لفت متروبوليت بيروت للروم الأرثوذكس المطران ​الياس عودة​، عقب ترؤسه جنازًا أُقيم لراحة نفس النائب السابق ​نقولا غصن​، في ​كنيسة القديس نيقولاوس​ للروم الأرثوذكس "مار نقولا" في ​الأشرفية​، إلى أنّ "في وداع نقولا اليوم شئنا قراءة المقطع الإنجيلي الذي وردت فيه التطويبات، لأننا شعرنا أنّها تتناغم مع ما اتّصف به هذا الفقيد العزيز. وممّا قرأنا: طوبى للودعاء فإنّهم يرثون الأرض. طوبى للرحماء فإنّهم يرحمون. طوبى لأنقياء القلوب فإنهم يعاينون الله. طوبى لصانعي السلام فإنهم بني الله يدعون".

وشدّد على أنّ "نقولا كان إنسانًا وديعًا، مسالمًا، متواضعًا، محبًّا، صادقًا، أمينًا، وفيًّا، قريبًا من الناس، يشاركهم همومهم ومشاكلهم، وهذه الصفات رافقته منذ شبابه حتّى آخر أيامه. فطوبى له والرحمة الغزيرة لنفسه"، منوّهًا إلى أنّ "الله خلق الإنسان على صورته ومثاله وأسكنه الفردوس، وجعله ملكًا على الخليقة يسوسها بالمحبة. هذه البذرة الإلهية الّتي غرسها في الإنسان لتقود حياته وتكلّل علاقته بسائر المخلوقات".

وركّز المطران عودة على أنّ "على الإنسان أن يكون قبسًا من نور الله، وأن يظهر هذه المحبة لله وللآخر من خلال الرحمة الّتي يظهرها لقريبه الإنسان، والتعزية الّتي يقدّمها له في الملمات، والتواضع في معاملته، والوداعة في تقبّله، وتخطّي الأنا من أجل تقديم العون له عند الحاجة".

وبيّن أنّ "أهل كوسبا و​الكورة​ يعرفون نقولا جيّدًا، ولا تخفى عنهم صفاته هذه. فهو سليل عائلة عريقة، عرفت بتكرسها للشأن العام، أي للخدمة والأمانة في التعامل والصدق في العلاقات، لا استغلال السلطة من أجل الشأن الخاص والمصلحة، كما يحصل في هذه الأيام"، مذكّرًا بأنّ "غصن انتُخب نائبًا عن الكورة في دورة 1996، من ثمّ أُعيد انتخابه في دورتي 2005 و2009، وكان طيلة مدة نيابته مواظبًا على العمل في ​اللجان النيابية​، وفي المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، الّذي انتخب عضوًا فيه".

وأكّد أنّ "الفقيد كان معروفًا بحرصه على احترام القوانين، وتشديده على سيادة الدولة على كامل أراضيها، والعيش المشترك مع سائر مكوّنات الوطن ورفضه المحاصصة الّتي يتعاطاها معظم من يعمل في السياسة، الّتي هي الداء العضال في وطننا وعلّة العلل الّتي أوصلتنا إلى هذه الحال الرديئة".

وكشف عودة أنّ "نقولا كان ينادي بالإصلاح على مستوى الذهنيات قبل النصوص، وما زلنا مثله، نسأل المسؤولين وجميع العاملين في الدولة، أن يولوا الإصلاح الأهمية القصوى. هذا الإصلاح، يكون أوّلًا باحترام ​الدستور​ والقوانين ومعاقبة كلّ مخلّ بالنظام أو متخطّ للقانون أو مستغلّ للمنصب، ليكون عبرة لمن اعتبر علّنا نجد آذانًا سامعة"، مشيرًا إلى أنّ "نقولا لم يستغلّ يومًا مركزه ومن أبرز صفاته نظافة الكف. النيابة بالنسبة إليه كانت واجبًا وطنيًّا وأمانة للناخبين، لا وسيلة لنفخ الجيب أو الوصول إلى الأهداف الخاصة. ويحكى أنه باع بعض أملاكه، ليلبي متطلّبات المعارك الإنتخابية الّتي خاضها".

ورأى أنّ "برحيله، تخسر الكورة و​لبنان​ إنسانًا كرّس نفسه للخدمة، ووجهًا محببًّا، وصديقًا صدوقًا وفيًّا لأهل الكورة ولأصدقائه الكثر الّذين يفتقدونه".