لم يكن الاسراع في اجراء المشاورات النيابية وتكليف رئيس الحكومة ​سعد الحريري​ بتأليف الحكومة والتصريحات التي أعقبتها والتي شددت على ضرورة الاسراع بالتأليف، إلا الدليل على رغبة مختلف الجهات بعدم المماطلة في تشكيل الحكومة، ولكن هذه الرغبة لم تترجم جدياً، حتى ان حركة "التأليف" لا تزال بطيئة والعقبات التي تعيقها من عقدة "​القوات​" الى الوزراء الدروز وسنّة 8 آذار لا تزال قائمة، فماذا في كواليس التأليف؟!.

"الحريري سمع من المسؤولين في ​السعودية​ كلاماً يدعونه فيه الى التريث أسابيع قليلة قبل تأليف الحكومة وهذا الامر سيسمح له بمنع انتقال موازين القوى داخل مجلس النواب الى الحكومة". هذا ما يؤكده الكاتب والمحلل السياسي ​وسيم بزي​، لافتا الى أن "كلّ ما تريده السعودية هو منع "​حزب الله​" من نقل الانتصار في ​الانتخابات النيابية​ الى داخل الحكومة"، ومشيرا في نفس الوقت عبر "النشرة" الى أن "الحريري تلقى قبل الانتخابات النيابية وخلالها مجموعة من الضربات، سواء من البيت الداخلي، أو حتى على صعيد نتائج الانتخابات النيابية تدفع الى التساؤل: هل يستطيع المخاطرة في تأخير تأليف الحكومة؟". أما الكاتب والمحلل السياسي ​خليل فليحان​ فلا يرى أن "السعودية تسعى الى عرقلة تشكيل الحكومة في لبنان أو ما شابه، وسفر الحريري الى هناك لا علاقة له بتأليفها"، معتبراً أنه "وإذا كان من رغبة ما لدى السعودية لكان السفير السعودي في لبنان نقلها الى المعنيين".

بري جاهز للتدخّل

في موضوع تأليف الحكومة هناك عدّة وجهات نظر، أولّها التي لدى السعودية التي تدعو الى الانتظار قليلا، ووجهة نظر أخرى لدى حلفاء الحريري في الغرب وتحديداً الفرنسيين، الذين وبحسب وسيم بزي يدركون حقيقة موازين القوى وأن "لا قوة لدى الحريري لخوض كباش سياسي داخلي"، وهنا يلفت بزي الى أن "رئيس مجلس النواب ​نبيه بري​ أبلغ رئيس الحكومة المكلّف أنه مستعد لتقديم المساعدة للاسراع في تأليف الحكومة في العشرة أيام الفاصلة بين عيد الفطر ونهاية الشهر الجاري حيث سيسافر في اجازة طويلة". هذا ما يؤكده فليحان، مشيراً الى أنه "وفي حال سافر بري في اجازته ولم تكن الحكومة قد ولدت بعد فهذا مؤشر سلبي على أن الحلول ليست قريبة وأن ولادتها متعثرة".

سيناريوهات بديلة

يعود وسيم بزي ليؤكد أن "لدى رئيس الجمهورية ​ميشال عون​ و"حزب الله" وبري فترة زمنيّة معيّنة لا يجب تجاوزها لتأليف الحكومة قبل بداية طرح السيناريوهات البديلة، وقد تصل الى شهرين من فترة تكليف الحريري"، لافتاً الى أن "المعروف عن الرئيس عون أنه لا يخضع للإبتزاز السياسي، وأنه جاهز لإيجاد الحلول، ولن يقبل بأي عرقلة"، مضيفاً: "بموضوع "القوات اللبنانية" لن يعطي الرئيس عون مهلة طويلة ولن يقبل أن تكون عقدة التأليف هنا، وهو كان واضحا بأنه لن يعطي القوات نيابة رئاسة الحكومة أو حقيبة سياديّة وفي حال أصرّ الحريري على التمسك بمطلب القوات أو بالسير برغبة السعودية بالعرقلة فقد يلجأ الرئيس عون مع حلفائه الى خيارات بديلة".

حتى الساعة لا مؤشرات على أن عجلة تأليف الحكومة تسير على نار حامية، لتبقى العين على الأيّام العشرة التي تفصلنا عن نهاية حزيران... فهل تكون المفاجأة بالتأليف السريع أم أن أزمة التشكيل ستطول؟!.