لم تفِ القيادة ​السعودية​ بوعدها لرئيس الجمهورية ​ميشال عون​ خلال زيارته الاخيرة للمملكة في نيسان الماضي، فالحظر الذي وُضع عام 2012 على السعوديين لمنعهم من السفر الى ​لبنان​ لا يزال قائما، كذلك الحظر على أغلب مواطني ​الدول الخليجية​، ويمكن القول أن قيادات هذه الدول لم تكتفِ بمنع مواطنيها من السفر الى بيروت، بل تساهم عبر وسائلها الإعلامية بتشويه صورة لبنان السياحيّة والتربويّة في الخارج لضرب السياحة الترفيهيّة والعلميّة فيه.

لطالما كانت السعودية و​الإمارات العربية المتحدة​ في طليعة الدول الخليجية التي تأخذ قرارات منع سفر مواطنيها الى لبنان، لأسباب سياسيّة، بحسب مصادر مطلعة، مشيرة الى أن هذا الامر برز عام 2016 عندما جاء قرار الحظر بعد امتناع لبنان عن التصويت على بيان عربي يدين الحادث الذي تعرضت له السفارة السعوديّة في طهران، وعام 2017 عندما أعادت هذه الدول التأكيد على القرار بعد وضع رئيس الحكومة ​سعد الحريري​ بالاقامة الجبريّة واستقالته من الرياض. وها هي اليوم تمارس نفس السياسة تجاه لبنان للضغط عليه في ملفّ ​تشكيل الحكومة​، اذ يقول المسؤولون الخليجيون والسعوديون بالتحديد، بأن رفع الحظر سيأتي بعد تشكيل الحكومة اللبنانية.

في الاقتصاد، يعلم لبنان حجم الإنفاق الخليجي في القطاع السياحي اللبناني، اذ كانت السياحة الخليجيّة تشكل ما يزيد عن 20 بالمئة من اجمالي السياحة وكان انفاقها يفوق الخمسين بالمئة من انفاق السياحة العربيّة في لبنان، يقول الخبير الاقتصادي ​غازي وزنة​، مشيرا في حديث لـ"النشرة" الى ان مداخيل الحركة السياحيّة في لبنان عام 2010 كانت 8 مليار دولار وبلغ عدد السوّاح 2 مليون و200 ألف، بينما انخفض المدخول بالأعوام اللاحقة الى ما يقارب 5 مليار دولار، وبلغ العدد حوالي 2 مليون.

ويضيف وزنة: "أهمية السياحة الخليجيّة في لبنان تكمن بحجم إنفاقها الكبير، وقرار الحظر المربوط بالأمور السياسيّة ينتظر اليوم بحسب قولهم تأليف الحكومة الذي يرونه عنصرا داعما لعودة السياحة، ومن هنا نطلب من القوى السياسية الإسراع بتأليف هذه الحكومة للاستفادة من الموسم الصيفي الذي يؤمّن 40 بالمئة من الحركة السياحيّة السنوية"، مشيرا الى أن "أحدا لا يستطيع الجزم بأن الحظر سيرفع بعد تشكيل الحكومة، ولكن يجب أن نقوم بواجبنا تجاه تأمين البيئة السليمة للسياحة في لبنان".

في السياسة، يبدو جليّا أن الدول الخليجية تُدرك اهميّتها الاقتصاديّة بالنسبة الى لبنان، الا أن ذلك بحسب المصادر لا يعطيها الحق لابتزازه بهذا الشكل، او أن تضرب صورته بالخارج، بالتعاون مع بعض الإعلام المحلّي، عن علم أو عن غير علم، مشيرة الى أن لبنان لطالما كان صلة وصل بين الدول العربيّة، ويرفض لعب دور التابع لهذا البلد او ذاك، وعلى الجميع أن مراعاة طبيعته وتركيبته الفريدة. وتضيف المصادر: "لن يخضع لبنان لابتزاز أحد، وسيبقى ممارسًا لدوره الطبيعي في "الجمع" ولن يصبح طرفا في صراعات نفوذ، لأجل "تسوّل" رفع الحظر على السوّاح العرب الذين يقصدون لبنان للتمتّع بجماله لا لأجل التصدّق عليه".

وتسأل المصادر: "من المستفيد من ضرب صورة لبنان؟، وهل أصبحت ​اسرائيل​ أقرب لبعض الدول العربية من بيروت؟ وهل أصبحت السياحة في اسرائيل امرا طبيعيًّا بالنسبة للعرب"؟، مشيرة الى أن حلم اسرائيل هو ضرب السياحة في لبنان وجذب السواح نحوها، فهل يساهم ​الاعلام العربي​ بهذا المشروع"؟.