يعيش العالم هذه الايام زمن ال​مونديال​ الكروي، ويغرق بارادته في حمى اللعبة الشعبية الاولى في العالم، انها لعبة الفقراء و​الاغنياء​، لعبة أولئك اللاعبين الذين يأتون من مدن الصفيح ومن المدن المتمدنة على حد سواء، لعبة تحتضن الجميع تحت كرتها بما فيها الدول المختلفة سياسياً وعقائدياً، لعبة تقسم الناس لا على اساس عقائدي أو مذهبي أو ديني أو سياسي وانما على حب الفرق واللاعبين والخطط والمدربين، هو زمن ينتظره العالم مرة كل اربع سنوات...

وكالعادة فانه ل​لبنان​ واللبنانيين تقاليد وعادات عميقة ومترسخة في هذا الزمن... ان انقساماً أو تشجيعاً الى آخر نفس أو فلسفة وتحاليل كروية قل نظيرها... ولكن بعيداً عن الاجواء التي يفرضها علينا المونديال الكروي الروسي للعام 2018 ... بربكم الا يشبه تحليل البعض للنتائج الكروية الواقع السياسي اللبناني...

عند الخسارة فان الحكم هو المسؤول لا اداء اللاعبين ، في لبنان فان التراجع الشعبي سببه حرب كونية ومال يدفع ... لا البعد عن الناس وهمومهم او نسيان الوعود وعدم الايفاء بما قيل سابقا...

فريق يعتمد طرق بالية وخطط قديمة لذلك انهزم امام الخطط ​الجديدة​ البراقة الاتية من مدرب اجنبي، في لبنان خسرنا كون الفريق الاخر اعتمد على الخارج واستقوى به...

خسارة الفريق سببها غياب الحظ الذي لم يحالف فريقنا المفضل، في لبنان فان الحظ يطل علينا دائما ودوما نتكلم عنه لنغطي الاخطاء والخطايا ولنهرب من المحاسبة والاهم من كل ذلك لنخفي تلك البرجزة التي يعرفها المتراجع ...

الجمهور لم يكن وفياً مع الفريق الخاسر فلم يشجعه كما يجب وترك المدرجات، في لبنان ماذا يريد الشعب نحن نخدمه ليل نهار ونقدم له ​الكهرباء​ والماء ونجمع ​النفايات​ ولكن هنالك من يمنعنا من اتمام كل هذه الانجازات ... هم اعدائه لا نحن ومن واجب الشعب ان يقف معنا لا ان يتركنا كما فعل.

الفريق لم يقدم كل ما لديه في هذه المباراة فهو يخبىء مفاجآت للادوار الثانية، في لبنان لا تقلقوا لدينا الكثير الكثير في اكمامنا من الارانب الايجابية التي نخبئها للوقت المناسب، وبالفعل فان الايام تمر والمفاجآت.... السلبية تتكرر.

كل هذه المقولات تتطابق بين تحاليل اللبنانيين لنتائج مباريات ​كرة القدم​ في المونديال، ولما يسمعوه ويعرفوه في واقعهم السياسي الوطني اليومي، باستثناء واقع واحد وانما مهم فعند خروج منتخب او نتيجة الخسارات المدوية يُطاح عادة بالمدرب ويستبدل بأخر، في لبنان يُطاح بالشعب ويستبدل بشعب اخر، ليبقى الزعيم او ورثته متربعين على الكراسي، متحكمين بنا وبمستقبل اولادنا فلا الخسارة ولا الفضائح وخصوصا لا الديمقراطية المزعومة التي نعيش بظلها تستطيع ان تجبر زعيما على الاستقالة او تدفع ب​الشعب اللبناني​ ليستبدله بمشروع سياسي مؤسساتي يحقق له دولة ويبعده عن الاستزلام والتقهقر والتخلف وخصوصا طعم الخسارة...

اما اليوم فدعونا نعيش زمن الفرح الكروي كي ننسى ولو قليلا واقعنا اليومي المهترىء، لنعش المونديال بكل ايامه من دون فلسفات لا طائل منها، علنا نشجع منتخبنا الوطني في مونديال قطر وننقسم حوله....