في شهر أيلول الماضي، برزت على الساحة المحلية معلومات عن إقتراح لرفع سعر صفيحة ​البنزين​ 5000 ليرة ​لبنان​ية لتمويل ​القروض​ الإسكانيّة، الأمر الذي سارع المعنيون إلى نفيه، لكن تزامن إنتشار هذه المعلومات مع إرتفاع سعر صفيحة البنزين في الأسابيع التي تلت، دفع بالكثير من المواطنين إلى التشكيك بأن ما طرح سينفذ لكن على دفعات.

في الأسابيع الماضية، سجلت ​أسعار المحروقات​ في لبنان تراجعاً لافتاً، حيث وصل سعر صفيحة البنزين (98 أوكتان) إلى 24600 ليرة بعد أن وصل في شهر تشرين الأول إلى 29200، الأمر الذي يعود إلى تراجع أسعار ​النفط​ على الساحة العالمية.

في هذا السياق، يوضح الخبير النفطي ​ربيع ياغي​، في حديث لـ"النشرة"، أن أسعار النفط على المستوى العالمي تراجعت في الفترة الأخيرة بسبب وجود فائض في الإنتاج، نظراً إلى أن الدول الأعضاء في منظمة "أوبك" لا تلتزم بـ"الكوتا" الخاصة بها، الأمر الذي ينطبق أيضاً على الدول المنتجة من خارج المنظمة، مثل ​روسيا​ وغيرها من دول آسيا الوسطى، في حين أن إنتاج ​الولايات المتحدة​ (أكبر مستهلك ومستورد للنفط الخام) من النفط الصخري ارتفع، وبات من الممكن تصنيفها بأنها المنتج الأول للنفط الخام على مستوى العالم.

ويشير ياغي إلى أن هذه الأسباب مجتمعة أدّت إلى تراجع أسعار النفط، حيث وصل سعر برميل برنت إلى ما بين 61 و62 دولاراً بعد أن كان بين 84 و85 دولاراً، والأمر نفسه ينطبق على سعر برميل النفط الأميركي، لكنه يلفت إلى أن هناك إجتماعاً مهماً لـ"أوبك" اليوم، من المفترض أن تبحث فيه الدول الأعضاء عن معادلة جديدة تفرض نفسها على السوق، بهدف خلق نوع من التوازن بين العرض والطلب، إلا أنه يوضح أن هناك أسباباً أخرى جيوسياسية تفرض نفسها أيضاً، فالدول الأعضاء في المنظمة لا تستطيع أن ترفض المطالب الأميركية بإبقاء الأسعار على ما هي عليه اليوم، بينما الدول المنتجة لا مصلحة لها في ذلك بسبب تراجع عائداتها المالية.

من هذا المنطلق، يشدد ياغي على أن إرتفاع الأسعار لن يحصل إلا مع وجود قرار بخفض الإنتاج لإمتصاص الفائض الموجود في الأسواق العالميّة، ويعتبر أن لبنان بوصفه دولة مستوردة ومستهلكة تتأثر أسعار المشتقات النفطية فيه بأي إرتفاع أو إنخفاض، ويضيف: "لا مصلحة لنا بإرتفع الأسعار، بل ما يهمنا هو إنخفاضها لأن هذا الأمر ينعكس على جميع المواطنين".

في هذا الإطار، فانّ الإرتفاع الأخير لأسعار البنزين في لبنان سُجِّلَ يوم الأربعاء في 17 تشرين الثاني الفائت، حيث استقر حينها سعر صفيحة البنزين (95 أوكتان) بينما ارتفع سعر صفيحة البنزين (98 أوكتان) 100 ليرة، لتبدأ بعد ذلك موجة من الإنخفاضات، بلغت، حتى يوم أمس، بالنسبة إلى صفيحة (95 أوكتان) 4500 ليرة وإلى صفيحة (98 أوكتان) 4700 ليرة.

ويكشف مستشار نقابة أصحاب المحطات ​فادي أبو شقرا​، في حديث لـ"النشرة"، أن الاسبوع المقبل سيشهد إنخفاضاً إضافياً في أسعار البنزين في لبنان، ويشير إلى صعوبة توقع المسار الذي ستسلكه الأسعار أكثر من ذلك، لكنه يستبعد إنخفاض أسعار برميل النفط على المستوى العالمي ما دون 60 دولاراً في ظل الأوضاع الراهنة، نظراً إلى أن دول "أوبك" لا يمكن أن تقبل بهذا الأمر، بحسب دراسة أجريت في العام الماضي.

ويشير أبو شقرا إلى أن ​سياسة​ الرئيس الأميركي ​دونالد ترامب​ هي الأساس في تراجع أسعار النفط على المستوى العالمي، ويذكّر بأنه سبق له أن طالب الدول الخليجيّة بخفض الأسعار، وشكر ​المملكة العربية السعودية​ على موقفها في هذا المجال.

في المحصلة، مسار أسعار النفط على المستوى العالمي، الذي يستفيد لبنان من تراجعه، يتوقّف على إجتماع "أوبك" اليوم في ​فيينا​، الذي من المتوقع أن تليه مشاورات، بعد غد، بين المنظمة وروسيا، حيث تسعى "أوبك" مع حلفائها إلى التوصل لاتفاق على خفض الإنتاج بما لا يقل عن 1.3 مليون برميل يومياً.