أوضح البطريرك الماروني الكاردينال ​مار بشارة بطرس الراعي​، خلال افتتاحه أعمال المؤتمر الأول "الإجتماعي الإقتصادي ل​بكركي​"، بدعوة من المؤسسة البطريركية العالمية للإنماء الشامل، في الصرح البطريركي في بكركي، "أنّنا هنا من أجل مزيد من التعارف المغني، وشدّ أواصر الترابط بين ​لبنان​ المقيم والكرسي البطريركي من جهة، وأبنائه المنتشرين عامة و​الموارنة​ خاصّة في مختلف بلدان الإنتشار من جهة أخرى".

ونوّه إلى أنّ "هذا الواقع شبيه بالأرزة المتأصّلة في الجبل اللبناني فيما أغصانها تنبسط أفقيًّا في كلّ اتّجاه. فلا الجزع يعيش من دون الأغصان، ولا الأغصان من دون الجزع. هذا المؤتمر الّذي نريده سنويًا يهدف إلى المحافظة على هذا الترابط العضوي الحيوي، وما يقتضي من مستلزمات متبادلة".

وركّز البطريرك الراعي على "أنّنا هنا لنفكّر بمستقبل شبابنا الّذين يتخرّجون بالمئات سنويًّا من الجامعات اللبنانيّة، ولا يجدون مكانًا لهم في وطنهم لتحفيز قدراتهم، وتحقيق أحلامهم، وتحمّل مسؤوليّاتهم في مجتمعنا ووطننا"، مشدّدًا على أنّ "الواقع الإقتصادي والإجتماعي والمعيشي يتدنّى يومًا بعد يوم بسبب الممارسة السياسيّة التعطيليّة لحياة الدولة. لقد أصبح ثلث شعبنا تحت مستوى ​الفقر​، وثلث شبابنا وقوانا الحيّة عاطلون عن العمل. الكنيسة لا تستطيع إلّا أن تضاعف جهودها، فالمجمع البطريركي الماروني المنعقد ما بين 2003 و2006 خصّص نصّين لكلّ من الشأن الإجتماعي والشأن الإقتصادي".

وبيّن أنّ "اجتماعيًا، تنطلق كنيستنا من ثلاث ثوابت: التضامن، العدالة الإجتماعية والترقّي، وتتبنّى ​سياسة​ اجتماعيّة هادفة إلى تأمين حقوق أبنائها الأساسيّة: الحق في بناء عائلة، الحق في السكن، الحق في العمل، الحق في الصحّة والطبابة، الحق في التعليم والثقافة"، مشيرًا إلى أنّ "الكنيسة تعمل من أجل تأمين هذه الحقوق في مختلف مؤسساتها، وفي تثمير أوقافها، من دون أن تغفل عن مطالبة الدولة المسؤولة الأولى عن توفير هذه الحقوق والقيام بواجباتها".

وأكّد أنّ "الكنيسة لن تتوانى عن بذل المزيد من الجهود والتضحيات بحكم رسالتها، ولكنّها في حاجة إلى مؤازرة الخيّرين و​القطاع الخاص​، مع أنّ لا الكنيسة ولا القطاع الخاص يحلاّن محلّ الدولة، بل يساعدانها. فبات من واجب الدولة أن تساعد ماليًّا المؤسّسات الإجتماعية".

ولفت الراعي إلى أنّ "اقتصاديًا، بعد تحليل الأوضاع الإقتصاديّة الحاليّة المتردّية، حدّدت كنيستنا مواقع الانحراف، فدعت للعودة إلى المعايير الأخلاقيّة في الحياة الإقتصاديّة والاجتماعيّة، ولضرورة تعديل النظام الضريبي. وتعمّقت في تحليل السّياسة النقديّة وقضيّة الدَّين العام. وأكّدت على النّظام التربوي وحق البقاء في الوطن، وعلى أهميّة التلاحم مع جاليات الانتشار"، موضحًا أنّ "الكنيسة طالبت بالسّير نحو مجتمع منتج قوامه سياسة دعم شاملة للنشاطات الانتاجيّة مع تأمين حمايتها، و​مكافحة الفساد​، وتحقيق الاصلاح في الهيكليّات والقطاعات".

وأفاد بأنّ "هذه هي الأطر الّتي تدعونا للتفكير معًا في كيفيّة المحافظة على وجودنا في لبنان من أجل المحافظة عليه بميّزاته وخصوصيّاته الّتي جعلت منه علامة رجاء في هذا المشرق، وبالتالي في كيفيّة تثمير إمكانيّاتنا في هذا السبيل".