يعيش تنظيم "داعش" ​الارهاب​ي اياماً صعبة جداً، وفيما ينتظر الكثيرون اعلان وفاته بشكل رسمي، تستمر عروضه الاجرامية متنقلة في انحاء العالم، دون ان يتمكن احد من السيطرة عليه، وهذا ما يوجب طرح سؤال دقيق وواضح وهو: من يبقي "داعش" على قيد الحياة؟ من المهم الاشارة الى ان هذا التنظيم الارهابي ارعب العالم لسنوات وألزم اجتماع تحالف دولي للقضاء عليه، دون ان يؤدي هذا الامر الى اي خلل في تركيبته او تراجع في امكاناته العسكرية، وتطلب الامر تدخلاً حاسماً من ​روسيا​ في ​سوريا​، كي يتم القضاء على قدرات "داعش" العسكرية والحد منها.

انه التنظيم الارهابي نفسه الذي روّع العالم وقدّرت استخبارات العديد من الدول الكبرى، انه يضم اكثر من اربعين الف مقاتل في صفوفه. وها هو اليوم "ينازع" وعلى حافة الانهيار، انما يبدو انه مطمئن الى بقائه رغم ان زعيمه "​ابو بكر البغدادي​" متوارٍ عن الانظار، وهناك من يرجّح موته او في افضل الاحوال، اصابته بشكل قوي ما يمنعه من التحرك او التخطيط او وضع استراتيجيات عسكريّة وامنيّة واداريّة لاستمرار التنظيم وتوسيع مهامه. لا شيء ينبىء بأن لـ"داعش" القدرة على القابلية للحياة، وليس من الغريب توجيه اصابع الاتهام الى من روّج للقضاء على هذا التنظيم بأنه هو السبب وراء متابعته عملياته الارهابية في العالم.

فلنتخيل للحظة الاعلان عن انتهاء موجة "داعش"، عندها سينتفي مبرر استمرار ​التحالف الدولي​، ولن يكون للاميركيين والاوروبيين أيّ ذريعة للبقاء في الاراضي العراقيّة والسوريّة، لأنّ تواجد قواتهم في الاصل هو للقضاء على "داعش". اما روسيا، فتواجدها اكثر راحة وضمانة من تواجد الاميركيين والاوربيين، ف​موسكو​ قد رتّبت الاوضاع مع سوريا بحيث يكون تواجد الجنود الروس فيها، شرعي في ظل طلبات رسمية من السلطات السوريّة ببقاء الروس للمساعدة على التأقلم خلال فترة ما بعد داعش".

ولا يمكن الاستهانة بما يقدمه تواجد هذا التنظيم الارهابي من مبررات في سبيل تعزيز النفوذ الاميركي وجزء من النفوذ الاوروبي في المنطقة، ناهيك عن الاتفاقات العسكريّة للاميركيين لتزويد بعض الدول بأسلحة نوعية بمليارات الدولارات (لم يستعمل منها العرب الا ما تيسّر استعماله، ولفترات قصيرة جداً). وعليه، بات من الصعب جداً توقع اعلان انتهاء حقبة "داعش" بشكل رسمي، وحتى في حال وفاة زعيم التنظيم، فلن ينعكس الامر سلباً على الاعضاء، وبالتالي لا خوف من التأثير السلبي على "داعش" لان قرار تفكيكه لم يتخذ بعد، وقد يطول الامر قبل الاعلان عن ذلك. انه البيضة التي تبيض ذهباً، وليس من احد مستعجل للتخلص من هذا المخلوق البشع، وكلما زادت عملياته الارهابيّة، كبر حجم تهديده وهو امر يلائم البعض بشكل ممتاز، لتحقيق الارباح والعمل على ترسيخ النفوذ السياسي والدبلوماسي والعسكري.

ان القضاء على "داعش" ليس بالامر الصعب او المستحيل، وها ان الاوضاع قد وصلت مع هذا التنظيم الى مرحلة حرجة، وسيكون من الاساسي عاجلاً ام آجلاً، اعلان الوفاة الرسمية للتنظيم، وهو امر يتوقع الكثيرون حصوله فور نضوج التسوية السياسيّة في سوريا وقبل وضعها موضع التنفيذ. وحتى ذلك الوقت، سيبقى "داعش" في المرحلة التي يتواجد فيها، ولن يتم السماح له بالتوسع، بل سيحافظ على حالته الحالية، وستحمل اخباره الحزن والغمّ من انحاء العالم، الى ان تنضج التسوية السياسية وتضع حداً لهذا الارهاب المتنقل.