تتوسط "​الأرز​ة" العلم ال​لبنان​ي، وبالتالي هي رمز لبنان، وكما يعاني هذا البلد من أزمات تعصف به وتهدد وجوده، عانت شجرة الأرز في السنوات الماضية من ازمة كبيرة تمثّلت بحرب ضروس شنتها عليها حشرة "sefalsia-tanourinensts"، الناشئة بسبب تقلّب المناخ الذي جعلها تتفاعل سنويا بعد أن كانت تتفاعل كل ست سنوات، فكيف الحال اليوم بعد موسم شتوي مميز؟!.

منذ عشرين عاما تقريبا بدأت هذه الحشرة بالظهور في غابات الأرز، الأمر الذي جعل القيّمين على الغابات يستعملون المبيدات للحماية، الأمر الذي تجدّد كل فترة، ولكن في السنوات القليلة الماضية أصبح ظهور الحشرة يتكرر أكثر، ولو بكميات أقل من السابق، ولكن اللافت كان أن ​السنة​ الدافئة تستقطب الحشرة وكلما كان فصل الشتاء دافئا كلما ازداد خطرها على غابات الأرز، ما يعني انه بحال ارتفعت معدلات ​درجات الحرارة​ شتاءً فإننا أمام خطر خسارة "الأرزة".

عام 2016 أدرجت منظمة ​الأمم المتحدة​ للتربية و​العلوم​ والثقافة (يونسكو)، في ​تقرير​ لها بعنوان "التراث العالمي و​السياحة​ في مناخ متغير"، غابات الأرز في لبنان كإحدى المواقع التي تتأثر بارتفاع درجات الحرارة، وكان سبق للاتحاد الدولي للمحافظة على ​البيئة​ أن أدرج هذه الشجرة ضمن قائمة الأصناف المهدّدة بالانقراض عام 2009.

كما أثبت فصل الشتاء الماضي "كذب" المنجمين بأحوال ​الطقس​، وأثبت فشل الدراسات التي تتحدّث عن انقطاع ​الأمطار​ عن لبنان، وأثبت أيضا عدم صحة كل التقارير التي تحدّثت عن "قرب انقراض" شجرات الأرز، فهذه الشجرة المعمّرة التي تعيش على ارتفاع 800 الى 2000 متر، صمدت خلال التاريخ، بوجه هذه الحشرة وغيرها، مع العلم بحسب ما يقول أحد القيمين على غابة "أرز الرب" شربل طوق أن هذه الحشرة موطنها الطبيعي لبنان وبالتالي هي ليست مستجدّة.

يشير طوق في حديث لـ"النشرة" الى أنّ ​الثلوج​ لا تزال تغطّي غابة أرز الرب، الامر الذي يجعل هذا الموسم الشتوي متميّزا، فالشجرة نالت كفايتها من ساعات البرودة، كما ساهمت الثلوج بدورة الغابة الطبيعيّة حيث وقعت بعض الأشجار المعمّرة، وهذا من سنّة الطبيعة. ويضيف: "نتوقع هذا العام أن تكون المشاكل أقل من كل السنين الماضية، ولكن لا يمكننا أن نجزم منذ اليوم ان كانت الحشرة ستظهر أم لا، خصوصا كما قلنا سابقا أنّ موطنها الطبيعي لبنان وهي تعيش هنا، ولكن عمليّة تكاثرها تختلف بحسب الحرارة والبرودة والثلوج".

يؤكّد طوق أن الأرز لن ينقرض، وبحال حصل التغيّر المناخي الذي يتحدّثون عنه فإنّ أمورا كثيرة أخرى ستتبدل قبل تبدّل أحوال أشجار الأرز، مشيرا الى أن هذه الأمور تتعلق بدورة ​الحياة​، ولكن ما يهمّنا اليوم هو أنّ هذه الشجرة بخير.

يحمي ​الثلج​ شجرة الأرز لأنّ تواجده لفترة طويلة من العام وذوبانه على مشارف شهر حزيران يجعل حبّة الأرز تُثمر في أوائل الصيف، الأمر الذي يُبقي امامها أشهرا قليلة للصمود، بينما عندما تذوب الثلوج وتُثمر الشجرة في نيسان تتعرض "أكوازها" لليباس، ما يفرض إعادة التحريج مجددا.

اذا، أسكت الشتاء الماضي ألسن المتشائمين، فالأرزة صامدة، وكل ما يُحكى عن بداية نهايتها هو محض كلام.