منذ أن أعاد تيار "المستقبل" ترشيح ​ديما جمالي​ الى الإنتخابات الفرعية في طرابلس بعدما أبطل ​المجلس الدستوري​ نيابتها نتيجة الطعن الذي قدمه مرشح جمعيّة ​المشاريع الخيرية​ "الأحباش" ​طه ناجي​، إتجهت أنظار قيادة التيار الأزرق نحو الفوز بالمقعد النيابي عبر التزكية. بعد لقاء المصالحة بين رئيس الحكومة سعد الحريري واللواء المتقاعد ​أشرف ريفي​ الذي كان يعتبر المنافس الأقوى لجمالي في عاصمة الشمال، بدأ التيار الأزرق بترجمة نيّته جدياً لتأمين التزكية، وراحت ماكينته تركز إتّصالاتها في عاصمة الشمال على إقناع المرشّحين الآخرين بالإنسحاب من المعركة. وفي هذا السياق، تكشف أوساط المرشحين المستقلين عن إتصالات لا تهدأ مصدرها ماكينة "المستقبل"، تتمنى عليهم الإنسحاب من المعركة بحجة انها "محسومة النتيجة سلفاً، ولتجنيب المدينة معركة إنتخابيّة قد تعيد توتير الأجواء على الأرض في طرابلس، وهذا ما لا يتمناه أيّ فريق أو مرشح". المصادر المتابعة للإنتخابات الفرعيّة تكشف أنّ هذه الإتصالات لا تقتصر على ماكينة ​تيار المستقبل​ فقط بل يشارك فيها أيضاً دعماً لجمالي، مكتب الوزير السابق محمد الصفدي ومكتب رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي.

عندما نتحدث عن نيّة ومساعي لدى تيار "المستقبل" لسحب المرشحين الآخرين يكون المقصود المرشح سامر كباره إبن شقيق عضو الكتلة الزرقاء النائب محمد كباره، ومجموعة من المرشحين المحسوبين على ما بات يعرف بـ"المجتمع المدني". بالنسبة للمرشح كبّاره يراهن تيار "المستقبل" على ما يُحكى في الشارع الطرابلسي عن ضغوط تمارس عليه من قبل عائلته للإنسحاب من المعركة تسهيلاً للوصول الى تزكية جمالي، أما في ما خص المرشحين الآخرين فيتعاطى التيار معهم على قاعدة "المفرّق" طالباً من مفاتيحه وأصدقائه الإتصال بهم بحسب مَوْنة كل متصل على المرشح الذي يتحدّث معه. وعن هؤلاء المرشحين المستقلين، تكشف مصادر طرابلسيّة متابعة عن إجتماع عقد السبت الفائت في منزل الناشط الإجتماعي رامي أسوم في طرابلس بهدف تقريب وجهات النظر فيما بينهم ومحاولة التوافق على إسم واحد يخوض به "المجتمع المدني" المعركة موحّداً ضد مرشحة تيار "المستقبل"، ومن بين الذين حضروا الإجتماع المذكور، عمر السيّد، يحيى مولود، مالك مولوي، فوزي الفرّي، طلال كباره. المجتمعون لم يتخذوا قراراً نهائياً لناحية خوض المعركة بمرشّح واحد، لذلك تركوا إجتماعاتهم مفتوحة على إعتبار أن لديهم الوقت الكافي للقرار. وبحسب أوساط المرشحين المستقلين، يتعاطى هؤلاء مع المعركة بجدّية وحماسة ويراهنون على إستياء الشارع الطرابلسي من إعادة ترشيح "المستقبل" لجمالي ومن غياب التيار الأزرق خدماتياً عن المدينة، ومن عدم تنفيذ الوعود الإنتخابيّة التي أغرق فيها الشارع الطرابلسي قبل إنتخابات العام ٢٠١٨. وإذا إتفقوا على مرشح واحد قد يتمكنون من خلق جوّ من المنافسة ولو عبر الإعلام، وإذا لم ينجحوا وبقي في المعركة أكثر من مرشّح من "المجتمع المدني"، تخاض المعركة من دون تعليق آمال على فوز صعب أو على تسجيل رقم في صناديق الإقتراع، ويكون الهدف الأساس للمشاركة، هو منع التزكية التي يسعى الى تحقيقها تيار "المستقبل".

إذاً، الإنتخابات في طرابلس تحصل تحت عنوانين، الأول هو فوز جمالي بالتزكية، والثاني هو منع تزكيتها، ولكن في الحالتين، فإنّ عودتها الى المجلس النيابي ليست بالأمر المستبعد خصوصاً في ظل الدعم الذي أمّنه لها الحريري من الحلفاء والأصدقاء، وبسبب عدم وجود مرشّح قويّ ينافسها.