تعدّ بلدة بيت مري المتنيّة واحدة من البلدات التي لا تزال تملك مساحات خضراء في نطاقها الجغرافي، وهي التي استطاعت أن تقي نفسها ولو بشكل موقت من خطر ​أزمة النفايات​ التي تتخبط بها البلاد منذ سنوات، تعاني اليوم من أزمة كبرى تعصف بين الاهالي والبلدية وفعاليات المنطقة على خلفية إنشاء معمل ضخم ل​معالجة النفايات​ في المنطقة، فما الذي يحصل فعلياً؟!.

"400 طن من القُمامة سيستوعب المعمل المنوي إنشاءه في منطقة خضراء في ​وادي لامارتين​ في بيت مري وقد حصلت شركة MOER SPA الايطالية على العقد"، بحسب ما يقول رئيس ​بلدية بيت مري​ روي أبو شديد عبر "النشرة". كلام شديد عن كمية النفايات وموقع المعمل هو أحد أبرز أسباب الاعتراض لدى فعاليات بيت مري ومنهم النائب السابق ​غسان مخيبر​ الذي يرى في المشروع تطبيقاً مشوّهاً للامركزية الادارية خصوصاً عبر اعتماد مسألة الهضم اللاهوائي، لافتا في نفس الوقت الى أن "المعمل لن يكون فقط لمعالجة نفايات بيت مري بل لمعالجة نفايات جبل لبنان ككل وهنا تكمن الخطورة".

"بدأت قضيّة إنشاء معمل النفايات في أيلول من العام 2016، وتقدمت خمس شركات بعروض لتحصل على العقد وحصلت عليه الشركة الايطاليّة المذكورة، كما أجُريت دراسة الاثر البيئي على المشروع ووافقت ​وزارة البيئة​ عليه". هذا ما يؤكده أبو شديد، مشيرا الى أن "المعمل الجديد سيستقبل نفايات البلدات المجاورة ك​عين سعادة​، روميه، ​المونتفردي​ وغيرها من المناطق التي تتداخل حدودنا معها فبيت مري ليست جزيرة ونسعى الى أن نكون محميين في حال إستمرت الازمة".

بدوره النائب السابق غسان مخيبر يشير الى أنه "حتى ولو وافقت وزارة البيئة على المشروع، إلا أن هناك عوائق عديدة تمنع إقامته، أولها أنه في موقع غير قانوني، خصوصاً وأنه في حرج البلدة وهي منطقة خضراء تصنّف كمحميّة"، لافتاً الى أن "تصنيف الموقع لم يتغيّر، وحتى يحصل ذلك لانشاء معمل للنفايات فهو يحتاج الى قرار من مجلس الوزراء"، مضيفاً: "الاعتراض يشمل أيضاً قانونيّة العقد لأن بلدية بيت مري أجرت عقداً بقيمة 40 مليون دولار بالتراضي، وهذه المسألة تحتاج الى استدراج عروض ومناقصة، وهذا ما لم يحصل ويصبح باطلاً بحسب قانون المحاسبة العموميّة".

وبين رأي البلديّة واعتراض فعاليّات البلدة يبقى واقع الحال بحسب المعلومات التي حصلت عليها "النشرة" مختلفاً، أولاً بسبب وجود مركز في بيت مري لفرز وتدوير وتسبيخ المواد العضوية تديره شركة Cedar enviorenmental ، حاصل على موافقة من وزارة البيئة حول مركز التسبيخ وهو يستطيع معالجة نفايات البلدة.

هنا تسأل مصادر مطلعة على الملف "لماذا تريد بلدية بيت مري استحداث مركز آخر لمعالجة النفايات في النطاق الاداري لها فيما المركز الحالي يعالج نفايات البلدة؟. "النشرة" حاولت الاتصال بصاحب الشركة الخبير البيئي ​زياد أبي شاكر​ لتسأله عن وضع المركز الحالي، وهل من ثغراث دفعت البلدية للبحث عن مركز آخر لكنها لم تلق جواباً.

تعود المصادر لتروي رحلة بلدية بيت مري مع ​التنظيم المدني​، وتشير الى أن "رئيس البلدية وبعض الأعضاء حضروا الى المجلس الاعلى للتنظيم المدني طالبين انشاء مركز لمعالجة النفايات في البلدة وان البلدية تريد كنس وجمع ونقل القُمامة ومن ثم الفرز واعادة التدوير، وأخيرا معالجتها بشقين الاولى بيولوجيا والثانية حراريا"، وتلفت المصادر الى أنه "في الاساس لدى البلدية مركز لمعالجة النفايات العضوية عبر وجود مركز التسبيخ كما أن هناك مواد قابلة للفرز ترسل الى المعامل لاعادة التدوير، ويتبقى 2 أو 3 طن من النفايات لا يستأهلون إنشاء مركز معالجة حراري".

وتكشف المصادر أن "التنظيم المدني سمح بإنشاء مركز الفرز واعادة التدوير، ولم يسمح تصنيف المنطقة بحسب التنظيم المدني بإنشاء مركز معالجة النفايات، فكيف ستحصل البلدية على ترخيص بناء للمركز من التنظيم المدني من دون مراعاة تصنيف المنطقة؟، ولماذا تريد استقبال مركز المعالجة الحراري وليس البيولوجي"؟.

في المختصر كثيرة هي الاسئلة حول مسألة إنشاء معمل النفايات في بيت مري، خصوصاً وأن لديها الحل بوجود مركز، فماذا تريد مركزا يستقبل نفايات المناطق المجاورة؟ وما قصّة الشركة الايطالية، فهل قدمت معدّاتها كهبة للبلدية حتى قبلت المشروع؟.