في خضمّ الازمة السياسية التي يعيشها ​لبنان​، أتحفنا ​البنك الدولي​ بتقرير جديد عن لبنان يرى فيه أن "إطار المخاطر الخاص بلبنان يرتفع بشكل حاد، وأن فائدة بعض الأدوات التي يستخدمها ​المصرف المركزي​ تُستنفَد بعد سنوات من التطبيق". وذكر البنك الدولي في تقرير المرصد الاقتصادي اللبناني لخريف 2018 أن "المصرف المركزي استجاب من خلال تعزيز مخزونه من احتياطيات النقد الأجنبي وإطالة آجال استحقاق الودائع والحد من السيولة المتاحة".

يذكر التقرير أنه "بعد ستة أشهر تقريباً من الانتخابات البرلمانية، لم يتفق السياسيون اللبنانيون بعد على حكومة وحدة يجب أن تعمل على الإصلاحات الاقتصادية التي يحتاجها البلد"، مشيرا الى أن السياسيين حذّروا من حدوث أزمة اقتصادية ما لم يتم تشكيل حكومة في وقت قريب.

يركز التقرير على الظروف المالية الكليّة في لبنان، واللافت فيه كان تعديل توقعات البنك الدولي لنمو الناتج المحلي الاجمالي الحقيقي للعالم 2018 حيث تم تخفيض النسبة المتوقعة الى 1 بالمئة فتوقّف القرض المدعوم من المصرف المركزي قد أدى الى تأثر الاقتصاد الحقيقي بشكل كبير، وتوقّع التقرير ان يؤدي الارتفاع في الانفاق الجاري الى زيادة العجز المالي من 6.6 بالمئة من الناتج المحلي الاجمالي بشكل استثنائي في العام 2017 الى 8.3 بالمئة، أي النسبة المتوقعة في العام 2018.

رأى البنك الدولي ان التنفيذ السريع لالتزامات مؤتمر سيدر واحد اساسي للمساعدة في التعويض عن انحدار الثقة، خصوصا ان الحكومة عرضت في المؤتمر "رؤية لتحقيق الاستقرار والنمو وخلق فرص العمل، حيث تعهّدت بضبط الاوضاع الماليّة بنسبة 5 نقاط مئوية من الناتج المحلّي الاجمالي على مدى السنوات الخمس المقبلة، ويتوجب تحقيق ذلك من خلال اجراءات تتعلق بالايرادات بما في ذلك تحسين آلية الجباية والحد من الثغرات وتخفيض الانفاق".

الابرز كان تركيز التقرير على مسألة الكهرباء واعتبارها "أم الأزمات"، اذ تحدث عن هذا القطاع واهمية تنفيذ برنامج اصلاح واستثمار قوي مخصص له، والربط بين حالة الجمود السياسي والضعف الاقتصادي.

"ليس التقرير جديدا بل هو تكرار للتقارير السابقة للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي"، يقول الخبير الاقتصادي ​غازي وزنة​، مشيرا في حديث لـ"النشرة" الى أن التقرير "يعتبر أن التطلعات المستقبلية فيها مخاطر كبيرة على الاقتصاد اللبناني بسبب وجود عجز بالماليّة العامة وميزان المدفوعات وبسبب عدم تأليف حكومة.

ويضيف وزنة: "يقدّم البنك الدولي تحذيرا للسياسيين اللبنانيين بأنه يفترض عليهم العجلة بتأليف الحكومة حتى تتمكن من القيام بالاصلاحات المطلوبة منها للاستفادة من مؤتمر سيدر الذي يحمل تمويلا للبنى التحتية بقيمة 11 مليار دولار، وترتكز على إصلاح الماليّة العامة وقطاع الكهرباء الّذي يكلّف لبنان ملياري دولار سنويا ويؤثر على المواطنين بشكل كبير".

اما التحذير الثاني الذي يحمله تقرير البنك الدولي فهو للمصرف المركزي حيث يقول له بأنّ "الهندسات الماليّة المستخدمة من قبله تراجعت فعاليتها بشكل كبير، وهذا ليس جديدا اذ يعلم المصرف هذا الامر منذ مدّة واتخذ الاجراءات التي اتاحت له تعزيز احتياطاته بالعملات الاجنبية لحماية الليرة اللبنانيّة بالمرحلة المقبلة من خلال تدابير أبرزها رفع معدلات الفوائد، إطالة آجال الودائع، وضبط السيولة بالسوق".

لم يكن لبنان في حال اقتصادي ممتاز وانتكس اليوم، فالمعاناة مستمرّة منذ سنوات، والحلّ بالنسبة لوزنة ولغيره من الخبراء الاقتصاديين ورجال السياسة، يبدأ من خلال ​تشكيل الحكومة​ والمباشرة فورا بإصلاحات المطلوبة من مؤتمر سيدر.