فجّر "شتاء" هذا العام كل المقولات التي تتحدث عن تغيّر مناخي "سلبي" ل​لبنان​ والمنطقة، ف​الأمطار​ التي تساقطت بالأشهر الماضية، والايام الحالية تكفي لبنان لسنوات فيما لو أحسن استثمارها طبعا. تحطّمت أرقام المتساقطات السنوية، وسجّل شتاء 2018-2019 أرقاما قياسية قد يكون من الصعب تخطّيها في المستقبل، خصوصا أن الخير لن ينتهي مع المنخفض الحالي.

سيطر المنخفض الإيسلاندي على شرق ​اوروبا​ وغرب ​روسيا​ وضرب ​الشرق الأوسط​ بمنخفض اطلسي تحوّل الى عاصفة ثلجيّة في شرق ​ايطاليا​ وصقليّة و​اليونان​ و​ليبيا​ و​تركيا​، وبدأ تأثير العاصفة على لبنان و​سوريا​ و​فلسطين​ بعد ظهر الثلاثاء، واشتدّ منتصف ليل أمس وصباح اليوم، حيث تنهمر ​الثلوج​ على ارتفاع 900 و1000 متر وما فوق وستستمر على هذا الحال حتى نهار غد الجمعة، حيث تنحسر الموجة القطبيّة ويستمر المنخفض الجوّي الذي يحمل أمطارا متفرقة وثلوجًا على ارتفاع 1300 متر وما فوق حتى نهار الثلاثاء المقبل. هكذا يقدّم الخبير بعلم الأرصاد الجويّة الاب إيلي خنيصر نشرته، التي لا تخلو من الشرح المفصّل.

يشير خنيصر في حديث لـ"النشرة"، الى أن ذروة المنخفض الجوي ستكون اليوم مع دخول الكتلة القطبيّة لبنان، ولو أنها لن تكون بنفس القوّة التي كانت عليها في تركيا واليونان وذلك بسبب تعرضها للمرتفع شبه المداري، الذي يمدّها بالدفء فيرفع ​درجات الحرارة​، وبالتالي لكي تعطي الكتل القطبيّة مفعولها يجب ان يتوفر الهدوء بالمرتفع شبه المداري، وأن يكون منخفض ​البحر الأحمر​ مسيطرا على السعوديّة، الأمر الذي يمنع تعرّض الكتل القطبية للمقاومة.

يستمر الهواء القطبي بحسب خنيصر بتأثيراته على المنخفض الجوّي المسيطر على لبنان حوالي 24 ساعة فقط قبل أن تخرج من لبنان، مشدّدا على ضرورة أخذ الحيطة والحذر اليوم في ​المدارس​ التي ترتفع عن 1000 متر وما فوق وإبلاغ الأهالي بسحب أولادهم من المدارس فور بدء ​تساقط الثلوج​ الّتي لن تتوقّف وستزداد خلال النهار.

من جهته يلفت رئيس دائرة التقديرات في مصلحة الأرصاد الجويّة في مطار ​بيروت​ ​عبد الرحمن زواوي​ الى أن المنخفض الجوي الحالي لا يسمى عاصفة، وبالتالي كل الأسماء التي أعطيت له لا تناسبه، مشيرا في حديث لـ"النشرة" الى أن حدّته ليست قوية كمنخفضات شهدها لبنان بالأشهر الماضية. ويضيف زواوي: "كمية ​الامطار​ بالساعات الماضية واللاحقة هذا اليوم قد تصل الى حدود 50 ملم بالمناطق الشماليّة، و30 ملم في بيروت، مع انخفاض ملحوظ بدرجات الحرارة.

الاهم من المنخفض الحالي هو استمرار المنخفضات في شهر آذار، حيث يتفق المختصون على اعتبار هذا الشهر شهر خير، لأن ظروف جذب المنخفضات الجوية الى لبنان لا تزال قائمة لصالحه، فالأرجح أن المنخفض الجوي الحالي لن يكون الأخير، وعندما يأتي "المنخفض الايسلاندي" فوق ​موسكو​ ويتم دراسة قيمه يمكن معرفة مدة مكوثه وبالتالي نسبة زيارة المنخفضات الجوية لبنان.

أما بالنسبة لنسب الأمطار القياسية هذا العام، فقط أصبحت في بيروت حتّى يوم امس 786 ملم بينما المعدل العام لمثل يوم أمس 643 ملم والعام الماضي 429 ملم فقط. في ​طرابلس​ 949 ملم مقابل معدل عام يبلغ 658 ملم، بينما سجّلت العام الماضي 597 ملم. إن هذه الأرقام تعطي صورة واضحة عن كميّات الامطار الكبيرة المتساقطة والتي يُفترض أن تزداد وترتفع بالأيام المقبلة، وذلك يؤدي لأن يكون الشتاء الحالي، الأشهر، بالاعوام العشرة الماضية على الأقل.