تئن منطقة ​بعلبك​- ​الهرمل​ جرّاء انعدام الأمن والآمان في عدد من بلدات المحافظة، إضافة الى محاولات جرت للعبث في أمن مدينة الشمس. إستغاث المواطنون طيلة السنوات الماضية. رفع التجّار اصواتهم بعدما أرهقتهم الخوّات، تحت طائلة حرق محالهم او اطلاق النار عليها. سقط شهداء أبرياء، وجرحى مدنيون لا ذنب لهم، سوى مصادفة وجودهم اثناء الإعتداءات. عمّت الفوضى احيانا، وسادت شريعة الغاب، وتسابق المطلوبون الزعران على تأليف العصابات التي اعتدت على الناس والممتلكات في وضح النهار. كان لا بدّ لهذا الليل ان ينجلي عن بعلبك- الهرمل، التي تشكّل مساحة جاذبة للسياحة، وخصبة للزراعة، وبمقدروها اذا عمّ الأمن أن تصبح منطقة مناسبة للاستثمارات.

دفع ابناء تلك المحافظة الاثمان في حياتهم، وأرزاقهم. كانوا عرضة دائمة للسلب، للتهديد بقوة السلاح، للبلطجة، فتمنى بعض سكانها هجرها، ولم تنل حصتها من السياحة، والدينية منها ايضا. علما ان قلعة بعلبك هي الأعرق أثرياً في لبنان، ونهر العاصي هو الاكثر غزارة، يمكن فيه ممارسة الرياضة النهرية، وبحيرة ​اليمونة​، والسهل الخصب، الجاذب للصيّادين. في تلك المنطقة سيدة بشوات القادرة على صنع العجائب، ومقام السيدة خولة بنت الامام الحسين، التي يقصدها الشيعة من كل العالم. لكن القلق من غياب الأمن يحرم المنطقة من عائدات السياحة وتبعاتها الاقتصادية الكاملة.

هذا الغياب فرضته عصابات تخفّت احيانا بثياب العشائرية، وتارة بأثواب مظلومية بعلبك- الهرمل. لكن اساس الظلم هو وجود العصابات التي باتت تمتهن السلب والسرقة والغدر وتجارة السلاح والمخدرات.

تلك العصابات تغلغلت في صفوف حزبيين وأمنيين واصحاب النفوذ، الى درجة صار فيها بعض زعماء العصابات يتباهون في جلساتهم بعلاقاتهم مع "رجال الدولة"، فيقيمون الحفلات الصاخبة، ويواظبون على الاطلالات الاعلامية المدفوعة، ويحاولون العمل في السياسة من خلال الترشح للانتخابات. الاسوأ أنهم ينصّبون أنفسهم زعماء على بلداتهم او عشائرهم، أو عائلاتهم، أو الحي الذي يقطنون فيه، وينتقدون الدولة على تقصيرها في المنطقة، علما ان التقصير الأساسي هو الملف الأمني الذي يفرض تنفيذه البدء بمعاقبة هؤلاء الخارجين عن القانون.

توالت صرخات الناس، وحلّ الضوء السياسي الاخضر الذي حتّم تحرك الجيش لتطبيق مذكرات و​احكام قضائية​ عدلية، بحق تجّار المخدرات، والسارقين، والعابثين بالأمن، والمتورطين بقتل المدنيين الأبرياء و العسكريين والأمنيين.

ما حصل في ​الحمودية​ - ​بريتال​ في اليومين الماضيين ان هناك مطلوبا خطيرا جدا، متورط في كل انواع القتل والسلب وتجارة الممنوعات، وسبق ان قتل مع مجموعته عنصرا امنيا اثناء مداهمة منزله. هذا المطلوب الخطير صمّم على عدم تسليم نفسه للعدالة، وفق مقولة: يا قاتل يا مقتول. لكنه ورّط عائلته ومعاونيه المطلوبين، فقضى معهم بعد مواجهة الجيش بكل انواع الاسلحة.

إن الاصوات التي تنتقد عملية الجيش، هي تضع نفسها بمواجهة كل البقاعيين الذين يريدون فرض الأمن، وعودة الآمان الى بلداتهم. تلك الأصوات الشاذة تحاول منع عودة الحياة الطبيعية الى بعلبك- الهرمل، لأنها مستفيدة مباشرة او بطريقة غير مباشرة من الغوغاء. فأي صوت يهاجم الجيش هو متعاطف او شريك مع العابثين بالأمن.

كل ابناء بعلبك - الهرمل يقفون خلف الجيش في خياراته وخططه وتنفيذه للقانون. سيكونون معه كما قالوا، حتى لو كان ظالما. لأن ترك المنطقة بيد العصابات سيجعلها مساحة قلق، فلا استثمارات خوفاً من خطف رجال الاعمال، كما حصل مراراً. ولا تجارة او صناعة خشية من الخوّات، التي يفرضها امثال علي زيد اسماعيل. ولا سياحة خوفا من سلب السيارات.

اما حكاية ​تجارة المخدرات​، فهي طويلة، بحجم التركيز على الشباب لجعلهم دُمى مدمنين.

لذلك، يتوالى دعم البقاعيين للجيش، الذي يدعونه لاستمرار الحملة، والقاء القبض على كل المتورطين، وجعل منطقة بعلبك- الهرمل نموذجا يحتذى بالاستقرار، كما فرض فيها الجيش السوري ايام الوصاية الامن بواسطة ضابط قيادي واحد، وعشرات العسكريين فقط. لا ينقص ​الجيش اللبناني​، لا القرار، ولا الغطاء السياسي، ولا الدعم الشعبي، ولا الشجاعة، ولا الوطنية ولا التضحية. فكل اللبنانيين خلف جيشهم. والى الامام.