في الظاهر فسّرت زيارة وزير الإعلام في حكومة ​تصريف الأعمال​ ​ملحم الرياشي​ الى ​القصر الجمهوري​، وكأنها فقط لبحث العقد التي تعترض عملية ​تشكيل الحكومة​، لا سيما تلك المتعلقة بتمثيل ​القوات اللبنانية​ بما يتناسب مع حجمها، أما في المضمون، للزيارة دلالات سياسية عدة، عنوانها إعادة التهدئة السياسية بين ​التيار الوطني الحر​ والقوات اللبنانية، وذلك بعد مرحلة أكثر من متوترة شهدتها العلاقة بين طرفي تفاهم معراب، تارةً على خلفية تمثيل القوات في الحكومة، وتارةً أخرى بسبب ملف الكهرباء وما أقر على هذا الصعيد في الجلسة الأخيرة التي عقدتها الحكومة في ٢١ أيار الفائت، هذا من دون أن ننسى العاصفة التي هبّت بين معراب وبعبدا بسبب ​مرسوم التجنيس​ الأخير.

وبحسب المعلومات، تجلّت بداية التهدئة، برسالة دعم حملها الرياشي من رئيس ​حزب القوات اللبنانية​ سمير جعجع الى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون على موقفه من ملف عودة النازحين التي يجب أن تكون آمنة وبالتنسيق مع المجتمع الدولي، وقد سمع وزير القوات من الرئيس عون كلاماً مطمئناً مفاده أن لبنان ليس بوارد التصادم مع المجتمع الدولي، بل لديه بعض الملاحظات على آداء ميرار جيرار ممثلة المفوضية العليا لشؤون اللاجئين في لبنان، ومن هذه الملاحظات، جاء تحرك وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل في إتجاه المجتمع الدولي، وذلك بعد سلسلة قرارات إتخذها بحق المفوضية.

في المعلومات أيضاً، لقد شرح رئيس الجمهورية لوزير الإعلام، كيف أن الوزير باسيل إستدعى جيرار أكثر من مرة الى قصر بسترس ولفت نظرها حول ممارسات تقوم بها المفوضيّة مع النازحين طالباً منها إجراء التغييرات اللازمة على هذا الصعيد وذلك بهدف أن يتلاقى عملها مع سياسة ​الحكومة اللبنانية​ غير أن جيرار لم تغيّر في سياسة المفوضية ونهجها قيد أنملة.

ملف آخر حضر خلال لقاء بعبدا، ويهدف الى التهدئة، تقول المصادر المتابعة، ويتمثل بتوافق الرياشي مع الرئيس عون على ضرورة إعادة ضخ دم جديد في عروق تفاهم معراب، والعودة بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية الى التهدئة الإعلامية، خصوصاً عبر وسائل التواصل الإجتماعي التي شهدت في الأسابيع الماضية، قصفاً عشوائياً متبادلاً بين الفريقين المسيحيين. قصفٌ اتخذ القرار على ما يبدو بوضع حد له أقله في المرحلة الراهنة.

زيارة الرياشي الى بعبدا لم تكن الأولى من نوعها خلال أيام قليلة، ولن تكون الأخيرة بحسب المطلعين، فالموضوع الأهم في المرحلة المقبلة، يبقى تشكيل الحكومة، وهو الملف الذي سيتطلب مزيداً من الزيارات التي قد تتوج بجمع الرئيس عون الرياشي بالوزير باسيل، تحت سقف القصر الجمهوري، من جهة لتسهيل مهمة رئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري في التشكيل كون العقدة المسيحية-المسيحية هي من أبرز العقد التي تعترض الأخير، ومن جهة أخرى بهدف إعادة إحياء تفاهم معراب، ولكن هذه المرة، بشروط متبادلة جديدة أبرزها عدم الطعن بالظهر، والوقوف الى جانب العهد وعدم تحويل وزارات التيار الى شغل القوات الشاغل إضافة الى عدم تهميش القوات وإستهدافها في التعيينات وبتسهيل ملفّات وزاراتها ووضعها على جداول أعمال الجلسات.