فيما التحضيرات الرسمية والسياسية قائمة في عاصمة الشمال ​طرابلس​ للإنتخابات الفرعيّة التي ستجرى في الرابع عشر من نيسان الجاري لملء المقعد السنّي الذي شغر بإبطال المجلس الدستوري نيابة ​ديما جمالي​، لا يترك تيار "المستقبل" خطوة أو مبادرة من دون أن يقدم على القيام بها لتأمين فوز مرشحته جمالي وإعادتها الى طاولة كتلته النيابية والى الندوة البرلمانية ككل. حتى إقفال باب الترشيح الذي رسى على ثمانية مرشحين، يرى المتابعون أن قيادة التيار الأزرق، وخلال إدارتها للمعركة الإنتخابية، نجحت في أمور ولم تنجح في أخرى وقد تكون هذه الأخرى، أي تلك التي لم تحققها القيادة بعد، من الأسباب التي قد تجعل فوز جمالي إذا تحقق، خجولاً وغير مقنع لفريقها السياسي. وفي هذا السياق، تقول مصادر طرابلسية متابعة أن ​تيار المستقبل​ نجح في تأمين أكبر مروحة دعم سياسيّة لجمالي بمجرد إستطاع أن يحظى بدعم رئيس الحكومة السابق ​نجيب ميقاتي​ والوزير السابق ​محمد الصفدي​ واللواء ​أشرف ريفي​، لكن هذه المروحة قد لا تكون كافية والدليل كيف فازت اللائحة المدعومة من اللواء ريفي والمجتمع المدني في الإنتخابات البلدية الأخيرة على لائحة تيار المستقبل المدعومة من ميقاتي والصفدي وفعاليّات طرابلسية أخرى.

أما بالنسبة الى الأمور التي فشل التيار الأزرق في تحقيقها، ودائماً بحسب المصادر الطرابلسية، فتتوزع على الشكل التالي:

أولها، عدم قدرة التيار الأزرق على خلق عنوان للمعركة يمكن من خلاله أن يجيّش الشارع الطرابلسي دعماً لجمالي. في السابق، خاضت قيادة المستقبل معارك إنتخابية عدة تارةً تحت عنوان "الوفاء لدم رئيس الحكومة الشهيد رفيق الحريري" واليوم لم يعد دم الحريري عنواناً يصرف في صناديق الإقتراع، وتارةً أخرى تحت عنوان "كسر حزب الله وحلفائه"، واليوم ليس هناك في المعركة منافسون لجمالي من حلفاء حزب الله بعدما أعلن مرشح جمعية المشاريع وعضو اللقاء التشاوري طه ناجي الذي طعن بنيابة جمالي عزوفه عن الترشح. وبين عنوان "الوفاء لدم الحريري" وعنوان "كسر حزب الله وحلفائه"، خاض التيار الأزرق معركة ضد ريفي الذي إستقال من وزارة العدل متمرداً على الحريري، وإختار لها عناوين "الوفاء لا للغدر"، أما اليوم وبعد عودة ريفي الى دعم مرشحة المستقبل، فلم تعد هذه العناوين تنفع. المعركة مع مرشحين من المجتمع المدني كيحيى مولود و​عمر السيد​ ومع أسماء مغمورة وغير معروفة أبداً كطلال كباره وحامد عمشه ومحمود الصمدي، لا تجيّش الشارع الطرابلسي ولا تملأ صناديق الإقتراع بالظروف يوم الرابع عشر من نيسان المقبل. حتى ترشح النائب السابق ​مصباح الأحدب​، لا يشفي غليل تيار المستقبل بمعركة يراهن فيها على تسجيل رقم يعيد له زعامته التي فقد الكثير منها في طرابلس.

ثانياً، فشل تيار "المستقبل" حتى اللحظة في صرف الدعم السياسي من ميقاتي والصفدي وريفي لجمالي، وتحويله الى ماكينات فاعلة على الأرض، وهنا يطرح السؤال، ما الفائدة من هذا الدعم إذا لم يحرك هؤلاء ماكيناتهم؟ وماذا عن دفع الأموال التي إعتاد عدد كبير من ناخبي طرابلس ومفاتيحها الإنتخابية على تقاضيها مقابل التصويت والتجييش وتأمين الأصوات؟ وهل من أحد في ماكينة التيار الأزرق يعتقد أو يراهن على أن أحداً من حلفاء الحريري سيدفع الأموال لفوز جمالي التي ستنضم في نهاية المطاف الى طاولة كتلة بيت الوسط النيابية؟.

وكما إنسحب سامر كباره، إبن شقيق النائب محمد كباره من المعركة، ماذا لو توالت الإنسحابات وبقي في المعركة إسم مغمور ضد جمالي، فكيف سيتحمس الناخبون للمشاركة؟ وماذا سيفعل تيار المستقبل عندها لرفع نسبة الإقتراع وتأمين أكبر عدد ممكن من الأصوات لجمالي؟.