ديفيد كوبرفيلد David Copperfield... مَن مِن المأخوذين بعالم الإثارة والألعاب الخفية والخدع السحرية والبصرية لا يعرفه.

ديفيد كوبرفيلد هو أشهر ساحر عالميًا، ذاع صيته في كل دول ​العالم​، ومع تقدم التكنولوجيا وتوسع اليوتيوب ورواج "نتفليكس"، اصبح مثار اهتمام كل محب للشاشة.

لمَن لا يعرفون، فإن من أهم العروض السحرية لديفيد كوبرفيلد إخفاء ​طائرة​ نفاثة وإخفاء ​تمثال الحرية​ والعبور من خلال ​سور الصين العظيم​.

***

تمامًا كما في ​لبنان​!

في هذا الوطن هناك أكثر من "شبيه" لديفيد كوبرفيلد، و"عدّة الشغل": خفة وخدع، والأنكى من كل ذلك ان "الفرجة ليست ببلاش" بل إن المتفرجين، وهم ابناء البلد الطيبون، يدفعون ثمن "بطاقات الفرجة" على شكل فواتير باهظة في مقابل خدمات شبه معدومة.

ديفيد كوبرفيلد يُخفي طائرة نفاثة، "ديفيد كوبرفيلد" اللبناني قادر على اخفاء اموال طائلة تقدر بالمليارات.

ديفيد كوبرفيلد يُخفي تمثال الحرية، "ديفيد كوبرفيلد" اللبناني يُخفي عشرة آلاف تمَّ توظيفهم في المؤسسات الرسمية من دون وجه حق، وبشكل مخالف للقانون، ما تسبب بأعباء هائلة على خزينة الدولة.

"ديفيد كوبرفيلد" اللبناني قادر على إخفاء ان حجم ​القطاع العام​ هو أكثر من 150 الف موظف وليس مئة الف كما قيل، وأن كلفة ​سلسلة الرتب والرواتب​ هي مليارا ​دولار​ وليس 800 مليون دولار.

***

الساحر الأميركي استوحى إسمه من رواية للكاتب البريطاني "تشارلز ديكنز"، فماذا عن "السحرة اللبنانيين"؟

جميعهم استوحوا أسماءهم من رواية "​الفساد​" وهي رواية حقيقية، شخصياتها حقيقية وخدعها غير وهمية:

ليست خدعة أن طن ال​نفايات​ كان يكلِّف مع "المتعهد التاريخي السابق" 169 دولارًا، للطن الواحد، فيما هو اليوم يكلِّف 69 دولارًا.

في السحر هناك خدعة، في الغش والاحتيال هناك خداع.

في السحر، الخسائر وهمية، في الغش والاحتيال هناك خسائر حقيقية:

فكم من طن نفايات كان يُجمَع في اليوم؟

وكم من طن نفايات جُمِع على مدى ربع قرن؟

وكم من الأموال دفعها المواطن زيادة عما كان يجب ان يدفعه؟

هذا هو الفساد بعينه.

هذا هو الهدر بعينه.

ثم مَن قال إن مرور الزمن يسري على مثل هذه الجرائم؟

***

من الأقوال المأثورة لديفيد كوبرفيلد: "من الأخلاق السرية لكل السحرة، عدم الكشف عن الألغاز".

فعلًا، هذه ​القاعدة​ العامة هي التي يعتمدها "ابطال الفساد في لبنان"... لا يكشفون عن الغازهم:

مَن يعرف، على سبيل المثال لا الحصر، لغز بواخر الفيول التي تنتظر في عرض البحر من اجل ان تُفرغ؟ ثم يأتي تطبيق البند الجزائي بدفع غرامات بآلاف الدولارات عن كل يوم تأخير في التفريغ؟

مَن يعرف، على سبيل المثال لا الحصر، لغز عدم استيراد الفيول من دولة إلى دولة وليس عبر شركات خاصة؟

***

لا نحتاج إلى "ديفيد كوبرفيلد" لنعرف ان بعض مَن في السلطة التنفيذية يعرف كيف يمارس "الخدع"، وبعض مَن في السلطة التنفيذية تنطلي عليه الخدع، وبين

"الخادع" و"المخدوع" يدفع المواطن الثمن.

وأخيرًا وليس آخرًا، لا يحتاج اللبناني إلى "ديفيد كوبرفيلد" ليكتشف خدع مافيا ​مولدات الكهرباء​ الذين ركَّبوا عدادات لجيوب المواطنين بدل ان يُركِّبوا عدادات لمعرفة حجم الاستهلاك للتيار الكهربائي.

الملف كبير والمتورِّطون كثر.