نوّه ​العلامة السيد علي فضل الله​، إلى أنّ "عجلة المشاورات الّتي أطلقها ​رئيس الجمهورية​ لحلّ العقدة الأخيرة من عقد تأليف ​الحكومة​، تحرّكت لإخراج البلد من حال المراوحة في الملف الحكومي، بعدما لم يبدِ أيّ من الفرقاء المعنيّين بحلّ هذه العقدة استعدادًا للتنازل المطلوب، وبعدما وصل البلد إلى حال من الانحدار والتردّي على كلّ الصعد، ممّا ينذر بكارثة، ولا سيما على الصعيد الاقتصادي والمعيشي، وهو ما حذَّرت منه مراجع دوليّة وسياسيّة واقتصاديّة وكان آخرها تحذير رئيس الجمهورية".

وركّز خلال إلقائه خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين في ​حارة حريك​، على أنّ "هذه التحذيرات جادّة وموضوعيّة، وليست كما يصوّرها البعض بأنّها ذات غايات سياسية بهدف الضغط على الأفرقاء السياسيين لإنجاز الملف الحكومي"، مبيّنًا أنّ "الوقائع على الأرض، من إقفال شركات ومؤسّسات وبطالة وهجرة، وما يطاول الهواء والماء والغذاء من تلوّث، تشهد على ذلك".

وأكّد فضل الله أنّ "من المؤسف أن لا نجد حتّى الآن حرارةً مطلوبةً وإحساسًا بالخطر الداهم في التعامل مع كلّ هذه المحاذير رغم جديّتها، فلا تزال المواقف والتصريحات على حالها ولم تتبدّل، ما يجعل ال​لبنان​يين يتساءلون: على ماذا تراهن القوى السياسية وهي ترى البلد بهذه الصورة؟ وهل يوازي حجم ما تصبو إليه المحاذير التي قد تنتج من الكارثة إن حصلت؟".

وأوضح أنّ "طبعاً، هذا لا يعني أنّنا ندير ظهورنا لمطالب هذا الفريق أو ذاك، الّتي قد تكون محقّة ومبرّرة، أو الهواجس الّتي قد يشعر بها هذا أو ذاك، ولكن لا يمكن في كلّ ذلك، أن لا نأخذ في الحسبان الواقع المزري الّذي قد يصل إليه البلد، والّذي إن حصل فيصيب الجميع ويهدّد الوطن"، مشيرًا إلى "أنّنا كنّا نراهن سابقاً على تدخّل دوليّ وإقليميّ ومسكّنات لأيّ انحدار اقتصادي، ولكن هذا لم يعد متاحًا في ظلّ انشغال العالم بمشاكله".

وشدّد على أنّ "يخشى أن يكون في هذا العالم من يريد للبنان أن يصل إلى حافة الإنهيار، حتى يأتي ليقول: إنّنا نعطيكم، ولكن لا بدّ من أن تعطوا من حريتكم ومن أمنكم ومن استقرار بلدكم وقوّته"، منوّهًا إلى "أنّنا أمام ما يجري، نعيد دعوة القوى السياسية إلى اجتراح الحلول وإيجاد التسوية على قاعدة لا غالب ولا مغلوب".

ولفت فضل الله إلى أنّ "في موازاة ذلك، يستمرّ العدو الصهيوني بأعمال الحفر الّتي بدأها على ​السياج الحدودي​ بين لبنان و​فلسطين المحتلة​، بحجّة وجود أنفاق، مع ما يواكب ذلك من تهديدات للبنان واللبنانيين، وآخرها تهديد رئيس وزرائه الّذي يسعى من خلال ذلك إلى الضغط على لبنان من جهة، وعلى ​الأمم المتحدة​ من جهة أخرى، لتغيير قواعد التفويض المعطى للقوات الدولية، والدخول على خط ​القرار 1701​ لعلّه يحقّق من خلال التّهديد والوعيد ما لم يستطع تحقيقه بالحرب المباشرة".

وركّز على أنّ "هذا لن يحصل، فهذا العدو أضعف من أن يفرض شروطه، رغم كلّ القدرات الّتي يملكها، والتغطية الّتي تأمّنت له، نظرًا إلى الإرباك الّذي يعانيه والّذي تشهد به غزة و​الضفة الغربية​، وإلى جهوزية ​الجيش اللبناني​ و​المقاومة​، ووعي ​الشعب اللبناني​ الّذي لم تعد تخيفه التهويلات".

وبيّن أنّ "في فلسطين المحتلة والضفّة الغربية، تتوالى العمليات البطولية، وليس آخرها العملية الّتي جرت شرق مدينة ​رام الله​، والّتي جاءت ردًّا طبيعيًّا على ال​سياسة​ الّتي يتّبعها لإذلال هذا الشّعب وقهره، وهي تؤكّد وحدة العمل المقاوم في الضفة الغربية وغزة"، داعيًا كلّ العرب والمسلمين إلى "تحمّل مسؤولياتهم للتضامن مع هذا الشعب ورفده بكل عناصر القوة والصمود".

وأعرب فضل الله عن أمله في أن "تساهم القرارات الناتجة من المفاوضات التي جرت أخيراً في ​السويد​ بين الأطراف اليمنيين، إلى فتح باب الحل لإنهاء هذه الحرب الكارثية بكل أبعادها".

كما أكّد من جهة ثانية، "أنّنا أحوج ما نكون إلى أن نعزّز قيمة هذه الصَّلاة في نفوسنا، فهي حصن نتحصّن به من سطوات الشيطان في داخلنا؛ الشَّيطان الذي يعيش في عقولنا وقلوبنا وجوارحنا، وهي عوننا في ​الحياة​".