أشار المعارض السوري الكردي ورئيس المجلس الوطني السوري السابق ​عبد الباسط سيدا​، الى تعرض موسكو لضغوط دولية وإقليمية كبيرة أدت لتراجعها عن الخيار العسكري في إدلب، لافتا الى ان "أخبار الاتصالات بين الفصائل والجانب التركي، وحتى مع الجانب الروسي، وما كان يستشفّ من مختلف الاتصالات والاجتماعات، كانت تؤكد وجود رغبة في الوصول إلى حل سياسي يجنّب منطقة أدلب معركة عسكرية كانت ستكون نتائجها مكلفة للجميع".

واعتبر سيدا في حديث لـ"النشرة" أن "​روسيا​ التي كانت تسوق حتى وقت قريب، وما زالت، لمشروع إعادة الإعمار والدستور، في إطار سعي يحاول أن يعطي انطباعاً بأن وصفتها السورية كانت ناجعة، كانت ستحرج كثيراً بخروج قوافل النازحين من ادلب بحثاً عن مأوى آمن". وأضاف: "كما ان جميعنا يتذكر العرض غير الموفق الذي تقدم به ​ستيفان دي ميستورا​ بخصوص استعداده للتوجه الى ادلب والمساعدة في اخراج الناس من هناك".

واشار الى ان "موقف ​تركيا​ كذلك كان في غاية الصعوبة، فهي ان سمحت بحدوث معركة ادلب فهذا معناه عزلها من جميع أوراق التأثير في الوضع السوري، هذا ناهيك عن مواجهتها لسيل كبير من اللاجئين". وقال: "أما بالنسبة لأميركا فإن دخول قوات النظام إلى ادلب معناه دخول ايران، وهذا مؤداه إما اضعاف جهودها في ميدان تحجيم الدور الإيراني في سوريا أو التشكيك في استراتيجيتها في هذا المجال"، لافتا الى ان "الوجود التركي في غربي الفرات يخفف الضغط عن وجودها في شرقي الفرات، ويمكنها من ترتيب الأوضاع هناك بصورة تتوافق مع رؤيتها لمستقبل المنطقة". وأضاف: "لكن كل ذاك يتوقف على مدى جدية وطبيعة الموقف الأميركي في نهاية المطاف".

ورأى سيدا أن من جهة الاوروبيين، "الحل السياسي في ادلب أفضل من الحل العسكري ، وذلك تحسبًا من المزيد للاجئين، وربما المزيد من الأعمال الإرهابية"، مشيرا الى انه "عربياً هذا الحل أفضل من وصول ايران إلى المنطقة، وربما يكون هذا الأمر بداية لتفاهم سعودي-تركي اذا كانت هناك استراتيجية أكيدة للحد من النفوذ الإيراني في المنطقة".

وعن مصير جبهة النصرة في ادلب، قال سيدا: "انها مشروع اقحامي على الواقع السوري. اعتقد الناس في بداية الامر بأنها قد تساعدهم في مواجهة عنف النظام الهمجي. ولكن في ما بعد تبين بأنها مشروع يتناقض بالمطلق مع المشروع الوطني السوري"، لافتا الى أن "الحاضنة الشعبية في ادلب متذمرة للغاية من ممارساتها. وغيرها من القوى المتحالفة معها والمتنافسة مع خطها الإرهابي". وقال: "أما الفصائل الاخرى فهي خارج مشروعها، وقد تمكنت من توحيد صفوفها بمساعدة تركيّة بطبيعة الحال. واعتقد ان قيادة النصرة قد أدركت ان إمكانية استقرارها في المنطقة قد باتت شبه مستحيلة. لذلك ما عليها سوى الاستعداد للخروج بطريقة ما". وأضاف: "الجهات التي صنعت هذا المشروع وروّجت له واستفادت منه هي التي عليها إيجاد حلّ لهذه المصيبة بغية إنقاذ المنطقة منها".

وردا على سؤال عن مصير مناطق شرق الفرات التي تعتبر مناطق نفوذ أميركية، اعتبر سيدا أن "مصيرها مرتبط بالترتيبات النهائية للحل المنتظر في سوريا، وربما في العراق"، وقال: "يبدو أن الولايات المتحدة قد اعتمدت خطة البقاء في الوقت الراهن، وهذا القرار ينسجم مع تحليلات وتوقعات المؤسسات العسكرية والاستخباراتية في الإدارة وحتى وزارة الخارجية ومن قبل المسؤولين عن الملف السوري. الأرجح أن القرار الاميركي بالانسحاب قد تأجّل إلى أمدٍ غير مسمى، في انتظار توافقات وتفاهمات مع الروس ومع القوى الإقليمية، ومن ضمنها اسرائيل بطبيعة الحال".

وتناول عودة النازحين السوريين من لبنان، فأشار الى أنها مرتبطة بتوفير الضمانات الأمنية بالدرجة الأولى. وقال: "الناس تخشى من الانتقامات، ومن سوق أبنائها إلى معارك عبثية ظالمة ضد اخوتهم السوريين. أما الحديث عن الجوانب المعيشيّة فرغم أهميته، فهو يأتي في المقام الثاني. فالسوري يتدبّر أموره المعيشية في أقسى الظروف، وقد أثبت السوريون قدرتهم على تأمين لقمة عيشهم في كل الأماكن، فكيف اذا كان في بلده وبين أهله".

وختم، "الأجواء المعيشية والسياسية لا تغريهم كثيراً بالبقاء هناك. لذلك العودة الكاملة للسوريين الموجودين حاليا في لبنان مرتبطة بتوفير الضمانات الأمنية الأكيدة".