يتوجّس ال​فلسطين​يّون في ​لبنان​ من تداعيات الخلافات الفلسطينيّة الداخليّة التي استفحلت مؤخرا الى حدّ التراشق الاعلامي واتخاذ قرارت بقطع العلاقات تزامنا مع "تأجيل" او "الغاء" اجتماع "القيادة السياسية الموحدة" في لبنان )الهيئة القياديّة الفلسطينيّة العليا) الذي كان مقررا عقده يوم الثلاثاء المنصرم، في مقر سفارة دولة فلسطين في بيروت، ومحاولة كل طرف تحميل الطرف الآخر مسؤولية "الفشل".

واعتبرت اوساط فلسطينية عبر "النشرة"، ان الظروف السياسيّة التي سبقت موعد عقد الاجتماع لم تكن مؤاتية نتيجة سلسلة من التطورات السلبيّة التي حصلت قبله بأيام منه: بدءا من اجتماع 12 فصيلا فلسطينيا في "موسكو" بينهم حركتي "فتح" و"حماس" برعاية روسيّة، وإنتهى دون إتفاق على بيان موحد وبقي الانقسام قائما حتى اشعار آخر، وصولا الى استفحال الخلافات "الفتحاوية–الحمساوية" ووصولها الى طريق مسدود، ناهيك عن الخلاف المستجد بين حركتي "فتح" و"​الجهاد الاسلامي​" من جهة، وبين حركة "فتح" و"الجبهة الديمقراطية" من جهة أخرى، فضلا عن شائعات مغرضة وضخ معلومات مغلوطة ومشبوهة عن تطورات مرتقبة، وكلها عوامل لم توفر الاجواء المناسبة لعقده كخطوة اولى، ونجاحه كخطوة ثانية.

وتؤكد المصادر، ان تداعيات تأجيل الاجتماع حتى إشعار آخر بما يشبه "الالغاء" المفتوح، لا يقتصر على عدم التقاء "القيادة السياسية الموحدة" بحد ذاتها، بل يتعداه الى مخاوف جدية من سقوط معادلة استثناء الساحة الفلسطينيّة في لبنان التي أجمعت القوى الوطنيّة والاسلاميّة على أهميّتها والحفاظ عليها منذ سنوات رغم كل الخلافات السابقة، وانتقال القرار الى القيادة المركزيّة ربطا بما يجري في الداخل الفلسطيني ايجابا او سلبا.

على ان الأهم من ذلك، انه جاء على أبواب الاستعداد اللبناني لبدء حوار لبناني–فلسطيني رسمي، حيث ابلغت لجنة الحوار اللبناني-الفلسطيني، القوى الفلسطينيّة انها بصدد الدعوة الى اجتماع في وقت ليس ببعيد ليقارب الواقع الفلسطيني من مختلف جوانبه الانسانية والمدنية والاجتماعية وليس الامنية فقط، وفق "الرؤية اللبنانية" التي اتفقت عليها "مجموعة العمل اللبنانية حول قضايا اللجوء الفلسطيني في لبنان" والتي مثّلت مختلف القوى اللبنانيّة، الى جانب فريق من الخبراء، والتي عقدت اجتماعات حوارية متواصلة على مدى عامين وتم التوصل بنتيجتها الى التوافق على وثيقة "تعبر عن مقاربة مشتركة لكيفية التعامل مع قضايا اللجوء الفلسطيني؛ وتمهد لمرحلة مختلفة عن المراحل السابقة التي عبرتها العلاقات الثنائية اللبنانية الفلسطينية بكل ما شهدته من أحداث".

حراك سياسي

مقابل هذه المخاوف، رصدت أوساط فلسطينية سلسلة من الحراك السياسي أكدت الاتفاق على ضرورة الحفاظ على العمل الفلسطيني المشترك وتفعيله لما فيه مصلحة ​القضية الفلسطينية​، اولها، زيارة وفد من "​القوى الاسلامية​" في ​مخيم عين الحلوة​ ضم امير "​الحركة الاسلامية المجاهدة​" الشيخ جمال خطاب والقياديين في "​عصبة الانصار الاسلامية​" الشيخ ابو طارق السعدي والشيخ ابو شريف عقل، مسؤول الملفّ الفلسطيني في ​حزب الله​ النائب السابق حسن حب الله ونائبه عطا الله حمود مسؤول الملف الفلسطيني في حركة "أمل" الحاج محمد الجباوي، ثانيها، زيارة وفد من حركة "حماس" برئاسة ممثل الحركة في لبنان الدكتور أحمد عبد الهادي، الى رئيس الإتحاد العالمي لعلماء المقاومة الشيخ ماهر حمود، ثالثها، جولة وفد مَن حركة "​انصار الله​" برئاسة نائب الامين العام للحركة الحاج ماهر عويد على عدد من القوى الفلسطينية اللبنانية والفلسطينية.

توازيا، لفت الانتباه اللقاء المصغر الذي عقد بين أمين سر فصائل "منظمة التحرير الفلسطينية" وحركة "فتح" في لبنان فتحي أبو العردات، وعضو المكتب السياسي لـ"جبهة التحرير الفلسطينية" صلاح اليوسف، وعضو المكتب السياسي لـ"حزب الشعب الفلسطيني" غسان أيوب، حيث اكّد ابو العردات، حرص حركة "فتح" و"المنظمة" على الحفاظ على العمل المشترك في لبنان وتفعيله لما فيه مصلحة ابناء الشعب الفلسطيني والمخيمات، مشددا على ضرورة ان يلتزم البعض اقران الاقوال بالافعال واحترام الاتفاقيات التي جرى التوقيع عليها ووقف المناكفات ترجمة للحرص على الوحدة الفلسطينية لا رفع الشعارات واعلان المواقف فقط.

ورأت مصادر فلسطينية عبر "النشرة"، ان هذا الاجتماع جاء بمثابة ردّ غير مباشر على البيان الذي اصدره "تحالف القوى الفلسطينية" في لبنان، والذي أكّد فيه حرصه على وحدة الموقف الفلسطيني، وتمسّكه بالعمل الفلسطيني المشترك، داعيا الى الإسراع في الدعوة إلى تحديد موعدٍ قريبٍ جداً لاجتماع هيئة العمل الفلسطيني المشترك، لتتمكّن من المبادرة فوراً إلى تحمّل مسؤوليّاتها تجاه قضايا الفلسطينيين في لبنان، ووضعها بين يدي الحوار اللبناني-الفلسطيني الذي ستدعو إليه لجنة الحوار اللبناني-الفلسطيني قريباً.

استياء شعبي

ولاقى تأجيل الاجتماع واستفحال الخلافات على بعض المحاور، استياء بين ابناء المخيمات، الذين كانوا ينتظرون اعلان موقف موحّد لطي صفحة الخلافات والبدء بصفحة جديدة تقوم على خطة لمواجهة التحدّيات التي تواجه القضيّة الفلسطينيّة وخاصة منها ما يتعلق بـ"صفقة القرن" ومحاولة شطب حق العودة والابقاء على وكالة الاونروا" وقطع الطريق على افراغ المخيمات من العائلات والشباب، وتحاكي نيل الحكومة اللبنانية الثقة للمباشرة بفتح حوار رسمي فلسطيني-لبناني تمهيدا لاقرار الحقوق المدنية والاجتماعية والانسانية وتخفيف المعاناة، خاصة وان "المعلومات" أكدت ان كل طرف يسعى الى تفعيل اطاره الجامع اي الاطر "المنظمة"، "تحالف القوى الفلسطينية" و"القوى الاسلامية"، بدلا من التلاقي في اطار العمل المشترك، ما يعني عمليا مخاوف جدية من تجميد العمل بكل الاطر المشتركة في المناطق وفتح باب المخيمات على أي فتنة أو توتير أمني جديد.