أكد ​البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي​ في كلمة له خلال رعايته اللقاء الثقافي السنوي في الكرسي البطريركي في ​الديمان​ الذي نظمته ​رابطة قنوبين​ البطريركية للرسالة والتراث أنه "بإسم إخواني السادة المطارنة ورئيس رابطة قنوبين للرسالة والتراث يسرني أن أرحب بكم جميعا فردا فردا وأخص بالذكر الدكتور هاشم الأيوبي ممثل صاحب السماحة الدكتور القاضي ​مالك الشعار​ مفتي ​طرابلس​ والشمال وأشكرك على الكلمة اللطيفة بإسمه ومن قلبك وخصوصا أنك هنا في أرضك كما قلت لنا. أود أن أشكر كل الحاضرين معنا واحدا واحدا وأشكر كل الذين يحيون هذا اللقاء بعنوان "بيت الذاكرة والإعلام". كتب أحدهم إذا شئت أن تبيد شعبك أنسه تاريخه وثقافته وضيع حاضره فلا يهتدي الى مستقبله".

ولفت الراعي الى أن "اليوم بيت الذاكرة والإعلام هو للمحافظة على تراثنا وثقافتنا فإن ما يحمي الدول ثقافتها. عندما ختم ​السينودس​ من أجل ​لبنان​ ودعنا القديس ​البابا​ يوحنا بولس الثاني بهذه الكلمة "مررتم بحرب أهلية مدمرة لكن الذي خلص لبنان لم تكن إرادة دولية ولم يكن ​السلاح​ بل ما خلص لبنان هو ثقافته"، ثقافة العيش المشترك، وفي الواقع عندما قيل إنتهت الحرب سنة 90 نسي اللبنانيون كل جراحاتهم وعادوا جميعهم الى أمكنة عيشهم .الثقافة هي التي تحيي الشعب. ثقافتنا في لبنان هو هذا العيش معا في هذه ​البيئة​ المشرقية المعذبة، فهذا البلد الصغير يتحدى كل السياسات الدولية بعيش ابنائه".

وأشار الى أنه "هكذا نقرأ كل ما يجري في هذا الشرق هكذا نقرأ الأحداث التي جرت في لبنان، هكذا نقرأ ما يجري في العراق وفي سوريا وما يجري في اليمن، والجرح الدائم في فلسطين هناك إرادة دولية تريد ان تطمس إمكانية العيش معا. هذه قيمة بيت الذاكرة والإعلام أحيي وأهنئ من كل قلبي رابطة قنوبين للرسالة والتراث بشخص رئيسها نوفل الشدراوي وبشخص مديرها الأستاذ جورج عرب وكل المساندين لنشاطاتها. لأننا بحاجة اليوم أكثر من اي يوم مضى أن نحافظ على هذه الثقافة وهذا التراث ونقف سدا منيعا بوجه ما يجري. لكن يؤسفنا أن نقول ان الذين يتعاطون الشأن السياسي إنما يعملون عكس ذلك وأسميتهم حطابين يعملون على قطع الحطب "يقسموا الشعب اللبناني" هذا لي وهذا لك هذا ضدنا وهذا معنا، مؤسف أن يكون العمل السياسي في لبنان مبنيا على الجهل، الجهل لهذه الثقافة اللبنانية ولهذا التراث اللبناني ومع هذا كله نحن نصر على تربية أولادنا في عائلاتنا في مدارسنا في جامعاتنا في كنائسنا في مساجدنا نصر على أن ثقافتنا اللبنانية هي الأساس وهي ضرورة عالمية اليوم".

وأكد أنه "لم يقل القديس البابا يوحنا بولس الثاني كلمة لا عن بلده ولا عن أي بلد آخر بكل شجاعة قال لبنان نموذج للشرق وللغرب وهو نموذج الوطن الصغير، هذه هي أبعاد بيت الذاكرة والإعلام الذي ينطلق من هذا الوادي المقدس من هذا التاريخ لا يمكن ان ننسى تاريخنا من ينسى تاريخه يجهل حاضره ويغيب ولا يدري أين يذهب نحن نتمنى على مسؤولينا السياسيين مرة ثانية أن يتعرفوا الى تراثنا اللبناني، أن يتعرفوا الى ثقافتنا اللبنانية، أن يتعرفوا الى مسؤوليتهم الجسيمة فلا يمكن أن يستمر لبنان في هذا الواقع من الإنحدار المتواصل ثقافيا وسياسيا واقتصاديا ومعيشيا وهذا ما يؤدي الى فقد قوانا الحية الجديدة أجيالنا الطالعة وأنتم تعرفون أكثر مني كيف ان الأجيال الجديدة التي تتخرج من جامعاتنا لا تفكر الا بمغادرة لبنان".

وأشار الراعي الى "أننا أمام مسؤولية جسيمة بالرغم من كل شيء علينا الحفاظ على هذا الدور وعلى هذه الرسالة، العالم واسع يمكن أن يعيش الإنسان في أي مكان ولكن العيش في لبنان له معنى مختلف".