منذ سبع سنوات تقريبا اتخذ القرار بالسماح باستعمال ​المازوت​ الأخضر في ​لبنان​ بإطار تعديل القانون 341 المتعلق ب​تلوث الهواء​ الناتج عن ​قطاع النقل​، ولكن القانون لم يجد طريقه للتطبيق الكامل كأغلب القوانين في لبنان. في هذا العام ومنذ أيام قليلة أعلن وزير الطاقة في حكومة تصريف الاعمال ​سيزار أبي خليل​ خلال مؤتمر صحفي له بعد لقاء مع شركات ​النفط​ ومستوردي السيارات عن "الانتقال كلياً من المازوت الأحمر إلى الأخضر"، فماذا عن مواصفات هذا المازوت وسعره؟

أكد ابي خليل في حديثه أن "لا كلفة اقتصادية اضافية على المواطن لأن ظروف السوق أدّت الى التساوي بأسعار المازوت الأحمر والأخضر"، مشيرا الى أن هذا القرار يشكل خطوة بيئية كبيرة لن يبقي في السوق اللبنانية المازوت الملوث.

يقارن الخبراء بين المازوت الاحمر والاخضر في سبيل المفاضلة بينهما، ويتضح من خلال مصدر مطلع في وزارة البيئة أن الدول الأوروبية توصلت لنتيجة مفادها أن النوعين يحملان ضررا بيئيا كبيرا ويسببان امراض السرطان(1). ويضيف المصدر عبر "النشرة": "استعمل المازوت الاخضر في اوروبا بعد قرار التخفيف من استعمال الأحمر، وهو ينطوي على نسبة قليلة من الكبريت، ونسبة زفت اقل بـ50 بالمئة من المازوت المستخدم اليوم في لبنان، ومعروف عنه أنه أقل تلوثاً حتى من ​البنزين​ الخالي من الرصاص، ولكن كل ذلك لا يعني أن وجوده في السوق وتحديدا سوق الآليات سيكون مفيدا اذ لا بد أن يرتبط بأنواع معينة من السيارات ومن "الفلترات"، مشيرا الى أن استخدام المازوت الاخضر يستلزم محركات جديدة ومعاينة ميكانيكية دورية كل سنة، وإلا سيصبح استعماله ضارا ومكلفا، خصوصا وأن محرك المازوت يُنتج غاز أوكسيد الآزوت المسؤول عن التسبب بأمراض في الجهاز التنفسي والأوعية الدموية.

وعد وزير الطاقة أنه لن يكون هناك أي كلفة اقتصادية على المواطن ولكن كيف ستكون ردة فعل المواطنين عندما يُقبل فصل الشتاء عليهم ويكون سعر صفيحة المازوت 20 ألف ليرة، يسأل الخبير الاقتصادي إيلي يشوعي، مشيرا في حديث لـ"النشرة" الى أن المازوت بالنسبة للمواطنين العاديين هو تلك الوسيلة التي تُستعمل للتدفئة، خصوصا وأن عملية استيراد السيارات العاملة على المازوت الى لبنان ليست متوافرة أمام الجميع بسبب الكلفة الاقتصادية الكبيرة والشروط المطلوبة والتي تجعل هذا النوع من السيارات في أوروبا أغلى من السيارات العاملة على البنزين".

ويرى يشوعي أن "المشكلة ليست بسعر المازوت الأخضر الذي أشك أن تتمكن الدولة من بيعه بنفس سعر الاحمر، بل بسرعة احتراق الأول مقارنة بالثاني، الامر الذي سيضاعف العبء على اللبنانيين أبناء المناطق الجبلية الذين يعانون لتأمين وسائل التدفئة"، مشيرا الى أن الكميات المستهلكة في لبنان من المازوت الأخضر ستزداد مع بداية شهر آب المقبل، تاريخ وقف استيراد المازوت الأحمر، وبالتالي فإن الكلفة الاقتصادية للمازوت الاخضر ستكون اعلى من الاحمر ولو بشكل غير مباشر.

يستغرب يشوعي قرار وزير الطاقة، فالأمر بنظره لا علاقة له بالبيئة التي تعاني بكل جوانبها من سوء إدارة الدولة والاهمال المقصود والتواطؤ، ويقول: "أظن أننا أمام صفقة مازوت أخضر ونقطة على السطر". لا تستبعد المصادر البيئية هذا التوقع خصوصا عندما نتابع بدقة تغيّر موقف الشركات المستوردة للنفط في لبنان، إذ انها كانت في وقت سابق معارضة تماما لقرار استبدال المازوت، كونها تسيطر لوحدها على استيراد المازوت الأخضر الى لبنان بينما تتولى الدولة استيراد الاحمر. ننتظر لنتعرف على سبب تبدل قرار الشركات وكيفية تقسيم الأدوار بين الدولة وبينهم فيما يخص الاستيراد، ومن سيتولى عملية مراقبة السوق لتبيان مدى الالتزام بالقرار؟، ولكن يبقى الأهم هو كلفة هذا القرار على المواطنين.

(1)أكد مركز أبحاث السرطان التابع لمنظمة الصحة العالمية في صيف 2012 أن الغازات المنبعثة من محركات الديزل تصنف من بين المواد المسببة للسرطان لدى البشر.

وأعلن الخبراء المجتمعين في المركز، ومقره ليون في فرنسا، أنه بات لديهم اليوم ما يكفي من الأدلة ليبرهنوا أن التعرض للغازات المنبعثة من محركات الديزل مرتبط بخطر متزايد للإصابة بسرطان الرئة، بما يتيح تصنيف هذه الغازات ضمن مجموعة المواد الأكيدة المسببة للسرطان لدى الإنسان.

وتتعرض أعداد كبيرة من سكان العالم، وفق المركز، بصورة يومية لانبعاث محركات الديزل ليس فقط من السيارات ولكن من وسائل نقل أخرى مثل القطارات، والسفن، ومن مولدات الكهرباء.

وقال الدكتور كريستوفر بورتييه رئيس مجموعة العمل "نظرا لتأثيرات جزئيات الديزل الإضافية على الصحة، ينبغي خفض التعرض لهذا الخليط الكيميائي في كل أنحاء العالم.