف ينظر الى مسار الامور ولشكل الحكم وكيفية ادارة البلد للمرحلة المقبلة. وبعيداً من عنتريات المستقبل والقوات ومن يلف لفهما، تؤكد اوساط سياسية بارزة وعلى إطلاع على اجواء حزب الله ان التدقيق في كلام سليماني يشير الى رأي شخصي واجتهاد في غير محله وسبب احراجاً للحزب وحلفاءه. فما قاله سليماني يعرفه الجميع وهو امر واضح وجلي فنتيجة الانتخابات افرزت واقعاً جديداً واعطت مقاعداً اضافية لحلفاء حزب الله من المسيحيين والسنة بينما اعطت الانتخابات مقاعد اضافية لسمير جعجع ايضاً، فما خسره الرئيس سعد الحريري مسيحياً كسبته القوات وما خسره سنياً كسبه حلفاء حزب الله السنة. وتضيف الاوساط ان ما لا يوافق عليه حزب الله وحلفاءه هو تصنيف الناس والدخول في لعبة الارقام وفرز هذه الكتلة والتنبؤ مسبقاً بتوجهاتها او خياراتها السياسية الداخلية.

وقد بينت التجارب السابقة ان لبنان لا يحكم بمنطق الغلبة او الاكثريات والاقليات، ففي انتخابات العام 2005 ربح الحريري ومعه النائب وليد جنبلاط وجعجع الانتخابات، ولم يستطيعوا حكم البلد كما يشتهون الامر الذي اوصل الجميع الى نفق 7 ايار 2008 ولم تنته الازمة الا بتسوية على الطريقة اللبنانية. في العام 2009 ربح الحريري وحلفاءه الانتخابات بغالبية طفيفة ولم يتمكنوا ايضاً من الامساك بالدولة فاقيلت حكومة الحريري واوتي بغيره رئيساً للحكومة ولم يستطع الحريري والسعودية واميركا انتخاب رئيس من فريقهم او يمثل توجهاتهم فبقيت الامور عامين ونصف العام قبل ان يقتنعوا ان لا رئيس غير العماد ميشال عون.

وتشير الاوساط الى ان الامر الثاني في كلام سليماني هو الايحاء للطرف الاخر ان هناك تدخلاً ايرانياً في الشأن اللبناني والانتخابي وهذا لم يحصل ولا يسمح به قادة ايران ولا قادة حزب الله فالاستقلالية الداخلية معروفة لحزب الله والتنسيق لاستراتيجي بين طهران وحارة حريك موجود ومعروف. وتتابع الاوساط فكيف نقبل بتدخل ايران في الانتخابات وقمنا بمجابهة تدخلات السعودية واميركا في الانتخابات وممارسة الضغط والتهويل الاعلامي والسياسي والاقتصادي وتمويل الحملات الاعلامية والانتخابية للمرشحين المنافسين وخصوصاً من الطائفة الشيعية لخرق لوائح امل وحزب الله في البقاع وبعلبك وزحلة وبيروت والجنوب.

وتشدد الاوساط على ان كلام النائب رعد عن "الاكثرية المتجولة" يعبر عن واقع الحال وعن واقعية حزب الله في التعاطي مع التوازنات الداخلية اللبنانية الدقيقة. فحزب الله ومعه الرئيس نبيه بري حريصان على استقرار البلد وثبات اقتصاده وتقدمه. فحزب الله والطائفة الشيعية وبعد اكثر من اربعة عقود من النضال والمقاومة والتضحيات وعشرات الالوف من الشهداء يريدان لابناء المقاومة وشهدائها وشعبها، وطناً يجمعهم مع ابناء وطنهم الاخرين ولا يريدان وطناً مدمراً ومفلساً وتأكله الديون والحروب والاحقاد الطائفية والمذهبية. ومن هذا المنطلق تعني الاكثرية المتجولة في قاموس رعد وحزب الله وفق الاوساط ان ضمن تحالف امل وحزب الله هناك تمايز بين الطرفين وتجلى في اكثر من ملف وعلى سبيل المثال انتخاب عون والتحالف مع التيار في بعض الدوائر الانتخابية بالاضافة الى تمايز في مقاربة الامر في الملف السوري في بداية الازمة. فالاكثرية قد تتبدل ضمن التحالف الواحد فصحيح ان هناك تفاهماً سياسياً متيناً بين حزب الله والتيار الوطني الحر والتزاماً مبدئياً بالدعم المتبادل بين الرئيس ميشال عون والسيد حسن نصرالله في القضايا الاستراتيجية والداخلية ولكن خلال الممارسة مثلاً صوّت حزب الله على طاولة مجلس الوزراء ضد بواخر الكهرباء التي تبناها عون والوزير جبران باسيل، كما رفض حزب الله مناقصات الكهرباء وتلزيمات المعامل، في حين يتفق عون ونصرالله على الملف السوري ومكافحة الفساد والتمسك بالمقاومة وعودة النازحين فالتحالف لا يعني ان يصبح الحزبان حزباً واحداً وان يتحولا الى توأم برأسين!

لهذه الاسباب كلها تخلص الاوساط الى ان عنوان الحكم وتشكيل الحكومة الجديدة وانطلاقة العمل بالبرلمان المنتخب ستكون الملفات والعناوين الاساسية والتي من شأنها ان تحدد مسار الامور ومن هذه الملفات التجنيس ومنع التوطين وعودة النازحين ورفض الوطن البديل للفلسطينيين والاسراع في التنقيب عن النفط ومكافحة الفساد وتفعيل المحاسبة وضبط الدولة ومؤسساتها ووقف مزاريب الهدر بالاضافة الى اولوية الملف الاجتماعي المعيشي والاقتصادي والمطلبي وعليه سيحدد كل طرف موقفه وكل كتلة خيارها وهنا ستتغير الاكثرية وتنتقل الكفة الراجحة من ضفة الى ضفة ويعول حزب الله هنا كما يعول عون وباسيل عليه ليكونا اكثرية وطنية في القضايا المصيرية الجامعة.