من الآفات الكارثية والاشد فتكاً بأطفال ​لبنان​ وقاصريه وشبابه وطلابه في ​المدارس​ و​الجامعات​ هي المخدرات وتعاطيها بكل انواعها ولعل العام 2018 هو الاسوأ في كل الابعاد وفق ما تؤكد اوساط حقوقية وعاملة في ​المجتمع المدني​ اذ تؤكد ان عام 2018 هو العام الاكثر صعوبة مالياً واقتصادياً حيث الضائقة الاقتصادية والمالية في اوجها و​البطالة​ تفشت الى درجات عالية تبلغ الـ60 والـ70 في المئة فحيث تنتشر البطالة والضائقة المالية ينتشر ​الفقر​ ومعهما تنتشر المخدرات بانواعها. وتؤكد هذه الاوساط ان احصاءات العام 2018 الدقيقة مصدرها ​وزارة الصحة​ والمكتب المركزي لمكافحة المخدرات في ​قوى الامن الداخلي​ وباقي الاجهزة بالاضافة الى سجلات ​المستشفيات​ ومراكز معالجة المدمنين بالاضافة الى الجمعيات العاملة في مجال مكافحة المخدرات وهذه الارقام تصدر عادة في مطلع كل عام جديد ويتوقع ان تصدر الارقام شبه الدقيقة في كانون الثاني 2018 لكنها تكون تقريبية لاسباب متعددة تصعب الاحصاء بشكل صحيح مئة في المئة.

وفي إطلالة احصائية بناء على أرقام ​مكتب مكافحة المخدرات​ في قوى الأمن الداخلي، سجل ارتفاع معدل تفشي المخدرات والحبوب المهدئة في لبنان بين عامي 2012 و2016، إذ بلغ عدد الموقوفين بجرائم المخدرات 4709 موقوفين عام 2016، بعد أن كان عددهم لا يتجاوز 2865 موقوفاً عام 2012. أما نسبة المتعاطين الموقوفين، فبلغت 77 % العام الماضي. وتشير الأرقام إلى أن الفئة العمرية من 18 إلى 25 سنة تشكل نحو نصف المتعاطين، معظمهم من طلاب الجامعات، علما بأن مراكز العلاج المتوفرة في لبنان لا تستقبل أكثر من 10 % من الراغبين بالعلاج فيما يقدر عدد الموقوفين سنوياً بنحو 3 آلاف. وتفيد المعلومات، ان نسبة تعاطي حشيش الكيف تبلغ 39 % بين متعاطي المخدرات، والسبب رخص ثمنها وسهولة تداولها بين المتعاطين. كما تشير إلى أن مادة ​الكوكايين​ تليها بنسبة 13%، فيما يبلغ تعاطي المواد المخدرة الأخرى 18%، وهناك مادتين مخدرتين تنتشران بنسبة أكبر من الكوكايين، وبشكل خطير، هما: السيلفيا والفراولة. وتعتبر مادة الكوكايين هي الأغلى ثمناً بين أنواع المخدرات في لبنان بحيث يتراوح سعر الكيلوغرام منها بين 35 و60 ألف دولار أميركي، ويُباع الغرام الواحد في السوق بين 40 و80 دولاراً، وتعتبر مادة الهيروين هي الأرخص بحيث لا يتجاوز سعر الكيلو منها في حده الأقصى 15 ألف دولار، والغرام ما بين عشرة و20 دولاراً.

امنياً يؤكد مصدر امني لـ"​الديار​" القاء قوى الامن الداخلي القبض على مئات الشبكات و"الرؤوس الكبيرة" من المروجين والتجار والمصنعين ل​حبوب الكبتاغون​ بالتعاون مع اجهزة امنية عربية ودولية وان الحرب على المخدرات مستمرة بلا هوادة وغير مرتبطة بأي ظرف سياسي او دولي ويمكن القول ان عام 2018 كان عام الانجازات الكبرى في ملف المخدرات القوى الامنية تقوم بواجباتها وتطبق القوانين الموجودة والمرعية الاجراء وعندما تتعدل القوانين وتتغير وتصبح نافذة لكل حادث حديث.

في المقابل ومع الحديث عن توجه لاقرار قانون تشريع ​زراعة الحشيشة​ والقنب الهندي في ​مجلس النواب​ بعد الانتهاء من دراسة الاقتراح في ​اللجان النيابية المشتركة​، تطرح الجمعيات العاملة على خط مكافحة المخدرات الصوت عالياً لتقول ان تشريع الحشيشة لاسباب طبية واقتصادية يطرع علامات استفهام كبيرة منها: لماذا هذا التوقيت وهل الدولة قادرة على ضبط الامر وان تتسلمه من الفه الى يائه وهل يعني ذلك انتهاء الزراعة غير المشروعة وما هي الكميات التي ستزرع وكيف ستكون الية الزرع وتسلم الكمية من الدولة؟

ويقول رئيس جمعية "لا للمخدّرات" غارو مارغوسيان لـ"الديار" ان هناك اصوات معترضة على اقتراح تشريع الحشيشة لانه يغفل جانب مهم وهو مصير المخدرات الباقية وهي انواع كثيرة ولا يتابعها القانون المذكور فإذا قوننت الحشيشة هل ينتهي ملف المخدرات؟ ويؤكد مارغوسيان ان هناك عريضة نيابية تحضر من اكثر من 10 نواب من مختلف الاحزاب والتوجهات الحزبية وبمباركة من جمعيات في المجتمع المدني للضغط لمنع تشريع الحشيشة ولان الموضوع في حاجة الى اطار قانوني ومؤسساتي متكامل.

ويؤكد مارغوسيان ان اسباب تفشي المخدرات كثيرة منها الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية الى توفر انواع كثيرة وجديدة من المخدرات وسهولة الحصول عليها رغم تدني القدرة المالية للمتعاطي فهناك اصناف رديئة باسعار رخيصة تسبب الموت والامراض والاصابات للمتعاطي فبدل ان يشتري كمية كبيرة لعدم توفر المال يشتري نوع رديء بالحبة والحبتين ببضعة الاف من الليرات اللبنانية. ويشير الى ان المشكلة الاساسية في عدم وجود مراكز معالجة للمدمنين ولا مكان في المستشفيات لعلاج "الاوفر دوز" فيموت كثير من المدمنين وتسوء حالتهم الصحية. كما يشير مارغوسيان الى ان الجهود الامنية غير كافية لضبط ملف المخدرات وهناك تغطيات سياسية وحزبية ودينية على كثير من التجار الكبار وهناك تدخلات كثيرة لاطلاق كبار المجرمين والتجار والمروجين.

كما يؤكد ان التعاطي القانوني مع المدمن غير ايجابي فعندما يلقى القبض على متعاط يصبح ملفه بثلاث جنايات تعاطي وترويج واتجار وهنا لا سبيل الى اصلاح المدمن او استدراك وضعه فالتشريعات في حاجة الى تطوير مع توفير اسباب الرعاية والعلاج.