بعد ساعات قليلة على كلام رئيس الجمهورية العماد ​ميشال عون​ امام نقابة المحررين حول وجوب اعطاء الحكومة فرصة ايّام على الاقل قبل الحكم عليها، انعقدت جلسة ​مجلس الوزراء​ لتكشف المستور، وتضع نصب أعين الجميع ضرورة التدخل ومعالجة الاوضاع قبل تفاقم الامور ووصولها الى مرحلة التكرار و... الفشل على غرار سابقاتها.

وفيما تمّ تسجيل نقطة في خانة الاهداف الموضوعة لهذه الحكومة، وهي عدم الحديث عن الشؤون السياسيّة للتفرغ الى الامور الاقتصاديّة والاصلاحيّة والمعيشيّة، سجّلت على هامش الجلسة نقاط كثيرة لم تكن ضمن الاهداف الموضوعة. وفي حين لم يتمّ الحديث في السياسة داخل الجلسة لانّ الرئيس عون لم يعطِ الكلام للوزراء ورفَع الجلسة قبل التطرّق الى مثلِ هذه المواضيع، كانت النار تغلي تحت الرماد السياسي وفق ما تم تسريبه، حيث جرى الحديث عن العلاقة مع ​سوريا​ وعن موقف رئيس الجمهورية منها ومن حزب "القوات اللبنانية"، وموضوع زيارة وزير الدولة لشؤون النازحين ​صالح الغريب​ الى دمشق... لكن الاهم، وفق ما يتم تداوله، كان "استياء" رئيس الحكومة ​سعد الحريري​ من موضوع سياسي قضائي وهو ابطال نيابة النائبة ​ديما جمالي​ في طرابلس. وكانت لافتة جداً طريقة إذاعة وزير الاعلام ​جمال الجراح​ مقرّرات مجلس الوزراء، اذ عرض النقاط بشكل مقتضب جداً وتطرّق بشكل سريع الى ما قاله الرئيس عون خلال الجلسة، ولم يطل الكلام عنها او في حواره مع الصحافيين بعد انتهائها. وكانت درجت العادة ان يتلو وزير الاعلام (او من يحلّ محله بالوكالة) المقرّرات والتي يدخل في سياقها كلام تفصيلي لرئيس الجمهوريّة، وآخر لرئيس الحكومة، وعرض أبرز ما تمّ اقراره قبل اجراء حوار طويل نسبياً مع الصحافيين. ولكن الاختصار بهذا الشكل، وعدم الاشارة الى رئيس الحكومة بعد الاجتماع أعطى انطباعاً وكأنّ الحريري لم يتحدّث خلال الجلسة، او تحدّث بالفعل انما بشكل سريع ودون الدخول في أيّ موضوع (أيّ بمعنى آخر وكأنّه لم يتحدث). وهذا مردّه (وفق ما تفيد مصادر متابعة) الى أنّ الحريري مستاء وقد يكون ألقى باللوم على الرئيس عون لما حصل على المستوى القضائي في الموضوع النيابي، او على وزير الخارجيّة ​جبران باسيل​ والتيّار الوطني الحرّ، أو انه امتعض من معرفته أنّه لن يكون بمقدوره الحديث داخل الجلسة عن هذا الامر او عن أيّ أمر سياسي آخر.

واذا صحّت هذه المعلومات، فإن العلاقة بين عون والحريري تكون قد اهتزّت دون أن تقع حتماً، ويكون المسار المرسوم قبل تشكيل الحكومة لجهة تكاتفهما مع رئيس مجلس النواب ​نبيه بري​ للوقوف ضد من يتلكأ او يتأخر في العمل، قد اصبح في خطر. اضافة الى ذلك، بدا واضحاً ان وزراء "القوّات اللبنانيّة" لم يرغبوا ان يكونوا ضيوفاً صامتين على الحكومة الجديدة، بل اظهروا بوضوح نيّتهم ان يتابعوا ما دأبوا عليه سابقاً من كلام ومواقف تناقض في أحيان كثيرة ما ينادي به ​التيار الوطني الحر​ ورئيس الجمهورية.

هذا الامر إنْ دلّ على شيء، فعلى أنّ "الجبهات" السياسية بدأت تتشكل داخل الحكومة ولو من دون الكلام السياسي فيها، وان الحديث عن انسجام وتفاعل مشترك في القضايا المعيشيّة والخدماتيّة والاقتصاديّة يبقى بعيداً عن الواقع، ويحتاج الى الكثير من الجهد والعمل والاصرار لتحقيقه، لانه سيكون مرتبطاً بشكل جذري بالامور والمواضيع السياسية.

وقبل تطبيق شعار "الى العمل" الذي تحمله الحكومة، لا بدّ من تطبيق البنود والاهداف التي وُضعت لهذه الحكومة وهي الكفيلة بتصنيفها خارج اطار من سبقها من حكومات أي في خانة الفشل او بأفضل الحالات "عدم الانجاز".