المتوسط بيننا

لا شك ان معظم البؤر الحضارية التي تركت أثرا عالميا في الحضارة والثقافة انتشرت حول بحيرة المتوسط: جبيل القاهرة، أثينا روما. لكن بلاد ما بين النهرين بلاد فارس، والهند والصين واليابان وأوستراليا أميركا الشمالية ​أميركا الجنوبية​، خاصة مع دلازتك مدلمايا لها حضارتها وثقافتها الخاصة بها ولها نظرتها في: التيولوجيا (علم الله) theologia والانطولوجيا (علم الكائن) ontologia والفيلوسوفيا (حسب الفلسفة) philosophoa والفيلوكاليا (حب الجمال) philocalia والانتروبولوجيا (علم الانسان) Anthrogologia ولها طقوسها في الحياة والموت وطرق أكلها وشربها ومائدتها وفولكلورها كما كتب لفي تشراوس levi- straus.

تأثير البحر والجمال والسهول والصحارى

فللمدن والجماعات المحيطة بالمتوسط طقوسها وانماط سلوكها ومميزات حياتها الخاصة ولباسها ومآكلها ومشربها ورتب الموت والحياة عندها مع المحرمات والممنوعات او التبوهات Tabous ولها شعائرها وانماط سلوكها وفولكلورها.

وهناك فروقات وخصائص مميزة لشعوب البحار وجماعات الجبال والسهول والانهار والصحارى.

أهمية المدن المتوسطية

من هنا أهمية المدن المتوسطية وأهمية لبنان لان وجهته بفضل جباله مواجهة نحو ​البحر المتوسط​ والابتعاد عن الصحراء والبادية وأرض الرمال. فجبال ​السلسلة الشرقية​ تمنع عنه ريح الصحراء والرمال وسلسلة جباله الغربية تحبس الغيم وتجلب المياه والثلج والاخضرار وتعطي للجماعات الانسانية هذه الليونة والمرونة أو "الغندرة" و"الدلع" و"الغنج" وحتى اللهو وعدم المسؤولية لانه يعرف أن الفصول ستأتي في حينها وتجلب له الموسم والغلال والطعام طوال فصول السنة صعودا من الشاطئ حتى المناطق الوسطية حتى اعالي القمم والجبال. من هنا أهمية تأثير البيئة والجغرافية على الانسان اللبناني بهذا الاستقرار وعدم القلق على الغد والمستقبل الحياتي An- Throsos فهو لا يخاف من القحط والجفاف والجوع وقساوة الطبيعية والرعب والقلق من فصولها الحارة المحرقة في قيظها ولا من فصولها المثلجة الباردة بصقيعها وحيواناتها من الحيات السامة في الرمال او الذئاب العاوية الجائعة في صحارى الثلج والجبال المغطاة بالجليد والثلج.

المتوسط أحشاء دافئة

هذا المتوسط هو الاحشاء الدافئة وعالم المياه Thalassa التي حولها وعلى شواطئها ولد كبار العلماء واللاهوتيون والفلاسفة والشعراء والفنانون... من شمال افريقيا مع اغوسطينوس الى شرق المتوسط الى شماله.

هذا المتوسط كان وما زال نداء للابداع والريادة ومغامرة العقل والقلب والحب والجمال وسحر نور القمر والنجوم ونور الشمس وربيع الجدبال والسهول.

خط الاعتدال يمر في بيروت

وكم تكلم الالماني فيدال Vidal ودو فوما De Vouvas واللبناني ​جواد بولس​ وميشال شيحا ورينيه حبش والكثير من علماء الجغرافية والبيئة وأثرها على الانسان. وانا شخصيا كتبت وتكلمت في كتابي- اطروحة الدكتوراه- حول الشخصية اللبنانية، هذه الشخصية التي ميزتها جغرافيتها بين خطوط العرض والطجول بخط الاعتدال المناخي الهام الذي تمر بالمتوسط بلبنان- بيروت نعمة الهية.

الى اليوم مازال البحر المتوسط ينادينا لنلتقي على مشروع مستقبلي حضاري للايام الاتية يعطي رجاءا للانسانية، بانسانية جديدة تولد من رحم الايام السوداء التي يعيشها العالم الحاضر فتعيد الى القلب والعقل حضورهما للحب والابداع والجمال، فهلا استجبنا لنداء بحيرتنا الدافئة المتوسط التاريخ الحضاري الكبير ينادينا هلا سمعنا النداء.

وعدنا واعطينا قدموس، اغوسطينوس سقراط افلاطون ارسطو، هوميروس، الاسكندر، هنيبعل، فيدياس، دانتي، مايكل انجلو، جبران، نعيمة، ميشال شيحا، فخر الدين، ​سعيد عقل​، ​وديع الصافي​، فيروز وغيرهم كثيرين.