منذ بداية الإسبوع الحالي، أرسل رئيس "​الحزب التقدمي الإشتراكي​" النائب السابق ​وليد جنبلاط​ أكثر من إشارة بأنه لا يريد أن يكون في "بوز المدفع"، في الصراع القائم بين "​التيار الوطني الحر​" والعديد من الأفرقاء المحليين، لا سيما حزب "القوات اللبنانية" و"تيار "المستقبل"، خصوصاً بعد أن لمس أنه وحيد يدفع ثمن ذلك.

يوم السبت الماضي، توجه جنبلاط، في تصريح عبر مواقع التواصل الإجتماعي، برسالة واضحة: "ما من أحد يعارضه سوانا ويدفع الثمن والبقايا مجموعة أصنام وجيف همها تقاسم المصالح... لا تلعبوا بالنار"، في إشارة إلى وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال ​جبران باسيل​، بعد أن قارن بينه وبين صهر الرئيس الأميركي دونالد ترامب جاريد كوشنير.

في هذا السياق، تعود مصادر سياسية، عبر "النشرة"، إلى المواقف التي أطلقها رئيس "الإشتراكي" بعد ذلك، الاثنين والثلاثاء الماضيين، عندما أكد أن "الدخول في سجالات عقيمة لن يقدّم ولن يؤخر"، مشيراً إلى أن مبدأ الحوار هو أفضل السبل"، ثم أوعز إلى مسؤولي الحزب في المناطق بالتواصل مع مسؤولي "التيار الوطني الحر" ومسؤولي الأحزاب الأخرى، وعقد لقاءات مناطقية بهدف التأكيد على أن تبقى الخلافات في إطار النقاش والحوار.

من وجهة نظر هذه المصادر، هذا التحول في مواقف جنبلاط لا يمكن إلا التوقّف عنده، لا سيما أن الخلاف مع "التيار الوطني الحر" كان قد أدى إلى إرتفاع مستوى التوتّر في العديد من قرى وبلدات الجبل، معتبرة أنه مؤشر على أن "البيك" يريد الإنتقال من مرحلة "المواجهة" إلى مرحلة "الحوار"، بعد أن أيقن أن الأولى لن تؤدي إلى أي نتيجة، أو على الأقل لا يريد الإستمرار بالتعبير عن مواقفه بـ"الحدّة" نفسها.

في المقابل، تشير المصادر عينها إلى أنه في الجانب الآخر كان رئيس "الإشتراكي"، من وجهة نظر "التيار الوطني الحر"، المعرقل الأول لعملية تأليف الحكومة، بسبب إصراره للحصول على الحصة الدرزيّة الكاملة، في حين كانت التسريبات توحي بأن معالجة تمثيل "القوات" لن تكون مستعصية، خصوصاً أن الحزب كان يحرص بشكل دائم على حصر خلافه مع رئيس التيار فاصلاً بينه وبين رئيس الجمهورية العماد ​ميشال عون​، بينما جنبلاط كان قد ذهب، في أكثر من مناسبة، إلى وصف العهد بـ"الفاشل".

في تقدير أوساط سياسية متابعة، الرسالة التي وجهها رئيس "الإشتراكي"، يوم السبت الماضي، كانت هي الأساس، لناحية الإشارة إلى أنه الوحيد الذي يعارض باسيل ويدفع الثمن، بينما الآخرين مجموعة أصنام وجيف همها تقاسم المصالح، حيث ترى أنها كانت موجهة إلى كل من "القوات" و"المستقبل"، لا سيما بعد إنفجار أزمة الموظّفين، التي تعود بالأساس إلى تجاوب وزير التربية والتعليم العالي في حكومة تصريف الأعمال ​مروان حمادة​، مع رغبة رئيس الحكومة المكلّف ​سعد الحريري​ باعفاء الموظّفة هيلدا خوري من مهمّة ادارة الامتحانات في وزارة التربية والتعليم العالي، وتعيين أخرى مقربة من "المستقبل" مكانها، وبالتالي كان يتوقع أن يكون الحريري إلى جانبه في هذه المواجهة، بعد أن أقدم التيار على الردّ بخطوات مماثلة.

على الرغم من ذلك، تؤكّد الأوساط نفسها أن هذا التحول لا يعني بأي شكل من الأشكال إنتهاء الأزمة بين "الإشتراكي" و"الوطني الحر"، نظراً إلى أن الخلافات بينهما لا تزال على حالها، لكن في المقابل ترى وجود رغبة من قبل جنبلاط بألاّيقود المعركة مع باسيل أو عون وحيداً، خصوصاً أن مواقفه السابقة كانت متقدّمة على تلك التي يتبنّاها من هم في "الجبهة" نفسها معه، أي "القوات" و"المستقبل"، الأمر الذي تجاوب معه التيار بالتعميم الصادر عنه بوقف السجالات مع "الإشتراكي".