مهما طال إعتصام المشاركين في دورة خفراء ​الجمارك​ أمام مبنى المديريّة في شارع المصارف، ومهما زارتهم النائب بولا يعقوبيان وشخصيات أخرى تعبيراً عن التضامن مع قضيتهم، لن تصدر نتيجتهم المنتظرة منذ عام ٢٠١٤ قبل تشكيل الحكومة، حتى ولو أن اصدار النتيجة عملياً لا يتطلب وجود حكومة قائمة يمكنها أن تنعقد في أي لحظة على عكس ما هو عليه وضع حكومة تصريف الأعمال.

إصدار النتيجة هو في نهاية المطاف تدبير إداري يتم تنسيقه على ثلاثة مستويات أولها لجنة الإمتحانات التابعة للمديريّة، وثانيها المديرية العامة للجمارك أما ثالثها فالمجلس الأعلى للجمارك. وبما أن الإتفاق بين اللجنة والمديرية والمجلس الأعلى غير مؤمّن بعد، لن يشغل السياسيون النافذون والمؤثّرون في هذا الملف بالهم كثيراً لتكليف وزير أو نائب أو معاون سياسي بمهمة التواصل، وتأمين الإتفاق على آلية إصدار النتيجة. فعلى ماذا تقوم المشكلة في الأساس؟ .

في المعلومات، تقدم الى هذه الدورة عند فتحها حوالى ١٣٠٠٠ شخص، وبنتيجة الإمتحانات الطبيّة والرياضيّة والخطيّة، خرج منهم حوالى ١٠٠٠٠ من السباق وبقي ما يقارب ثلاثة آلاف. ولأنّ النتيجة تأخّرت كثيراً عن الصدور، وهذا أمر غير مألوف، ولأنّ الشباب اللبناني بأمسّ الحاجة الى الوظيفة بهدف تأمين حياة كريمة لهم ولعائلاتهم، تطوّع من هؤلاء الثلاثة آلاف في الجيش أو ​قوى الأمن الداخلي​، ولم يبق منهم سوى ما يقارب ١٢٠٠ شخصا ينتظرون نتيجة دورة خفراء الجمارك، ومن بين هؤلاء سيتم بعد إصدار النتيجة تعيين ٨٥٣ خفيراً تنفيذاً لقرار ​مجلس الوزراء​.

ما هو حاصل اليوم وما يعرقل إصدار النتيجة إذا صح التعبير هو خلاف بين فريقين، الأول يريد إحترام ​التوازن الطائفي​ بين المسيحيين والمسلمين كما في كل الأسلاك العسكريّة، والثاني يريد إصدار النتيجة بحسب تراتبيّة الناجحين وذلك بغض النظر عن كيفيّة توزعهم طائفياً. الفريق الأول يمثّله المدير العام للجمارك بدري ضاهر مدعوماً من وزير المال علي حسن خليل، والفريق الثاني مكوّن من بعض أعضاء لجنة الإمتحانات والمجلس الأعلى للجمارك برئاسة العميد أسعد الطفيلي. الطفيلي والبعض في لجنة الإمتحانات يريدون إصدار النتيجة من دون الأخذ بمبدأ المناصفة تماشياً مع الدستور الذي يتحدّث فقط عن المناصفة في وظائف الفئة الأولى، وإذا حصل ذلك من المتوقع أن ينجح نسبة ٦٠٪‏ من المسلمين وذلك لأن عدد المشاركين المسلمين أكبر و٤٠ ٪‏ من المسيحيين. أما إذا احترمت المناصفة، فتصدر النتيجة بعدد ناجحين مسيحيين يوازي عدد الناجحين لدى المسلمين كما يحصل في أكثريّة الأجهزة الأمنية والعسكرية.

في المحصّلة، لا يكفي أن تصدر المديرية النتيجة إذا كان المجلس الأعلى غير موافق عليها، لأنّه الجهة الوحيدة التي يمكنها تعيين الخفراء الناجحين في مراكزهم. وأذا صدرت النتيجة ولم يتم تعيين الناجحين، تكون وكأنها لم تحصل.

أخيراً والأهم، ليس من حقّ أي فريق أو وزير أو مدير أن يعرقل إصدار نتيجة هي بالنسبة اليهم خشبة الخلاص المنتظرة قبل أن يأخذوا قرار الهجرة بحثاً عن لقمة العيش.