بدأت تتفاقم في ​مدينة النبطية​ وبلداتها أزمة تكدس ​النفايات​ في الحاويات، التي تنبعث الروائح منها مع ارتفاع درجات الحرارة، حيث باتت مصدراً لتجمّع الكلاب الشاردة التي لم يسلم من نهشها العشرات من أبناء المنطقة.

وفي حين يحمّل المواطنون ​اتحاد بلديات الشقيف​ مسؤولية ما يحصل، أكدت مصادر معنية في النبطية، لـ"​النشرة​"، أن الإتحاد يغفو منذ زمن في سياسية "التطنيش"، لافتة إلى أن السبب الأول في خروج هذه الأزمة الى العلن هو أن معمل فرز النفايات التابع للاتحاد في الكفور متوقف عن العمل، ولم تنجح كل المحاولات لاعادة تشغيله، بسبب رفض اهالي البلدة نظرا للأضرار البيئية والصحيّة الّتي لحقت بهم.

ولاحتواء الأزمة وتداعياتها، ترأس محافظ النبطية ​محمود المولى​ اجتماعاً حضره رئيس الاتحاد ورؤساء بلدياته، وأوضح مصدر بلدي شارك في الاجتماع، لـ"النشرة"، أن المولى ركز على ضرورة اعادة تشغيل معمل الفرز في الكفور واعتماد البلديات على تعميم ثقافة الفرز من المصدر، منوهاً في هذا الاطار بتجربة جمعية نداء الأرض في عربصاليم الناجحة، مشيراً إلى أننا "تلقينا احضاراً من المحافظ بانه على البلديات عدم السماح برمي النفايات الطبية في المكبات المجاورة لبلدياتنا، لأن المستشفيات لها موازنة لتصريف هذه النفايات وهي معنية بذلك.

وفي حديث لـ"النشرة"، أكد المولى أن الأزمة في طريقها للحل، مشيراً إلى أنه "من المعيب علينا، نحن الذين قاتلنا اسرائيل، ألا نكون قادرين على قتال هذا العدو، الذي يغزو بلداتنا ويشوه جمالها"، لافتاً إلى أن "البداية ستكون باعادة تشغيل معمل فرز النفايات كحلّ، كما أن الفرز من المصدر هو حل جدي يجب أن تعتمده البلديات"، مؤكداً أن "مكبّ حبوش أقفل وسيتحول الى ملعب رياضي".

وفي هذا السياق وبدل ايجاد الحلول الطويلة الأمد نرى عودة الى الترقيع الّذي لا يرقى الى مستوى الحل الجذري، عبر رمي نفايات الجنوب اللبناني كاملة في قرية الكفور، الّتي أقلّ ما يُقال، أنها دفعت الأثمان باهظا خلال سنوات الحرب من شهداء لها في قوى الامن الداخلي والجيش اللبناني ولا تستحقّ هذه المعاملة السيّئة، في وقت تُشنّ عليها منذ فترات طويلة حربًا لا هوادة فيها لتدفع من صحّة ابنائها عبر اعادة رمي السموم بينهم ليموتوا موتًا بطيئًا.

الى ذلك، رفض نائب رئيس ​بلدية الكفور​ ​طوني سمعان​، عبر "النشرة"، رفضاً قاطعاً إعادة تشغيل معمل الفرز التابع للاتحاد في البلدة، موضحاً أنه "تحت هذا العنوان تتحول بلدتنا لمكب لنفايات القرى المجاورة، ونحن من عانى كثيراً من هذه الأزمة، فليبحثوا عن مكان آخر".

هذه الأزمة تفاقمت بعدما أقفلت معظم المكبات العشوائية في البلدات، والتي نمت مع عجز الاتحاد عن ايجاد حلول جذرية لها، وبعدما عجز معمل فرز النفايات التابع له عن حل الأزمة، لجأت معظم البلديات الى إقامة مكبات عشوائية على حدودها الجغرافية، إلا أنها لم تكن مؤاتية للشروط البيئية والصحية فضلاً عن أنها تستخدم الحرق، ومنها المكب الذي استحدثته بلدية يحمر الشقيف في منطقة البيساري، وهو يعوم على منطقة تختزن مياهاً جوفية، كما أنه أقيم على تلة بيئية جمالية تطل على نهر الليطاني.

في هذا السياق، علمت "النشرة" أن مختار بلدة يحمر رفيق زهور تقدم باخبار لدى مكتب النبطية في المديرية الاقليمية لأمن الدولة في محافظة النبطية ضد المكب المستحدث في البلدة، مطالباً باقفاله ومحاسبة كل من تسبب باقامته في تلك المنطقة، وعلى الاثر تحركت دورية من المديرية المذكورة في النبطية وعاينت المكان وأعدت تقريراً، عنه مُدَعّمًا بالصور والوثائق والمشاهدات، تمهيداً لرفعه للمدعي العام البيئي لاتخاذ المقتضى القانوني.

وأوضح المختار زهور، في حديث لـ"النشرة"، أن الخلاف مع البلدية ليس شخصياً ولا عائلياً، انما هناك مشكلة كبيرة تسبب بها هذا المكب، الذي أقيم من دون علم الاهالي، وتعتمد فيه طريقة حرق النفايات التي يصل دخانها إلى المنازل وإلى حارة الجامع وسط البلدة، معتبراً أن "على اتحاد بلديات الشقيف مسؤولية تصريف النفايات وبلدتنا تتبع له".

وعن المكب المذكور، يُعرب الخبير الجيولوجي وأستاذ مادة الجغرافيا في الجامعة اللبنانية الدكتور حسين فياض، عبر "النشرة"، عن أسفه "لأنه أنه تم اختيار المكان غير المناسب اطلاقاً كمكب للنفايات، وهو قعر الوادي، هنا سوف تختلط مياه السيول المتشكّلة من الأمطار شتاء مع النفايات، لتنتج في النهاية مياها جوفية أو سطحية ممزوجة بكافة انواع النفايات والميكروبات التي ستصل إلى منازلنا أو مزروعاتنا".

تبقى الاشارة الى أن المعامل التي استحدثت بطريقة عشوائيّة في العديد من مناطق الجنوب لا تفي بالغرض المطلوب منها، وهي غير مؤهّلة لمعالجة مشكلة النفايات بطريقة بيئيّة صحيّة، وعلى الدولة ووزارة البيئة ايجاد الحلول اللازمة لهذه المشكلة المستفحلة، بدل الامعان بإذية المواطنين وتصاعد خسائر الدولة بملايين الدولارات جرّاء الحلول الترقيعيّة!...