لم يواجه اي عهد من العهود التي مرت على حكم البلاد منذ عهد الاستقلال حتى اليوم ما يواجهه عهد ​الرئيس ميشال عون​ الذي ما زال في بداياته، من هجمة غير مسبوقة للتهشيم به ولمنعه من تحقيق ما كان يدعو له ويسعى اليه قبل الرئاسة.

وقال متابعون ان الاصطفاف اصبح واضحا بين عهد يسعى الى تحقيق اختراقات سياسية واصلاحية في البنيان الهش للدولة مع ما يفترض ذلك من انعطافات حادة وعمليات جراحيّة قد تكون صعبة، وبين افرقاء يخافون على مكتسباتهم الحزبيّة والشخصيّة وسيسعون بكل قوّة لديهم لمنع اي تغيير او تقدم.

ولاحظت مصادر سياسية ونيابية، انه في كل ازمة يمر بها لبنان يتم اما التصويب على ​قصر بعبدا​، او الطلب اليه بحلّ عقد ومشاكل مزمنة ليس مسؤولا عنها، ولا سلطاته الدستورية تخوّله القيام بأيّ خطوة، او اتّخاذ اي قرار لمعالجة ما يتم التذمّر منه.

ورأت المصادر ان مشكلة المشاكل التي يعاني منها لبنان راهنًا، هي مشكلة ​النازحين السوريين​ التي تهدد الوضع الاجتماعي والاقتصادي والامني والديمغرافي، وتحمل في طياتها توجهات وممارسات أممية لإبقائهم في بلد الأرز إن لم نقل لتوطينهم.

وفي هذا السياق قالت المصادر، لم يترك رئيس الجمهورية اي مناسبة ابتداء من منبر ​الامم المتحدة​، مرورا بكل لقاءاته مع رؤساء الدول التي زارها، او الوفود الأجنبية والعربية التي زارته، الا وركّز فيها على التداعيات السلبية لاستمرار وجود النازحين السوريين في لبنان، رغم ان الظروف الامنية في بلادهم اصبحت مؤاتية لعودتهم، مشيرة الى انه عندما واجه وزير الخارجية في حكومة ​تصريف الأعمال​ ​جبران باسيل​ خطط مفوضية الامم المتحدة لشؤون ​اللاجئين​ سمعنا مفتي الجمهورية في خطبة ​عيد الفطر​ يتّهمه بالتفرد في القرار وكأن ​الحكومة​ غير موجودة، كما وصف رئيس الحزب التقدّمي الاشتراكي ​وليد جنبلاط​ العهد بأنه فاشل ويخطط لطرد النازحين السوريين وتسليمهم "للجلاد" وسط صمت مريب لقوى مسيحيّة.

واليوم وبحسب المصادر نفسها ترتفع أصوات تطالب رئيس الجمهورية بمعالجة الوضع الامني المزمن في ​البقاع​ وفي منطقة ​بعلبك الهرمل​، مع يقينهم ان هناك قوى وعلى مر السنين حضنت التجاوزات في تلك المنطقة، وعمدت الى اجراء مصالحات بين المتقاتلين، ويأتي نواب من تلك المنطقة لاتّهام ​الجيش​ وقائده بالتآمر دون ان يصدر توضيح من ​حزب الله​ يشرح للناس ما اذا كانت هذه التصريحات هي بمثابة "نعي" للمعادلة الذهبية "الجيش والشعب و​المقاومة​".

ولاحظت المصادر لقاء الأضداد والخصوم في الهجوم على رئيس الجمهورية بسبب ​مرسوم التجنيس​ علما ان الرئيس هو من طلب تصويب الخطأ الذي ارتكب بعدم طرح الاسماء الواردة في المرسوم على ​الامن العام​. ولجأ المنتقدون الى ​القضاء​ ولهم في هذا المجال جولات وصَوْلات حول تجاهل القوانين واحترامها.

وتعتقد المصادر ان الاخطر من كل هذه الامور ان هناك من يروج لانهيارات ماليّة واقتصاديّة في البلاد، ويطالب بالإسراع في ​تشكيل الحكومة​، ويصوب على آداء الفريق السياسي للرئيس عون، ويرفعون سقوف مطالبهم، ولا يقبلون بما هو متعارف عليه من حصّة وزارية لرئيس الجمهورية، ويتوزّعون الأدوار لمحاصرة العهد، والادعاء بأن الرئيس هو من يشكل الحكومة، مشيرين الى انها مخالفة دستورية ومحاولة للتخلّص من ​اتفاق الطائف​.

وخلصت المصادر الى القول بأن كل هذه التصرفات لا تنفي ان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وصل الى قصر بعبدا من رحم قاعدة مسيحيّة شعبيّة لم تتوفر لأيّ رئيس للبنان من قبله، وان هذا الواقع يفرض على الجميع مدّ يد العون له، والعمل معه باخلاص لإنقاذ البلاد من الاخطار الداخلية والخارجية، بدل اللجوء الى أساليب ملتوية ومناكفات سياسيّة لن تكون في صالح احد.