دقت أوساط ​فلسطين​ية مسؤولة عبر "النشرة"، ناقوس الخطر الداهم الذي يتهدد ​مخيم عين الحلوة​ على خلفية تقاطع سلسلة من الاحداث الأمنيّة داخله مع التطورات السياسية المتسارعة خارجه في المنطقة لتصفية قضية ​اللاجئين الفلسطينيين​ في الشتات، والتي تشكل المخيمات عنوانا رئيسيا لها، من خلال القرارات والخطوات الاميركية المتدحرجة بكافة الاتجاهات بدءًا بالقدس، مرورا بالضغط على القيادة الفلسطينية واقفال مكتب "​منظمة التحرير الفلسطينية​" في واشنطن ووقف المساعدات المالية وصولا الى العمل على انهاء وكالة "الاونروا" التي ما تزال شاهدا حيا على نكبة فلسطين منذ العام 1948.

واذ اعتبرت الاوساط الفلسطينية، انه ليس هناك من ترابط عضوي مباشر بين الأمرين الامني والسياسي، الا ان قراءة متأنية تشير بوضوح الى استغلالها بهدف حرف الانظار عن كيفية التصدي ومواجهة المخاطر المحدقة بالمخيم والهاء القوى السياسية في تفاصيل "الزواريب الضيقة"، بدلا من وضع استراتيجية للمواجهة تبدأ من الداخل الفلسطيني بتناسي الخلافات وتوحيد الموقف، وتصل الى التنسيق مع الجهات اللبنانية المعنية لوضع خطة مشتركة تحول دون التسليم بالامر الواقع، وخاصة مع انعقاد الجمعية العامة للامم المتحدة، حيث من المتوقع ان يعلن الرئيسان اللبناني ​ميشال عون​ والفلسطيني ​محمود عباس​ مواقف سياسية هامة يرفض فيها الاول ​التوطين​ والثاني "صفقة القرن".

خطورة الوضع هذا، دفع القوى الوطنية والاسلامية الفلسطينية لتنحية خلافاتها جانبا، واعادة الحرارة الى العمل المشترك، الذي شهد اجتماعا ثنائيا بين قيادتي حركتي "فتح" و"حماس"، هو الاول منذ فتور العلاقات بينهما والتي وصلت الى حد "القطيعة" وتجميد العمل بـ"الاطر المشتركة"، ومنها "القيادة السياسية الموحدة" المركزية في بيروت وفي المناطق، حيث شكل الاجتماع بحد ذاته مظلة حماية للمخيمات وخاصة عين الحلوة، بعد الحادثين الامنيين البارزين الأوّل اغتيال الفلسطيني هيثم السعدي الذي ترفض عائلته واهالي بلدته طيطبا حتى الان دفنه قبل تسليم القاتل، والثاني اعتقال الشيخ بهاء حجير في عملية أمنية من "حي الطيرة" وهو المتهم بالانتماء الى "​كتائب عبد الله عزام​" التي تقف وراء التفجير الارهابي المزدوج في ​السفارة الايرانية​ في بيروت في العام 2013.

وأكدت مصادر فلسطينية لـ "النشرة"، أن "فتح" و"حماس" قرأتا جيدا خطورة الوضع الامني وضرورة التحرك السريع والجدي مع باقي القوى الفلسطينية في فصائل "منظمة التحرير" و"تحالف القوى الفلسطيني" و"القوى الاسلامية" و"انصار الله"، رغم اتساع هوّة الخلافات بينهما في الداخل لجهة التسوية المطروحة بشأن غزة، ومراوحة المصالحة الوطنية برعاية مصريّة في مكانها، الا انهما سارعا الى التلاقي على أهمية اقفال ابواب التوتير امام رياح الفتنة والاقتتال، مع الشعور المتزايد باقتراب الخطر الداهم، فإتفقتا على طي صفحة الماضي التي وصفت بـ"الرمادية" والبدء بصفحة جديدة تقوم على المصارحة والمكاشفة، اضافة الى تفعيل "الاطر المشتركة" كافة من "هيئة العمل المشترك" الى "القيادة السياسية الموحدة" في المناطق، اضافة الى تفعيل "القوة المشتركة" في مخيم عين الحلوة.

وعلمت "النشرة"، ان القيادتين بحثتا تفصيلا بثلاث نقاط، اولها، تعزيز الوحدة وتفعيل العمل المشترك على قاعدة الشراكة الفلسطينية وليس استئثار أي طرف دون الآخر، ويندرج ضمنه تفعيل عمل "القيادة السياسية الموحدة" في المناطق، وتفعيل "القوة المشتركة" في مخيم عين الحلوة، ثانيها أهمية الحفاظ على أمن واستقرار مخيّم "الميّة وميّة" وتشكيل لجنة تنسيقية من القوى الفلسطينية فيه، وثالثها أحداث عين الحلوة الاخيرة وضرورة تجاوز القطوع الامني بما يخدم أمنه واستقراره، وضرورة تسليم الجاني في جريمة اغتيال السعدي وتكثيف التحركات لتطويق ذيولها.

بمقابل الاجتماع "الفتحاوي-الحمساوي"، لم تهدأ القوى السياسية في منطقة صيدا، فأبقت لقاءاتها مفتوحة، فيما "اللجان الشعبية والاحياء" تضامنت مع ذوي القتيل السعدي، شاركت في الاعتصامات الاحتجاجية، واتخذت موقفا موحدا بضرورة الاقتصاص من القاتل وتسليمه الى السلطات اللبنانية وهي تدرك ان دون ذلك عقبات كثيرة مع استبعاد الخيار العسكري، غير ان كل هذه الخطوات لم تطفىء لهيب الغضب الذي ترجم بحالة من الترقب والحذر، وبحركة شبه مشلولة، وبعدم انتظام الدراسة في مدارس وكالة "الاونروا" والاهم بعدم دفن القتيل حتى الان.

وترى أوساط مسؤولة، ان "بداية المعالجة في عين الحلوة تكمن في اسقاط معادلة "الامن بالتراضي" التي ما تزال سائدة والمربعات الامنية، واعتماد مبدأ "القصاص العادل" لأيّ مخلّ بأمن واستقرار المخيم"، معتبرة ان "رفض ذوي السعدي دفنه (وهي المرة الاولى التي يطول فيها عدم دفن قتيل أكثر من عشرة أيام)، تعبير عن مدى الاستياء الذي وصل اليه أبناء المخيم مع مسلسل الاغتيالات دون القصاص العادل، وهو أشبه بـ"العصيان" المدني، على الواقع المرير الذي يتكرر بين الحين والآخر، حيث يقتل الانسان ثم يدفن استجابة للمساعي الحميدة، والعضّ على الجراح بهدف وأد الفتنة مع التعهد بحفظ حق المغدور"، مؤكدة ان "القوى السياسية اليوم امام اختبار حقيقي في تجاوز هذا القطوع الامني الجديد اما بالضغط لتسليم الجاني او لدفن القتيل السعدي وتكرار ذات السيناريو السابق؟!.