ثمة قطبة مخفية محيطة بتشكيل ​الحكومة​ تدفع برئيس الحكومة المكلف ​سعد الحريري​ أن يبقى على موقفه الرافض لتمثيل سنة المعارضة في مقابل اصرار أمين عام «​حزب الله​» ​السيد حسن نصرالله​ على توزير حلفائه هؤلاء رغم اعتراض رئيس ​تيار المستقبل​ على هذه الخطوة لكونها قضما لتمثيله ​الطائفة السنية​ بما لا يمكن أن يتقبله. لا سيما في ظل ارتياح خليجي لرفض هذا التمثيل واعتبار رفض الحريري خطوة تدخل في سياق صلاحياته الطبيعية في ضمّ من يجده مناسبا الى حكومته.

اذ لازالت الأوساط السياسية تتدارس صحّة عقدة سنة «حزب الله» في الحكومة ومدى جديتها في ظل الوضع الذي تعيشه البلاد على أكثر من صعيد اقتصادي وكان آخرها اجتماع «دقّ النفير» الذي جمع في ​بيت الوسط​ الحريري الى كل من وزير المال ​علي حسن خليل​ وحاكم مصرف ​لبنان​ ​رياض سلامة​ لمناقشة تحديات مرتقبة باتت تهدد الدولة في حين أنّ التعاطي مع أزمة التشكيل يبدو خافيا لحسابات خاصة بكل من الحريري وحزب الله، ولها صلة باعتبارات خارجية.

وتتحدّث أوساط سياسية بأن الحريري حصل من كل من الرئيس الروسي ​فلاديمير بوتين​ والفرنسي ​ايمانويل ماكرون​ على وعد ابان لقاءات ​باريس​ بالتدخل مع ​ايران​ لاقناع «حزب الله» بالتخلي عن توزير أحد أعضاء اللقاء التشاوري، مما يسهّل ​تشكيل الحكومة​، لكن لم يظهر أي مسعى عملي في هذا الاطار تجاه ​طهران​ التي ترد باستمرار بأن ما له صلة بلبنان يعود القرار به الى السيد نصرالله.

فالدور الفرنسي انحصر فقط في التلويح للقوى اللبنانية بأنّ عدم تشكيل الحكومة من شأنه أن يسقط التزامات «مؤتمر سيدر» باتجاه لبنان، ما يجعله يخسر هذا الدعم الاقتصادي الانعاشي لواقعه، في وقت حمل الحراك الفرنسي تنبيهات لحزب الله من مغبة اقدام رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو على عمليات عسكرية في المنطقة ولبنان بنوع خاص، في ظلّ مصير حكومته العرجاء التي لا تزال قائمة ومستمرة بفضل وزير واحد يؤمّن لها قانونيتها العددية، لا بل يضع شروطا قاسية على نتنياهو للبقاء الى جانبه وهو أمر قد يدفع نتنياهو نحو المغامرة لتجاوز هذا الواقع، وبذلك تتابع الأوساط فان الفرنسيين يلمحون بأنّ هذا الواقع اللبناني لا يستطيع أن يواجه أي اعتداءات اسرائيلية، ومطلوب حكومة مستوفات الشروط، ومن الافضل ان يتراجع حزب الله عن دعمه هؤلاء، لان ما يستطيع ان يقدمه الحريري بعد اكتمال حكومته من حراك دولي هو الاساس قبل التنازع وتأجيل التشكيل نتيجة خلافات لها أبعاد وحسابات عميقة الى كل فريق لكن يمكن التساهل بها حاليا.في مقابل كلام روسي مفاده بان الجميع اصدقاىنا ولا نستطيع ان نمون على احد او «نزعل احد».

فما له صلة بالحريري حسب الاوساط، هو أنه لا يستطيع التنازل أمام «حزب الله» في ظلّ التهديدات الأميركية المحيطة بلبنان والمنطقة، ومن شأن تراجعه أمام نصرالله واظهار «صورة فاقعة» للحزب في الحكومة أن يستفز الرئيس الأميركي ​دونالد ترامب​، وفي الوقت عينه «ينقزّ» ​واشنطن​ منه بأنه لا يستطيع المواجهة أو الصمود، مما يجعلها تقلّص علاقتها به.

أمّا فيما خصّ حزب الله، فان حسابات التمسك بالحلفاء تحمل أبعد من حيازته على وزير سني في الحكومة يكون رأس حربة في الدفاع عن «المقاومة» أم تبيان الحزب بأنه ذو مدى وطني وممثل بكافة ​الطوائف​ في ظلّ ما تشهده ​العراق​ و​سوريا​ من تطبيع للعلاقة بين الواقع الشيعي وبين الحالة السنية الملتحقة بمحور الممانعة.

اذ تكمن حسابات حزب الله وفق الاوساط في مدى حصوله على مكاسب تشكل متنفسا له من العقوبات الاميركية التي تطاله وايران كذلك، بحيث لا يكون في حالة تطويق تصاعدية نتيجة العقوبات الصارمة التي وضعها ترامب ومرتقب لها أن تأخذ منحا أكثر قساوة أم تشهد مرونة نتيجة براغماتية طهران لدى اشتداد الضغوط عليها.

لذلك فانّ «حزب الله» قد يفتح الباب أمام حلّ للعقدة السنية اذا ما كانت مفاوضات عملية معه، تجعله في منأى عن استهداف الذي يتوسّع دوليا بحيث بات من جهة يحمل طابعا اقتصاديا ومن جهة موازية يتخذ منحى الملاحقات لمؤيدين له في عدة دول أوروبية والقارة الأميركية. فالحزب اراد هكذا قانون لتحقيق هكذا نتيجة وترجمتها وليس من السهل الخروج من التزاماته بعد «توعدات « نصرالله الا من خلال تسوية، لان انكسار الحريري دونه مضاعفات وخسارة الحزب مرفوضة من قبل قيادته التي تستند الى نتاىج حققتها في الميدان العسكري وتريد صرفها حكوميا....