يقفل عام 2018 فلسطينيا، على معادلة جديدة-قديمة في مخيمات لبنان، تتمثل بإستمرار التحدي في حفظ أمنها واستقرارها والحفاظ على العلاقة الأخوية مع الجوار، والعمل الجدي على عدم انهيار "أطر العمل المشتركة" بين القوى والفصائل الفلسطينيّة نتيجة الخلافات الداخلية بين حركتي "حماس" و"فتح" او الاشتباكات المسلّحة في لبنان، والتي بلغت ذروتها منتصف العام الجاري بتجميد العمل بها على خلفية تعرض رئيس ​الحكومة الفلسطينية​ رامي حمدالله ومدير المخابرات العامة اللواء ماجد فرج الى محاولة إغتيال في غزة، أعقبها انعقاد "المجلس الوطني الفلسطيني" في رام الله وسط مقاطعة "حماس" و"​الجهاد الاسلامي​" و"الجبهة الشعبيّة" وقوى فلسطينية أخرى، ما دفع رئيس مجلس النواب ​نبيه بري​ الى القيام بوساطة عاجلة لاعادة الحياة اليها فجرى التوقيع على وثيقة "العمل الفلسطيني المشترك" في لبنان، لكن حتى الآن دون جدوى، إذ لم تعقد "الاطر المشتركة" سوى اجتماعا واحدا خصص فقط للبحث في جريمة اغتيال الفلسطيني هيثم السعدي في ​مخيم عين الحلوة​، بعدما رفض ذووه وأبناء بلدته "طيطبا" دفنه قبل تسليم القاتل الى السلطات اللبنانية.

وشهد عام 2018 احداثا امنية كثيرة أقلقت المخيمات من جنوبها الى شمالها، أبرزها في مخيم الميّة وميّة، حيث دارت اشتباكات عنيفة بين حركة "فتح" وحركة "انصار الله"، أدّت في جولاتها الى سقوط اربعة قتلى وأكثر من ثلاثين جريحا، وغياب جمال سليمان عن المخيم بعد هروبه مع عائلته والمقربين منه الى سوريا، ليتسلم نائبه الحاج ماهر عويد مهامه، بعد توقيف فرع المعلومات في وقت سابق من الاشتباكات نائب الامين العام محمود حمد بتهم أمنيّة عديدة.

وقد بدأ العام عاصفا بالاحتحاجات الفلسطينيّة على القرارات الاميركية المتلاحقة ضد القضية الفلسطينية، فبعد قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب الاعتراف ب​القدس​ عاصمة لـ"اسرائيل" ونقل ​السفارة الاميركية​ اليها، اتخذ قرارا بتخفيض الدعم المالي لوكالة "الاونروا"، ثم وقفها نهائيا، وهو المقدر بنحو 336 مليون دولار سنويا، ما أدى الى عجز مالي كبير في موازنتها، ثم وقف المساعدات الماليّة للسلطة الفلسطينيّة، واقفال مكتب "​منظمة التحرير الفلسطينية​" في واشنطن، واعداد خطة لتوطين اللاجئين في الدول المضيفة عبر اسقاط صفة اللجوء بالوراثة، بحيث يبقى نحو 50 الف فلسطيني وهؤلاء الذين ولدوا في فلسطين ونزحوا عنها وما زالوا على قيد الحياة، بدلا من 6 مليون لاجىء في الشتات.

وقابل هذه القرارت الاميركية، اطلاق المفوض العام لوكالة "الاونروا" بيار كرينبول، حملة لدعم "الاونروا" تحت شعار "الكرامة لا تقدر بثمن"، وقد نجح في تقليص العجز المالي الى حدّه الادنى مع نهاية العام، بعد سلسلة من المؤتمرات والاجتماعات.

أمنيا، شهدت صيدا قطوعا أمنيا عبر محاولة اغتيال القيادي "الحمساوي" محمد حمدان (14 كانون الثاني الفائت) عبر تفجير سياراته في صيدا، بواسطة "الموساد الاسرائيلي وعملائه، ونجحت الاجهزة الامنية في كشف ملابساتها سريعا وتوقيف احد المتورطين، بينما شهد مخيم عين الحلوة اشتباكا مسلحا بين اسلاميين وعناصر من حركة "فتح" (17 شباط)، أدى الى مقتل الشاب عبدالرحمن بسام المقدح، اغتيال نائب قائد الامن الوطني الفلسطيني في ​مخيم المية ومية​ محمد ابو معاصيب (17 اذار)، وسقوط قتيلين في عين الحلوة (5 نيسان) هما عامر شريدي وشادي حمد، اضافة الى ثلاثة جرحى اثر اشتباك بين اسلاميين في منطقة الصفصاف، تركيب الجيش اللبناني بوابات الكترونية (7 حزيران) عند مداخل مخيم عين الحلوة، ومن ثم ازالتها (24 حزيران)، واستبدالها باجراءات اضافية لمنع دخول او فرار مطلوبين اليه، مقتل السوري علاء أحمد (26 حزيران) في منطقة السكة"، قيام حركة "انصار الله" باعتقال بلال زيدان (18 تموز) في الميّة وميّة بتهمة التحضير لاغتيال سليمان، وقد توفي بعد يومين، ثم حصل اشتباك بين عناصر من حركتي "فتح" و"انصار الله" (11 آب) دون سقوط ضحايا وقد جرى تسليم مسببي الاشتباك، اغتيال هيثم السعدي في الشارع الفوقاني لمخيم عين الحلوة (15 ايلول) وقد رفض اهالي بلدة طيطبا دفنه قبل تسليم القاتل الى السلطات اللبنانية، ما أدى الى اقفال مدارس "الاونروا"، وبعد وساطات وتعهد القوى الفلسطينية الوطنية والاسلامية جرى دفنه بعد اسبوعين (30 ايلول) في مقبرة عين الحلوة.

وفي عملية نوعية، جرى اعتقال بهاء الدين حجير (18 أيلول) من داخل "حي الطيرة" في عين الحلوة، وهوأحد أبرز المتهمين بتنفيذ تفجير السفارة الإيرانية في بيروت الذي حصل في تشرين الثاني عام 2013؛ وأدّت تحقيقات الأجهزة القضائية اللبنانية إلى الاشتباه في أنه كان الوسيط بين أحد انتحاريي التفجير وبين قيادة كتائب عبد الله عزّام التي تبنّته، اعتقال فرع المعلومات في قوى الامن الداخلي (26 ايلول) نائب أمين عام حركة "انصار الله" محمود حمد في صيدا بتهم أمنية، بعد توقيف القوى الامنية لأحد المتّهمين باغتيال الدبلوماسي الفلسطيني اسماعيل شروف.

وفي عملية نوعيّة داخل مخيم عين الحلوة، اعتقلت قوة خاصة من مخابرات الجيش اللبناني (10 تشرين الاول) حسن نوفل الملقب "حسن الحكيم" وهو أحد اكبر المزورين في لبنان وهو الذي قام بتزوير جواز سفر الارهابي احمد الاسير باسم "خالد عباسي" والذي اوقفه الامن العام في مطار بيروت الدولي، وفي (15 تشرين الاول) حصل اول اشتباك في المية ومية، ثم تجدد (18 تشرين الاول)، فسقط قتيلان هما "احمد منصور ومحمد عيسى"، ثم دخل الجيش الى المية ومية في رسالة طمأنة، وتسلم حاجز الامن الوطني (23 تشرين الاول)، لتجدد الاشتباكات (25 تشرين الاول) ويسقط فيها قتيلان "ماجد حسنين وقاسم الحسن"، وانتهت الاتصالات والاجتماعات المكوكية التي توزعت بين صيدا وبيروت والمية ومية وعين الحلوة لانهاء التوتير، بهروب سليمان ونحو عشرين من أفراد عائلته ومرافقيه المقربين منه (7 تشرين الثاني) الى سوريا لتطوى صفحة وتبدأ حركة "فتح" بازالة الدشم وتعود الحياة الى طبيعتها.

وفي خطوتين لافتتين، جرى انتخاب زياد نخالة (28 أيلول) أمينا عاما لحركة الجهاد الاسلامي في فلسطين خلفا للامين العام الدكتور رمضان شلح الذي ما زال يرقد في المستشفى بغيبوبة، ومشاركة الناطق الرسمي باسم "عصبة الانصار الاسلامية" الشيخ أبو شريف عقل (24 تشرين الثاني) بمؤتمر طهران الذي عقد تحت عنوان "فلسطين محور الامة".

سياسيا، إتخذت حركة "فتح" (30 حزيران) قرارا بوقف العمل بالاطر المشتركة عقب إجتماع طارىء عقد في السفارة الفلسطينية في بيروت، على خلفية الخلافات مع حركة "حماس" في الداخل، وتنظيم وقفة احتجاجية امام السفارة الفلسطينيّة في بيروت لرفع العقوبات عن غزّة رغم حرص "حماس" على عدم المشاركة فيها، قابلها وقفة تضامنيّة مع الشرعيّة الفلسطينيّة، وقد دخلت قوى فلسطينيّة ولبنانيّة على خط الوساطة لرأب الصدع، ونحجت مساعي رئيس المجلس النيابي نبيه بري في جمع قيادة الطرفين "فتح" و"حماس" في مقر حركة "امل" في بيروت (2 آب)، حيث جرى الاتفاق على عقد اجتماع مشترك، وقام مسؤول الملف الفلسطيني في الحركة محمد الجباوي وعضو المكتب السياسي بسام كجك بزيارات مكوكية لترتيب تفاصيل الاجتماع الذي توّج بعقد لقاء موسع استضافه بري في عين التينة (3 ايلول) للتوقيع على وثيقة العمل المشترك في لبنان.

وخلال العام، استمرت الهجرة من المخيمات الى الدول الغربيّة بحثا عن حياة كريمة وهربا من الفقر والبطالة وضنك العيش.

بدأ اعمار "حي الطيرة" في عين الحلوة، وقد حرص السفير الفلسطيني في لبنان اشرف دبور على زيارته في اول ايام عيد الاضحى المبارك (21 آب) وتفقد اعمال البناء واستمع الى اراء سكانه، بينما زار نائب رئيس حركة "فتح" محمود العالول مخيم عين الحلوة وعقد لقاء مع الكوادر الفتحاويّة بعد جولة سياسيّة على القوى الصيداوية، بينما تواصلت عمليات سقوط اجزاء من سقوف منازل لاجئين في المخيمات، وتسليم مطلوبين لانفسهم.